محاولة أفريقية جديدة لتذليل عقبات اتفاق السد الإثيوبي

أديس أبابا حجزت كمية مياه تساوي حصة الملء الأول

سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل (أ.ف.ب)
سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل (أ.ف.ب)
TT

محاولة أفريقية جديدة لتذليل عقبات اتفاق السد الإثيوبي

سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل (أ.ف.ب)
سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل (أ.ف.ب)

في محاولة جديدة تبدو أخيرة، يسعى الاتحاد الأفريقي، عبر قمة افتراضية مصغرة اليوم (الثلاثاء)، إلى تذليل عقبات توقيع اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة»، الذي تُقيمه الأخيرة على نهر «النيل الأزرق»، ويثير مخاوف مصر والسودان من تأثيره على إمداداتهما من المياه.
وتضم القمة رؤساء دول وحكومات مكتب الاتحاد الأفريقي والدول الثلاث، فضلاً عن مراقبين أفارقة ومن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتأتي عقب فشل مفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي جرت مطلع يوليو (تموز) الجاري، على مدار 11 يوماً، في تحقيق أي تقدم يذكر.
وعشية الاجتماع الأفريقي المرتقب، أطلع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الأميركي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي أمس، على مستجدات ملف سد النهضة، وفق بيان للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية. وذكر المتحدث الرسمي أن الاتصال تناول تبادل الرؤى بشأن تطورات الموقف الحالي للملف، فضلاً عن بعض الموضوعات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين، دون مزيد من التفاصيل.
وتأتي القمة الأفريقية وسط تأكيدات بأن إثيوبيا قد شرعت فعلاً في ملء بحيرة السد، وأنها على وشك تخزين مياه مساوية لحصة الملء الأول لبحيرة السد. وبحسب مسؤولين سودانيين، تنعقد القمة عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» برئاسة رئيس الاتحاد الأفريقي سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، بحضور مراقبين أوروبيين وأفارقة وأميركان، لمتابعة ما تم الاتفاق عليه في القمة المصغرة التي عقدت في 26 يونيو (حزيران) الماضي، وبحث التطورات التي شهدتها جلسات التفاوض بين البلدان الثلاثة، وتعثرت لأسباب قانونية وفنية.
وقالت مصادر سودانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن القمة ستشهد مشاركة عدد من البلدان الأفريقية كمراقبين للمرة الأولى، وإن الشقة بين الأطراف على القضايا الخلافية بين الأطراف قانونية وفنية، ليست بعيدة، لكنها تحمل أبعاداً سياسية عاقت الوصول لاتفاق على ما تبقى.
وأكدت المصادر أن إثيوبيا شرعت في ملء سد النهضة من طرف واحد، وهو ما ترفضه دولتا السودان ومصر. وأوضحت أن المؤشرات ومعدلات تدفق المياه عند خزان الروصيرص السوداني، تشير إلى «التحكم الإثيوبي» في انسياب المياه، ما يشير لبدء إثيوبيا عملية الملء من طرف واحد، وذلك بعد أيام من النفي الإثيوبي الرسمي لبدء ملء بحيرة السد.
وتوقعت مصادر مختصة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تكون إثيوبيا قد حجزت من المياه ما يقدر بحوالي 4.9 مليار متر مكعب خلال الفترة التي تحكمت فيها بالمياه، وهي تعادل حصة المياه المتفق عليها للتخزين في السنة الأولى. ورجحت أن تعود مياه النهر لمعدلاتها الطبيعية، بعد تخزين الطرف الإثيوبي لحجم المياه المتفق عليه. وقالت: «إن حجز المياه من قبل الإثيوبيين، يحقق عدداً من الأغراض، منها أن أديس أبابا ستدخل التفاوض اليوم، وهي متخففة عن الضغوط الشعبية التي تطالبها بملء البحيرة».
ويتمسك السودان بموقفه الرافض لأي تصرفات أحادية تتعلق بملء سد النهضة وتشغيله، ويتمسك بالوصول لاتفاقية دولية ملزمة للأطراف تحقق المصالح المشتركة لكل الأطراف، وتحفظ الحقوق من تغول طرف على آخر.
وتعثرت المفاوضات الثلاثية بخلافات على قضايا فنية وقانونية، تتعلق بآلية المنع وتشغيل السد، وتوقيع اتفاقية دولية ملزمة، بما يحفظ حقوق الأطراف الثلاثة دون ضرر أو ضرار.
وكان السودان قد كشف، أول من أمس، تراجعاً كبيراً في مناسيب مياه النيل الأزرق عند الخرطوم، وانحساراً في حجم المياه الواردة، تأثرت به محطات تنقية مياه الشرب في بعض أنحاء العاصمة الخرطوم، وأن سلطات المياه المحلية اضطرت لإنزال محطات الضخ لأدنى مستوى، وأرجعت الشح الذي تعانيه بعض أنحاء المدينة من شح في مياه الشرب إلى انحسار مياه النهر.
وتهطل الأمطار في الهضبة الإثيوبية بين شهري يونيو وسبتمبر (أيلول)، لتغذي نهر النيل بـ80 في المائة من مياهه عبر النيل الأزرق. ويبلغ الفيضان ذروته منتصف أغسطس (آب) سنوياً، وبحسب الرصد السوداني فإن معدلات المياه الواردة عند خزان الروصيرص أقل من المعدل المعتاد في مثل هذا الوقت من موسم الأمطار.
ويفتح إخفاق الاتحاد الأفريقي في التوصل إلى اتفاق في خصوص «سد النهضة»، الباب أمام عودة الملف إلى مجلس الأمن، وفق مراقبين في القاهرة، حيث سبق وأن تقدمت مصر بمشروع قرار لحل النزاع، قبل أن يتدخل الاتحاد الأفريقي في القضية، برغبة إثيوبية، ويقرر مجلس الأمن إفساح المجال أمام الجهود الإقليمية.
ويتوقع الخبير في الشأن الأفريقي، الدكتور حمدي عبد الرحمن، أن يسفر الاجتماع الأفريقي اليوم عن تشكيل لجنة وساطة مشتركة مع وجود مراقبين آخرين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لتسوية الخلافات حول السد.
واستبقت مصر الاجتماع الأفريقي، باجتماع طارئ لـ«مجلس الدفاع الوطني»، أول من أمس، أكد «استمرار مصر في العمل على التوصل إلى اتفاق شامل بشأن المسائل العالقة في قضية سد النهضة، وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد، وذلك على النحو الذي يؤمن للدول الثلاث مصالحها المائية والتنموية، ويحافظ على الأمن والاستقرار الإقليمي».
واعتبر صلاح حسب الله، المتحدث باسم مجلس النواب المصري (البرلمان)، اجتماع مجلس الدفاع الوطني، بمثابة طمأنة للرأي العام المصري بشأن إدارة ملف سد النهضة، كما أنه يبعث برسائل للمجتمع الدولي في خصوص «الثوابت والسياسات المصرية الواضحة والحاسمة بشأن الملف». وقال حسب الله، في بيان أمس، إن هناك مجموعة من الرسائل أهمها أن «تأكيد المجلس استمرار مصر في العمل على التوصل إلى اتفاق شامل بما يؤمن للدول الثلاث مصالحها المائية ويحافظ على الأمن الإقليمي».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.