رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ليبيا» يحذّر من خطر تركيا و«الإخوان»

الفندي قال إن أنقرة تدفع بآلاف المرتزقة للقتال في صفوف «الوفاق»

الفندي رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية
الفندي رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية
TT

رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ليبيا» يحذّر من خطر تركيا و«الإخوان»

الفندي رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية
الفندي رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية

حذّر رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية صالح الفندي، من مخاطر تركيا وتنظيم «الإخوان» على المنطقة، معرباً عن رفضه لتدخلات أنقرة في بلاده، و«دفعها بآلاف المرتزقة» للقتال في صفوف قوات حكومة «الوفاق».
ودافع الفندي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «شرعية التدخل المصري في ليبيا، بحكم الجوار والتاريخ والأمن القومي المشترك»، وقال إن «مجلسه الذي يمثل كل أطياف ومكونات الشعب الليبي، ومن قبله مجلس النواب، والقيادة العامة للجيش منحوا الإذن لمصر، وطلبوا قواتها التدخل لحماية أمننا القومي المشترك، وردع أطماع (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان الاستعمارية... ولا يوجد تفويض أكثر شرعية من هذا».
وذهب الفندي إلى أنهم سيدافعون عن ليبيا بكل قوتهم، مؤكداً: «لدينا مليون مواطن جاهزون ومدربون على حمل السلاح، ويمكننا الدفع بهم إلى ساحة القتال، علاوة على أبنائنا المنخرطين بالفعل في صفوف قواتنا المسلحة»، ورأى أن الرد الأبلغ على الرئيس التركي هو «رؤيته للقبائل وهي تتقدم الجيش المصري إذا ما قرر الدخول إلى ليبيا، وحينها ستقابَل قواته بحفاوة وترحاب من الجميع، وخصوصاً قبائل بالمنطقة الغربية، باستثناء الإسلاميين وحلفائهم بحكومة الوفاق، والميلشيات المسيطرة على العاصمة، ممن يأخذون أوامرهم من قطر وتركيا».
وتابع الفندي موضحاً: «نحن دعمنا جيشنا بأبنائنا، وندعمه مادياً بكل ما نملك، وكل ما لدينا هو تحت تصرف قواتنا المسلحة، لكن ما يقدَّم للوطن لا يتم الإفصاح عنه بالإعلام»، متسائلاً: «بأي حق أو سند شرعي يتحدث إردوغان عن ليبيا؟ هل نسي جرائم أجداده العثمانيين خلال استعمارهم لبلادنا عندما هجّروا قبائل عدة نحو الحدود المصرية؟ أم نسي جرائم قواته وما جلبه من مرتزقة سوريين أعملوا القتل والتدمير في ترهونة؟».
ورد الفندي على ما وصفه بحملات التشكيك في كون مجلسه لا يمثل أطياف الشعب الليبي، بقوله: «تهديدات المحسوبين على حكومة ما يسمى (الوفاق) لنا، ممن يأتمرون بأمر قطر لا تمثل شيئاً... ومجلسنا يمثل كل القبائل الليبية بمختلف المكونات وبعموم البلاد، باستثناء قلة من قبائل المنطقة الغربية».
وأبدى الفندي قدراً من اللوم في معرض حديثه عن دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في تعاطيه مع دور القبيلة، وما سماه «الانحياز» لحكومة «الوفاق»، وقال: «الأمم المتحدة للأسف لم تتعاون مع القبائل، ولم تأتِ إلى بنغازي للاستماع إلينا ولمطالب الشعب الذي نمثله، هم يذهبون إلى طرابلس رغم أنهم يرون بأعينهم أن العاصمة فاقدة للأمن والأمان، والدليل عدم وجود أي سفارة لأي دولة بها». مضيفاً: «هم يرون الحقيقة لكنهم يتجاهلونها، والأمر مشابه عندما يقومون بمساواة (الجيش الوطني) المحترف والمنضبط الخاضع للقانون والنظم العسكرية، بالميليشيات المسلحة بالغرب، التي تقتل وتختطف المواطنين»، لافتاً إلى أن «المحتل جلب لنا حتى الآن أكثر من 15 ألف مرتزق سوري، يتقاضى كل واحد منهم ألفي دولار شهرياً، فيما لا يزيد راتب جل الليبيين من أصحاب العائلات الكبيرة عن ألف دينار... نحن من سنحاكم هؤلاء».
ورأى الفندي أن «أغلب إنفاق الحكومات التي تعاقبت على طرابلس منذ 2011 انحصر على الميليشيات، إذ لم ينجز مشروع واحد في ليبيا... لا مدارس أو مستشفيات أو خدمات، المال هناك يُصب في يد الصغار الذين يتباهون بحيازة السلاح، حتى تمكنت قيادات الميليشيات من جمع ملايين الدولارات، وامتلاك السيارات الفارهة... هذه الفئة هي من تحمي السراج والعاصمة الآن».
ووجه رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل الليبية الدعوة إلى دول الجوار، خصوصاً الجزائر وتونس، لمساندة الموقف المصري في «ردع الأطماع التركية»، محذراً من مخططات أنقرة بعيدة المدى لـ«تدمير المنطقة»، بقوله: «نعم إردوغان يهدف إلى استنزاف النفط والغاز الليبي، لكن الهدف الرئيسي يتمثل في التخطيط لتدمير المنطقة، فالكل يعرف جيداً خطورة العناصر الإرهابية التي أحضرها من سوريا على أمن المنطقة، وبالتالي يجب على الجميع التكاتف لصد هذا العدوان الغاشم».
وانتهى الفندي مدافعاً عن المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بقوله: «هذا رجل وطني، وإيماننا به جعلنا ندفع أبناءنا للانضمام تحت قيادته، حيث استطاع أن يبدأ تكوين الجيش بـ170 رجلاً فقط، ليخوض معارك قوية في مواجهة الإرهابيين في مدن شرق ليبيا، وصولاً إلى العاصمة. لكن المنتفعين بالسلطة والمال هناك خافوا على مقاعدهم، فاستعانوا بالأتراك لمجابهة الجيش الوطني».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.