«جلد مغناطيسي» للتحكم عن بعد باليد أو العين

تصميم فريد لمساعدة المصابين بالشلل أو ممارسة الألعاب الإلكترونية

«جلد مغناطيسي» للتحكم عن بعد باليد أو العين
TT

«جلد مغناطيسي» للتحكم عن بعد باليد أو العين

«جلد مغناطيسي» للتحكم عن بعد باليد أو العين

قد يتذكر البعض منا سلسلة الأفلام الملحمية الفضائية التي يغلب عليها طابع الخيال العلمي وتحمل اسم «حرب النجوم» حيث كان أول إصدار لها في عام 1977. وهي من تأليف وإخراج الأميركي جورج لوكاس. قصة الفيلم تدور حول الحرب الأهلية التي تندلع في مجرة بعيدة في الفضاء وعن الصراع بين إمبراطورية الشر في المجرة من جهة ومقاتلي «الجيداي» من جهة أخرى والذين يمتلكون مهارات وقدرات خارقة مثل التخاطب العقلي وتحريك الأشياء عن بعد.
ومن أفلام الخيال العلمي إلى واقع اليوم فنحن نشهد العديد من التنبؤات التي قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من أن تكون حقيقية ماثلة أمام أعيننا، فمثلا طوَّر مهندسون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بالسعودية مؤخرا جلداً مغناطيسياً جديداً يمكنه التحكم عن بُعد في المفاتيح، ولوحات المفاتيح.
التقنية الجديدة عبارة عن جلد صناعي ممغنط قابل للارتداء، يتَّسم بالمرونة وخفة الوزن، مما يجعله مفيداً في التطبيقات المختلفة دون الحاجة إلى اتصال سلكي بأجهزة أخرى.
يقول مهندس الكهرباء، الدكتور يورجن كوسيل، أستاذ الهندسة الكهربائية المشارك ورئيس مجموعة الاستشعار والمغناطيسية والأنظمة المصغرة بكاوست الذي قاد المشروع: «تحتاج الجلود الإلكترونية الصناعية عادة إلى مصدر طاقة وذاكرة بيانات أو شبكة اتصال، ويتضمّن هذا بطاريات وأسلاكاً ورقاقات إلكترونية وهوائيات بشكل يجعل ارتداء الجلود غير مريح. لكن الجلد المغناطيسي الذي لدينا لا يحتاج إلى أي من هذا. وعلى حد علمنا، فهو الأوَّل من نوعه».
يُصنَع الجلد المطوَّر من مصفوفة بوليمرية فائقة المرونة، ومتوافقة حيويّاً ومليئة بالجسيمات الدقيقة الممغنطة. «ويمكن تفصيله بأي شكل ولون، مما يجعله غير ملحوظ، بل وذا مظهر عصري»، حسب قول عبد الله المنصوري، طالب الدكتوراه في كاوست، والمهتم بإيجاد حلول لتجميع الطاقة والدوائر الرقمية ذات الإشارات المختلطة وأجهزة توفير القدرة اللاسلكية. ويشير المنصوري إلى أن عملية التصنيع غير مُكلّفة وبسيطة. ويضيف: «يمكن لأي شخص بدء مشروعه للجلود الصناعية بعد بضع دقائق من التدريب إذا توافرت لديه الأدوات والمواد».
واختبر الفريق الجلدَ المغناطيسي لتتبّع حركات العين عن طريق ربطه بالجفن بواسطة جهاز استشعار مغناطيسي متعدّد المحاور في مكان قريب. وحركة العين تُغيّر المجال المغناطيسي الذي اكتشفه المستشعر سواء فُتح الجفن أم أُطبِق. ويمكن دمج المستشعر في إطارات النظارات أو قناع النوم أو وشمه كوشم إلكتروني على الجبهة. ويتّسم بإمكانية استخدامه واجهة بين الإنسان والحاسوب لمن يعانون من الشلل أو من أجل الألعاب، وفي تحليل أنماط النوم، ومراقبة حالات العين، مثل تدلّي الجفون، أو مراقبة يقظة السائقين.
من جانب آخر وصَّل الفريق الجلدَ بأحد أطراف أصابع قفاز من اللاتكس المطاطي ووضعوا مستشعراً داخل مفتاح مصباح. وعندما يقترب الجلد المغناطيسي من المستشعر - بمسافة يمكن تعديلها - يعمل المصباح أو يتوقّف تشغيله. وقد يكون هذا التطبيق شديد الأهمية بشكل خاص في المختبرات والممارسات الطبية، حيث يكون التلوّث مصدَر قلق. ويوسّع كوسيل وفريقه من التطبيق حالياً ليمكن استخدامه في كرسي متحرك يجري التحكم فيه عن طريق الإيماءات، وفي واجهة تعمل دون تلامس بين الإنسان والحاسوب، ولوضع جهاز طبي حيوي غير مؤذٍ.



«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.