لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تسخر من تقرير الأمم المتحدة بشأن سليماني

أحد أعضائها لـ («الشرق الأوسط»): الجنرال الإيراني يملك بيتا في المنطقة الخضراء

الجنرال قاسم سليماني يتوسط مقاتلين أكرادا في إحدى مناطق ديالى في أكتوبر الماضي
الجنرال قاسم سليماني يتوسط مقاتلين أكرادا في إحدى مناطق ديالى في أكتوبر الماضي
TT

لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تسخر من تقرير الأمم المتحدة بشأن سليماني

الجنرال قاسم سليماني يتوسط مقاتلين أكرادا في إحدى مناطق ديالى في أكتوبر الماضي
الجنرال قاسم سليماني يتوسط مقاتلين أكرادا في إحدى مناطق ديالى في أكتوبر الماضي

سخر عضو في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي من تقرير الأمم المتحدة الذي يشير إلى التقاط صور وتسجيلات فيديو لقائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني داخل العراق، من منطلق أن ذلك يعد «خرقا» لحظر السفر المفروض عليه منذ عام 2007.
وقال عضو اللجنة ورئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي، مثال الآلوسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «قاسم سليماني لا يحتاج إلى إذن من أحد عند دخوله إلى العراق وخروجه منه، بل هو أعلن أكثر من ذلك، كما أعلن عن مشاركته في المعارك الدائرة ضد تنظيم داعش»، مضيفا أن «سليماني يملك بيتا في المنطقة الخضراء في بغداد التي تضم مقرات الحكومة والسفارة الأميركية نفسها».
وأشار الآلوسي إلى أن «سليماني الذي يعرف أن عليه حظرا للسفر لا يمكنه أن يجازف لولا أن هناك رضا أميركيا، وبالتالي فإنه يشعر بالأمان نتيجة لوجود توافق أميركي - إيراني بشأن العديد من القضايا المهمة في المنطقة، إذ إن أميركا أطلقت يد إيران في كل من اليمن وسوريا والعراق مقابل الملف النووي الإيراني، والرئيس الأميركي باراك أوباما يريد أن يدخل التاريخ ولو من أسوأ أبوابه لمجرد التوافق على الملف النووي الإيراني». وأوضح الآلوسي أن «سليماني الذي لا تستطيع الحكومة العراقية منعه من أي تحرك إنما يتحرك بإشارة من أوباما في إطار صفقة بين واشنطن وطهران».
وكان مراقبون لعقوبات الأمم المتحدة أعلنوا في نيويورك أول من أمس أن صورا التقطت داخل العراق يبدو أنها تؤكد وجود سليماني في خرق لحظر على السفر فرضته المنظمة الدولية. ويخضع قاسم سليماني لحظر دولي على السفر وتجميد للأصول فرضهما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 2007.
وقال جنرال إيراني في سبتمبر (أيلول) إن سليماني كان في العراق، وإنه يلعب دورا حيويا في القتال ضد متشددي «داعش». وجاء في تقرير يقع في سبع صفحات أعدته لجنة الخبراء بشأن إيران التابعة للأمم المتحدة اطلعت عليه وكالة «رويترز» أن سليماني «التقطت له صور فوتوغرافية وتسجيلات مصورة في عدد من المناسبات يزعم أنها في العراق». وأضاف «ذكر تقرير أن إحدى الصور تظهره قرب مدينة آمرلي في شمال العراق بعد أن استعادت قوات عراقية المدينة من تنظيم داعش». وتضمن التقرير صورة فوتوغرافية يزعم أنها لسليماني في العراق.
وكانت تقارير إعلامية إيرانية أقرت نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأن سليماني هو «القائد الفعلي» للقوات العراقية التي تقاتل «داعش»، مضيفة أن الشعب العراقي يثق بقواته وليس بالتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وأن ذلك أثار حفيظة الجنرال الأميركي المتقاعد، جون آلن، الذي ينسق جهود التحالف. وفي تقرير لها قالت وكالة «فارس» الإيرانية شبه الرسمية والمقربة من الحرس الثوري إن ما وصفته بـ«التحالف المزعوم» ضد «داعش» بدأ «يضمحل تحت راية قائد ميداني تربع في قلوب شرفاء العراق باسم سليماني».
من ناحية ثانية، نفى مسؤول إيراني كبير، أمس، تصريحات نسبتها له صحيفة بريطانية حول تنفيذ إيران غارات على تنظيم داعش في العراق، مؤكدا أنها تعرضت إلى «تأويل خاطئ». ونقلت صحيفة «الغارديان» عن نائب وزير الخارجية الإيراني إبراهيم رحيم بور، السبت، أن إيران شنت غارات جوية «دفاعا عن مصالح أصدقائنا في العراق»، وبدت هذه التصريحات مناقضة للموقف الرسمي لطهران التي لم تؤكد حتى الآن هذه الغارات على شرق العراق بداية الأسبوع الماضي. ونقلت الصحيفة أيضا قوله «ليس لدينا أي تنسيق مع الأميركيين، قمنا بالتنسيق مع الحكومة العراقية فقط».
ونفى رحيم بور أمس هذه التصريحات، شارحا أنه رد على سؤال حول غارات جوية محتملة بالقول إن «العراق بشكل عام حليف إيران، ونحن مستعدون لتوفير المساعدة العسكرية إذا طلبت منا الحكومة العراقية ذلك». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش مؤتمر دولي في طهران «أخطأوا في تأويل تصريحاتي». وتنفي إيران باستمرار أن تكون لها قوات في العراق وترفض المشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد مقاتلي «داعش».



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.