اتهامات للحكومة الجزائرية بـ«الإهمال» بعد وفاة وزير سابق في السجن

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)
TT

اتهامات للحكومة الجزائرية بـ«الإهمال» بعد وفاة وزير سابق في السجن

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

اتهمت عائلة وزير جزائري سابق، توفي في السجن متأثرا بفيروس كورونا، وزارة العدل بـ«التهاون في علاجه»، وأكدت عزمها رفع شكوى للقضاء ضد إدارة السجن الذي دخله بتهم فساد. وقال حقوقيون إن هناك «شكوكا قوية» في أن متابعين قضائيا، أصيبوا بالعدوى أثناء محاكمات لم تحترم فيها شروط التباعد الجسدي، وأنهم نقلوا الفيروس إلى الزنزانات.
وقال أحد أقارب عائلة الوزير الأسبق المتوفى موسى بن حمادي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن إخوته يحملون وزارة العدل باعتبارها الجهة المسؤولة عن مصير المساجين، «مسؤولية تهاونها في توفير الرعاية الصحية له». ونقل عنهم أن وزير البريد وتكنولوجيا الإعلام بين أعوام 2011 و2013. بدت عليه أعراض الإصابة بكورونا مطلع الشهر الجاري، وقدم طبيب العيادة له أدوية لمدة أيام لكنها لم تخفف عنه المرض، حسبهم.
وأكد قريب بن حمادي (63 سنة)، أن حالته ازدادت سوءا بعد أسبوع. مشيرا إلى أن إدارة السجن لم تنقله إلى المستشفى إلا بعد أن شعر بصعوبة كبيرة في التنفس، وذلك الأربعاء الماضي. وقد توفي ليل الجمعة، بعدما عجزت أجهزة التنفس الصناعي عن إبقائه حيا. وذكر قريب المسؤول الحكومي سابقا، أن إدارة السجن «تحرَكت متأخرة جدا، وقد كان لديها متسع من الوقت لتدارك الموقف لكنها لم تفعل، لهذا فعائلة بن حمادي تتهمها بالتهاون في حقه لأنها لم تنقذه». وشيع الوزير الأسبق أمس، بمنطقة رأس الماء (250 كلم شرق العاصمة) التي يتحدَر منها، بحضور إمام مسجد ونجليه فقط. ومنعت السلطات المحلية المئات من الأشخاص، من حضور الجنازة لدواع صحية.
واتهم القضاء بن حمادي في وقائع تخص هدر مال عام وسوء تسيير، تتعلق بفترة توليه المسؤولية الحكومية. وهو من القياديين البارزين في «حزب السلطة» «جبهة التحرير الوطني»، الذي سجن زعيماه السابقان محمد جميعي وجمال ولد عباس، بتهم فساد. ويتواجد شقيقان لبن حمادي في السجن بتهم فساد، وهما من كبار رجال الأعمال. وتم الإفراج بشروط عن شقيق ثالث له، منذ شهرين، يسير شركة كبيرة لإنتاج الأجهزة الإلكترونية والكهربائية ملك للعائلة. وهو لا يزال محل متابعة قضائية. ويشار أيضا إلى أن رئيسي الوزراء سابقا أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، يتواجدان في المستشفى منذ أسبوع بعد إصابتهما بالفيروس في السجن. وجرى إدانتهما بأحكام ثقيلة في أربع قضايا، تتعلق بفساد كبير خلال عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وفي سياق مخاوف أظهرتها عائلات آلاف المساجين، بخصوص حالتهم الصحية، بعد وفاة بن حمادي، أفاد محامون يرافعون في قضايا مسؤولين حكوميين ورجال أعمال متابعين قضائيا، أنهم يشكون في أن الكثير منهم أصيب بالفيروس أثناء محاكمات جرت في الأشهر الماضية، ولم تتوفر فيها شروط الوقاية وبخاصة التباعد الجسدي.
وقال خالد بورايو محامي رجل أعمال بارز أدانه القضاء الأسبوع الماضي بـ12 سنة سجنا، لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن المحاكمة التي رافعت فيها لم يسمح بدخولها لعامة الناس، كما جرت العادة قبل الوباء، لكن الكثير ممن كانوا حاضرين لم يحترموا مسافة التباعد».
وأضاف: «بعضهم كان يرتدي كمامة بطريقة سيئة لا تحميه من الفيروس، وتعرَض غيره لخطر الإصابة. ونحن الدفاع لا نستبعد أن يكون موكلنا أصيب بالوباء، هو وأشقاؤه المتابعون في نفس القضية، خلال جلسات المحاكمة التي دامت أسبوعا كاملا، وبالتالي يوجد احتمال أنهم نقلوا الفيروس لدى عودتهم إلى السجن. لذلك نطالب من إدارة السجون ووزارة العدل، أن تتحملا مسؤولية توفير الوقاية في المحاكم وعلاج المساجين، فهم محرومون من حريتهم فقط أما العلاج فهو حق لهم مثل بقية المواطنين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».