الأردن: سجال نيابي على خلفية جهود مكافحة الفساد

الأردن: سجال نيابي على خلفية جهود مكافحة الفساد
TT

الأردن: سجال نيابي على خلفية جهود مكافحة الفساد

الأردن: سجال نيابي على خلفية جهود مكافحة الفساد

أكد رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز أن «حماية المال العام مطلب للجميع؛ ولكن ما إن يدخل حيز التنفيذ حتى يواجه معارضة ومقاومة شديدة من البعض».
وشدد الرزاز، في كلمة متلفزة عبر منصات التواصل الاجتماعي التابعة للحكومة، على الإجراءات التي يقوم بها فريقه الحكومي في حماية المال العام، وعلى إنفاذ القانون، قائلاً إن «جزءاً من المعارضة لتلك الإجراءات قد يكون بسبب تظلمات مشروعة، وجزءاً آخر قد يكون مقاومة من جهات تكسبت من الوضع القائم على مدى عقود، وأي تغيير في هذا الوضع سيؤثر على مصالحها، لذا تجدها تبذل كل ما لديها من جهد لمقاومة أي تغير قد يمس بمكتسباتها».
وأكد الرزاز أنه في جميع الحالات، فإن «القضاء هو الفيصل، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولا يجوز استباق قرار القضاء وإصدار الأحكام بحق أي شخص لم يبتّ القضاء بأمره».
في السياق، وقع 86 نائباً على بيان رفضوا فيه بياناً سابقاً لرئيس مجلسهم عاطف الطراونة تحدث فيه عن جهات «لم يسمّها» تتبنى حملة ممنهجة للتشهير بعائلته والنيل منه، سجّلت أحدث تطوراتها بتوقيف شقيقه في السجن، الذي شغل موقع نقيب المقاولين السابق، على خلفية اتهامات «تتعلق بهدر المال العام والغش».
وفيما وقع الطراونة بيانه بصفته رئيساً لمجلس النواب، استهجن 86 نائباً استعمال منبر الرئاسة لأمر أو أمور خاصة برئيس المجلس وأسرته؛ وفق البيان، والبحث في قضايا ليست موجودة في المجلس، بل منظورة أمام القضاء، ولا يسمح النظام الداخلي للمجلس بتناولها.
ورفض بيان النواب عقب اجتماع تداعوا له الأحد، استخدام منبر الرئاسة، واتهام الدولة باستهداف تشويه صورة مؤسسة البرلمان عبر استهداف مبرمج لرئيس المجلس وأسرته، لأنه لا يعبر عن إرادة المجلس.
وأوضح البيان أن منبر رئاسة مجلس النواب، وحسب الدستور والنظام الداخلي الصادر بموجبه، يسمح للرئيس بأن ينطق باسم المجلس، ولكن هذه المُكنة لا تسمح له بأن ينطق بأمور خارجة عن اختصاص المجلس.
واستغرب الموقعون أن ذكر بيان رئيس المجلس بأن الكرة في ملعب الرأي العام «بدل أن يقال إنها في محراب العدالة وأمام الجهات القضائية المختصة التي نروم عدالتها المشهود لها من خلال سيادة القانون التي نادى بها المجلس ورئيسه منذ سبع سنوات، مؤكدين أن هذا المنطق هو الذي يمثلنا».
ورحب البيان بالإجراءات الحكومية الحازمة في مواجهة التهرب الضريبي وبعض قضايا الفساد، وبأي إجراء يهدف إلى تحصيل المال العام أو استرداده، مشيرين إلى مطالب نيابية قبل وبعد إقرار قانون ضريبة الدخل بإيجاد آلية حكومية للحد من انتشار ظاهرة التهرب الضريبي، فضلاً عن المطالب النيابية المتكررة لمواجهة قوى الفساد وكشفه في كل مكان من أجهزة الدولة.
وتابع بيان الـ86 نائباً التأكيد على «ضرورة الشد على يد كل مسؤول نظيف يسهم في كشف الفساد والمفسدين وإحالتهم للقضاء صاحب الكلمة الفصل في البراءة أو الإدانة، أما الذي يخشى الذهاب للقضاء، فذلك يعني انفلات الأمور والعودة إلى منطق شريعة الغاب».
وكان الطراونة قد فجّر جدلاً واسعاً في البلاد بعد إصداره، الأحد الماضي، بياناً باسمه للمرة الأولى، اتهم فيه جهات «لم يسمّها» بتبني حملة ممنهجة للتشهير بعائلته والنيل منه.
وجاء بيان الطراونة على خلفية توقيف شقيقه الأحد الماضي، والإعلان حول ذلك في بيان رسمي لـ«هيئة النزاهة ومكافحة الفساد» في البلاد، التي لم تأت على ذكر اسمه صراحة ووصفته «بأنه مقاول كبير»، فيما أصدرت في وقت لاحق بياناً آخر شرحت فيه حيثيات التوقيف قائلة إنه «جاء بعد التحقيق في مخالفات لمشروع عطاء حيوي يعرف بـ(طريق السلط الدائري)»، فيما طالب الطراونة رئيس السلطة التنفيذية بعدم استغلال الأجهزة الرقابية لتحقيق مآربها السياسية؛ على حد تعبيره.
وأكد الطراونة في البيان أن ما يجري «يعد سابقة خطيرة ويتجاوز شرف الخصومة السياسية، ويشكل استغلالاً للقانون، في ظل غياب الرقابة القضائية والتشريعية على تطبيق أحكامه، كما يعكس انفراد السلطة التنفيذية وتغولها على السلطة القضائية رغم أن العدالة والسياسة ضدان لا يجتمعان».
ولم تكن قضية توقيف نقيب المقاولين السابق هي الأولى التي تخرج للرأي العام، حيث سبق نشر «تسريبات» عبر مواقع التواصل الاجتماعي مجهولة المصدر، تتعلق بمداهمات أمنية لشركات للعائلة، بحجة «ملاحقتها ضريبياً»، في حين عدّ الطراونة أن الحكومة سعت إلى التشهير به، عبر جميع الملفات والقضايا التي طرحت أمام الرأي العام مجتزأة، وأنه تابع كل الأحكام المسبقة التي صدرت نتيجة التعسف باستخدام القانون والسلطة، مشدداً على أن المماطلة والتسويف في الذهاب إلى القضاء تسببت في محاكمته إلكترونياً.
واتهم رئيس مجلس النواب الأردني، الذي أعلن عدم ترشحه للانتخابات البرلمانية المقبلة، بأن ما يجري معه هو تغطية لأخطاء الفساد الإداري في الحكومات المتعاقبة، عبر اتهامات منظمة دون مسوغ قانوني، متسائلاً عما «إذا (كانت) المرجعيات المختصة في الدولة أرادت محاربة الفساد»، ودعا الرأي العام إلى الاستناد لمنطق الأحكام، وليس الاستسلام للبيانات المعلبة، التي جرى «التجهيز لها بروح الخصومة وليس بروح القانون»، بحسب تعبيره.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه البلاد جدلاً واسعاً حول موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، التي لم يحسم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مسألة إجرائها؛ وفق ما يمنحه الدستور من صلاحيات.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.