في الذكرى الخامسة والعشرين لفوز بلاكبيرن روفرز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، نتحدث إلى بعض الأشخاص الذين شاهدوا المباراة الأخيرة للفريق في ذلك الموسم أمام ليفربول على ملعب «آنفيلد»، انتظر نادي بلاكبيرن روفرز 81 عاماً للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرة أخرى، ففي موسم 1994 - 1995 دخل الفريق الجولة الأخيرة من المسابقة وهو متصدر جدول الترتيب بفارق نقطتين عن ملاحقه مانشستر يونايتد. وفي الرابع عشر من شهر مايو (أيار)، ذهب بلاكبيرن إلى ملعب «آنفيلد»، لكنه خسر أمام ليفربول بهدفين مقابل هدف وحيد، وبالتالي كان مشجعو بلاكبيرن يمنون النفس بألا يحقق مانشستر يونايتد، بقيادة المدير الفني الاسكوتلندي السير أليكس فيرغسون، الفوز على وستهام يونايتد، حتى يحصل فريقهم على اللقب.
وانتهت المباراة التي أقيمت بين مانشستر يونايتد ووستهام يونايتد على ملعب «آبتون بارك» في التوقيت نفسه بالتعادل، ليحصل بلاكبيرن روفرز على اللقب، في أحد أكثر المواسم إثارة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز. وكان الفوز باللقب بمثابة تتويج للتحول الكبير الذي أحدثه جاك ووكر، رجل الأعمال المحلي الذي قام بتمويل النادي في ذلك الوقت، والمدير الفني كيني دالغليش، حيث نجح الرجلان في تحويل النادي من مجرد نادٍ صغير في المدينة إلى بطل للدوري الإنجليزي الممتاز. وبعد مرور خمسة وعشرين عاماً على هذا الانتصار التاريخي، نتحدث إلى بعض الأشخاص الذين كانوا في ملعب «آنفيلد» في ذلك اليوم التاريخي، بالإضافة إلى شخص آخر لم يكن هناك في ذلك اليوم.
تيم فلاورز
كان كيني دالغليش يهتم بأدق التفاصيل في كل شيء يقوم به؛ التعاقد مع اللاعبين الجدد، والخطط التكتيكية والفنية، ودراسة الفرق المنافسة. لقد اتصل دالغليش بنحو عشرة أشخاص مختلفين لكي يسألهم عن شخصيتي وطباعي قبل التعاقد معي. لقد كان يلعب معنا في بعض الأحيان في التدريبات، وكان وهو في الرابعة والأربعين من عمره أفضل لاعب لدينا!
وعندما انضممت للفريق للمرة الأولى، كنا نتدرب في قرية «بليزينغتون»، التي تضم عدداً من الملاعب التي كانت مخصصة في الأساس لمسابقات الهواة التي كانت تلعب يوم الأحد من كل أسبوع، وكانت هذه الملاعب توجد بجوار محرقة الجثث. وغالباً ما كانت التدريبات تتوقف مع مرور عربات الموتى بجانبنا.
وفي أول يوم لي في النادي، رأيت كيني دالغليش محمولاً على أعناق مساعده، راي هارفورد، لكي يقوم بوضع شريط على عارضة المرمى. كانت الرياح شديدة للغاية، لذلك استخدموا بعض الكتل الخرسانية من أجل تثبيت الشبكة.
وفي بعض الأيام، كنا نستخدم الرايات الركنية فقط من أجل صناعة قوائم للمرمى. وكنا نعود إلى استاد إيوود لتناول وجبة الغداء. لكن بعد ذلك اشترى رجل الأعمال جاك ووكر ملعب التدريب الجديد، الذي كان مجهزاً بكل الأشياء الضرورية.
لقد كانت روح الفريق رائعة، وكانت تجمعنا علاقة ممتازة في غرفة خلع الملابس. كنا نبقى في لندن قبل المباريات، وكان اللاعبون يحصلون على طفايات حريق عبر البوابات. وبالنسبة لبطولة كأس الدرع الخيرية لعام 1995، فقد حصل الجميع على بدلة وقميص جديدين، لكن شخصاً ما قطع أكمام الملابس الخاصة بي وبكريس ساتون. ركبنا الحافلة للذهاب إلى الملعب، وكان الجميع صامتين، ولم يتفوه أي شخص بأي كلمة. لم أعرف أبداً الشخص الذي قام بقص الأكمام، لكنني أشك في ديفيد باتي وجيسون ويلكوكس، لأنهما كانا مشاغبين.
وفي ملعب «آنفيلد»، كانت الأجواء غريبة. أتذكر أنني كنت أمام مدرج «كوب»، وقد سمعت صيحات الجماهير وهي تحتفل بإحراز آلان شيرار هدفاً في مرمى ليفربول في الشوط الأول، لأن جمهور ليفربول لم يكن يريد أن يفوز مانشستر يونايتد بلقب الدوري. وعندما هدأت الأمور في الشوط الثاني اعتقدت أننا نجحنا في المهمة وأننا سنفوز بالمباراة. لكن عندما سجل جيمي ريدناب هدف الفوز لليفربول اعتقدت أننا قد خسرنا اللقب. لكن في غضون ثوانٍ قليلة تلقى جمهورنا أخباراً سارة من ملعب وستهام يونايتد، وكان كيني دالغليش مذهولاً لدرجة أنه لم ينظم حفلاً للاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي. لم نكن نريد أن نخرج للاحتفال بهذا اللقب في مدينة مانشستر القريبة، لذلك ذهبنا للاحتفال في المطعم الفرنسي «بيسترو فرنش» في بريستون.
ونظم جاك ووكر موكباً حول نادي بلاكبيرن في اليوم التالي. لقد كان ووكر أكثر شخص متواضع رأيته على الإطلاق، للدرجة التي كانت تجعلك تشعر بأنه لا يملك أي شيء. لقد ناديته في أول لقاء بيني وبينه بـ«السيد ووكر»، لكنه قال لي: «لا تنادِني هكذا، ولكن قل لي جاك». كان يأتي إلى غرفة خلع الملابس قبل وبعد كل مباراة، سواء خسرنا أو فزنا أو تعادلنا، وكان يتحدث إلينا، ولم نشعر يوماً ما بأنه يتعالى على أي شخص. وكان يلعب مع اللاعبين بعض الألعاب المسلية، وكان الشخص الفائز يحصل على 20 جنيهاً إسترلينياً، لكنه لم يكن يخسر أبداً.
جيسون ويلكوكس
المدير الحالي لأكاديمية مانشستر سيتي للناشئين
كان نادي بلاكبيرن روفرز يضم عدداً من اللاعبين القادرين على القيام بدور القادة داخل الملعب وخارجه. وكانت هناك ميزة كبيرة في هذا الفريق؛ وهي أن الجميع يشعر بالغضب عندما يتم ارتكاب أي خطأ. كانت الحصص التدريبية تركز بصورة كبيرة على الجوانب البدنية، ولم يكن هناك أي مكان يمكن أن نختبئ به للهروب من هذه التدريبات الشاقة. لقد كانت التدريبات أصعب من المباريات في بعض الأحيان، وحتى تدريبات يوم الجمعة في اليوم السابق للمباريات الرسمية. وكانت عقلية الفوز مسيطرة على جميع اللاعبين.
تعرضت للإصابة بقطع في الرباط الصليبي في شهر أبريل (نيسان)، وهو الأمر الذي كان محبطاً ومدمراً بالنسبة لي. في الوقت الحالي، من السهل التعافي من هذه الإصابة، لكن في ذلك الوقت كانت هذه الإصابة القوية تنهي مسيرة اللاعب التي يتعرض لها. كنت في الثالثة والعشرين من عمري وأضع دعامة على ركبتي وأنا في ملعب «آنفيلد»، لكنني ذهبت إلى هناك في حافلة الفريق، وكنت موجوداً داخل غرفة خلع الملابس قبل بداية اللقاء.
لقد شاهدت المباراة من النفق المؤدي للملعب، وهو نفق ضيق للغاية في ليفربول، ولم أكن قادراً على الوقوف على قدمي. وكان كل مشجعي ليفربول يطلعوننا أولاً بأول على نتيجة لقاء مانشستر يونايتد. لقد حاولنا أن نركز في أجواء اللقاء وألا نعرف نتيجة مباراة مانشستر يونايتد، لكن ذلك كان مستحيلاً. وعندما أطلق حكم اللقاء صافرة النهاية، لم أكن قادراً على النزول إلى أرض الملعب، لكنني رميت عكازاتي ونزلت أخيراً إلى الملعب. كان يتولى تدريب بلاكبيرن روفرز المدير الفني الأسطوري كيني دالغليش، لذا كان الفوز بلقب الدوري على ملعب «آنفيلد» خيالاً. لقد كان جمهور ليفربول استثنائياً في تلك المباراة، لكن انتباتني مشاعر متناقضة في ذلك اليوم بسبب معاناتي من الإصابة، فقد كنت أشعر بالغضب والأسف بسبب ما أعانيه، لكنني كنت سعيداً وفخوراً للغاية بما حققه الفريق. لم أكن أعتقد أنني أستحق الحصول على ميدالية، لكن كيني دالغليش وتيم شيروود جعلاني ألتقط واحدة.
لقد لعب تيم دوراً أساسياً في فوزنا بتلك البطولة، خصوصاً بعد تعرض ديفيد باتي للإصابة. لقد كان لاعباً صلباً، كما كان صريحاً للغاية، ولم ينل التقدير الذي يستحقه، على الرغم من أنه كان قائد الفريق. كما كان يتمتع بشجاعة كبيرة في التعامل مع الكرة في المواقف الصعبة، وكان يجيد استخلاص الكرات من لاعبي الفرق المنافسة والانطلاق داخل منطقة الجزاء، وكان دائماً ما يتقدم خلف المهاجمين. لقد كان تيم ومارك أتكينز يلعبان دوراً رائعاً في خط الوسط. ولم يحظَ أتكينز بالإشادة التي يستحقها، رغم أنه كان يبذل مجهوداً كبيراً وكان يسجل العديد من الأهداف المهمة.
مات سميث
ولد أبي في بلدة داروين، لذلك فهو يعشق نادي بلاكبيرن روفرز، ولا يزال كثير من أفراد أسرتي يعيشون في شارع بلاكبيرن. لقد ذهبنا إلى ملعب ويمبلي لمشاهدة المباراة التي فاز فيها بلاكبيرن روفرز على ليستر سيتي، وهي النتيجة التي أدت لصعود الفريق إلى الدروي الإنجليزي الممتاز عام 1992، لكن مباراة الفريق أمام ليفربول على ملعب «آنفيلد» كانت في مستوى مختلف تماماً. ولن أنسى ما حييت مشاهدة تلك المباراة على شاشة التلفزيون، فقد كنت أشاهدها في الصالة مع صديقي المفضل، ومع والدي، بالإضافة إلى صديق آخر كان من مشجعي مانشستر يونايتد. أتذكر أن كيني دالغليش كان يقف بجوار خط التماس وعلامات الحسرة على وجهه، وكانت تلك المشاعر السلبية تسيطر علينا جميعاً.
ومع إطلاق حكم اللقاء صافرة النهاية ومعرفتنا بفوز بلاكبيرن روفرز باللقب، أصيب والدي بالجنون التام. ودخلت أمي وطلبت منه الهدوء، لأن صديقي الآخر، الذي كان يشجع مانشستر يونايتد، كان غاضباً للغاية. لكن والدي لم يتوقف وكان يصرخ قائلاً: «لا أهتم بأحد، فقد فاز بلاكبيرن روفرز بلقب الدوري!»، لا تزال كل تلك التفاصيل محفورة في ذاكرتي، وسوف تظل كذلك حتى يوم وفاتي. لقد كانت كرة القدم هي أعظم شيء أشاركه مع والدي، وكان فوز الفريق الذي نشجعه بلقب الدوري هو إحدى أفضل اللحظات في حياتي.
مارتن تايلر
كان اليوم الأخير من ذلك الموسم يوماً مهماً للغاية بالنسبة لشبكة «سكاي سبورتس»، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها بث مباراتين في وقت واحد، لكن تقديمنا للاستوديو التحليلي قبل مباراة بلاكبيرن روفرز وليفربول على ملعب «آنفيلد» قد تأثر كثيراً بإذاعة المباراة النهائية لكأس الاتحاد للهواة واستمرارها لمدة 45 دقيقة لما بعد بداية لقاء بلاكبيرن وليفربول، وهو الأمر الذي تسبب في حالة من الفوضى. وقد فاز الفريق الذي أشجعه - نادي ووكينغ - بهذه البطولة، لذا كنت سعيداً للغاية وكنت أرقص في الغرفة عندما كانت تتم قراءة التشكيلة الأساسية لليفربول وبلاكبيرن روفرز. لقد كان ذلك يوماً استثنائياً لنادي بلاكبيرن ولكيني دالغليش، الذي كان قد رحل عن ليفربول في عام 1991. عندما سجل ريدناب لم أسمع شيئاً عن نتيجة مباراة مانشستر يونايتد، لكن رد فعل جمهور بلاكبيرن روفرز قد أخبرنا بكل شيء. لقد توقفت لحظة من أجل التفكير فيما سيحدث، وتدخل أندي غراي وأخذ زمام المبادرة في التعليق على المباراة، وكان دائماً رائعاً في مثل هذه المواقف.
وتحدث مراسلنا، نيك كولينز، مع كيني دالغليش بعد نهاية المباراة. وطوال الموسم، كان كيني دالغليش يعطي كولينز إجابات مقتضبة، لكن بعد تلك المباراة تبادل الاثنان الأدوار، ولعب دالغليش دور المراسل وبدأ يطرح الأسئلة على كولينز، الذي كان يجيب باقتضاب شديد أيضاً، ثم ظل الاثنان يضحكان. لقد كانت لحظة جميلة، ولا يمكنني أن أتخيل ما يعنيه ذلك اليوم بالنسبة لدالغليش، بعدما قاد بلاكبيرن روفرز للحصول على اللقب على ملعب فريقه السابق ليفربول.
بوب ماسون
ذهبت لمشاهدة تلك المباراة مع أحد أصدقائي. كان الجميع يسعى للحصول على تذكرة لتلك المباراة، ونجحنا في الحصول على بعض التذاكر من مصنع للجعة كان راعياً لتلك المباراة. أوقفنا سيارتنا بجوار «ستانلي بارك» وسرنا إلى الملعب قبل ساعة من انطلاق المباراة وكانت الأجواء مشحونة للغاية. كان بعض مشجعي ليفربول يحملون أوشحة لنادي بلاكبيرن روفرز، وكان الجميع يريد منا أن نحقق الفوز. كانت هناك بالونات في كل مكان، وكانت الأجواء احتفالية للغاية، كأننا في كرنفال.
وكان كثير من مشجعي بلاكبيرن روفرز يحملون أجهزة راديو لمتابعة مباراة مانشستر يونايتد، وقد اشتعلت الأجواء عندما علموا أن وستهام يونايتد قد أحرز هدفاً، ثم اشتعلت الأجواء مرة أخرى عندما أطلق الحكم صافرة النهاية على ملعب «آبتون بارك». لقد فاز ليفربول بالمباراة، وفزنا نحن بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، لذلك كان الأمر مثالياً.
أنا أبلغ من العمر 83 عاماً وبدأت مشاهدة مباريات بلاكبيرن روفرز من الملعب منذ عام 1946. لقد كنت حاملاً للتذاكر الموسمية لمشاهدة مباريات بلاكبيرن روفزر على مدار عقود. وكنا نعتقد أن جاك ووكر نجح في إعادة بلاكبيرن إلى المكانة التي يستحقها والتي يجب أن يكون عليها. لقد كان آلان شيرار ساحراً، أليس كذلك؟ وأعاد شيروود الأمور إلى نصابها. لقد شعرنا بحزن شديد عندما رحل جاك ووكر عن عالمنا، لكننا الآن في وضع جيد مرة أخرى، ولا نحتاج الكثير لكي نعود للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.