«الطعام الأخضر»... طاهٍ مصري يستلهم الخبرة اليابانية لتقوية المناعة

تطعيم «الإكلير» بـ«شاي الماتشا»

TT

«الطعام الأخضر»... طاهٍ مصري يستلهم الخبرة اليابانية لتقوية المناعة

بشغف كبير، تمكن الشيف المصري ميدو برسوم، من مزج اللون الأخضر ودمجه بجميع الأطباق والوصفات التي يقدمها عبر فقرات للطهي على الفضائيات المصرية، أو مدونته الغذائية، في استلهام بديع للمطبخ الياباني، سعياً كما يقول «لتصحيح مفهوم لدى البعض بأن هذا المطبخ لا يقتصر على أطباق (السوشي)؛ لكنه ثري بأطباقه الرائعة، ومنها ما هو قريب من الذوق العربي».
يوظف برسوم الاحتفاء الياباني بالخضراوات والأعشاب التي لا ينمو بعضها سوى هناك، في خدمة المفهوم الذي تقوم عليه مدونته، وهو «الطعام الأخضر»، وهو ما بات يعرف به كمقدم فقرات للطهي ببعض البرامج الفضائية المعروفة، مثل: «الستات مايعرفوش يكدبوا»، و«هي وبس».
يقول برسوم لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا اللون «مهم لمعظم المطابخ، إلا أن أهميته تزيد في الياباني؛ خصوصاً الخضراوات غير المطهية، مثل السلطة، أو ما يتم به تزيين الأطباق الرئيسية؛ حيث يقوم هذا المطبخ على فلسفة أن العين تنتعش والنفس تتوق لكل ما هو أخضر، وأنه حتى الطبق الذي نكتفي فيه بإضافة عود عشب أو قليل من الخضراوات الطازجة، فإنه يجعلك تشعر كما لو كنت تتناوله وسط المروج الخضراء، بعد أن قطفه الطاهي للتو من الشجرة ووضعه في طبقك».
ومن أهم الأعشاب التي يعتمدها الشيف الشاب في أطباقه، «الوسابي» الذي ينمو على طول مجرى الأنهار في الوديان الجبلية في اليابان، و«يكتسب أهمية خاصة عن سائر الأنواع التي تنمو في بلدان أخرى؛ لتفرده بمذاقه المميز وفوائده العظيمة في اكتساب المناعة؛ لأنه غني بفيتامين C، كما أنه يمكن أن يكون خط الدفاع القوي ضد مسببات أمراض الجهاز التنفسي والالتهاب الرئويـ ما يفيد في مقاومة (كوفيد- 19)».
لكن الأمر لا يقتصر على المكونات والإضافات وحدها، إنما أيضاً طريقة الطهي، يقول برسوم: «من أكثر الأخطاء انتشاراً في منطقة الشرق الأوسط، الطعام المسبك والمبالغة في مستوى نضج الطعام؛ حيث نميل إلى (تمام النضج الكامل) إلى حد أن الخضراوات تكاد تذوب في الصلصة الحمراء، ما يفقدها لونها الأخضر وكثيراً من قيمتها الغذائية، على العكس من الاحتفاظ بالخضراوات طازجة في المطبخ الياباني، من خلال قدر معقول من الحرارة ووقت الطهي، ومما يساعد على ذلك تقطيع الخضراوات شرائح نحيفة توفر كثيراً من الجهد والوقت أثناء نضج الطعام».
ومن أشهر أطباقه «الكافيار الأخضر» المستعار، إذ يتخذ منه اسمه وشكله فقط؛ لكنه في الواقع يعتمد على تقطير سائل أخضر، يتكون من خلط مجموعة أعشاب بالسوق المصرية، مثل الكزبرة والبقدونس والجرجير معاً، وطحنها حتى تصبح كالسائل، ومن ثم يتم تقطيرها بشكل معين مع الجيلاتين في الزيت الساخن على النار، فتتكون قطع صغيرة تشبه الكافيار!
ومن الأطباق الخضراء التي يمزج فيها بين الثقافتين المصرية واليابانية، طبق الملوخية (المصرية) التي يصبها على قطع دجاج صغيرة تعلو طبق الأرز الياباني المسلوق بالبخار، وكذلك طبق الرنجة، ويتكون من شرائح طولية رفيعة توضع أعلى الأرز الياباني «الدونبوري» المضاف إليه قطع من البروكلي والبقدونس والخيار.
أما شجرة الكريسماس فهي أيقونة طعامه الأخضر في المناسبات، وهي عبارة عن شرائح سوشي يجسدها على شكل شجرة صغيرة، بينما يكوِّن من «أرز السوشي الياباني» شكلاً هرمياً، ومن ثم يدهنه بالأفوكادو المهروس، وبعده يلصق أعواداً صغيرة من الكزبرة أو البقدونس عليه؛ ليبدو مثل فروع الشجرة، ويتبع ذلك «تطعيم» الشجرة وتزيينها بالكافيار الأحمر، وهكذا لا يخرج طبق من يده إلا وكان للون الأخضر حضور خاص به، حتى لو كان عوداً صغيراً من النعناع أو الكزبرة.
وأطلق برسوم مدونته الغذائية التي تحمل اسمه عام 2013، وقال: «كان ذلك في البداية بهدف نشر ثقافة الغذاء في المنطقة العربية. لم تكن المدونات واسعة الانتشار كما الآن، وكنت أرى أن المطبخ العربي رغم زخم تراثه وثراء مكوناته فإنه يفتقد إلى حد ما الأسس العلمية والمرجعية الأكاديمية والمكونات الدقيقة، وذلك ما حاولت أن أحققه عبر المدونة».
ويقدم برسوم مجموعة كبيرة من وصفات الحلوى الخضراء على الطريقة اليابانية، وبالطبع يعتمد هنا على مكونات أخرى تختلف عن أطباق المالح، وفي مقدمتها شاي «الماتشا الياباني» وهو عبارة عن ورق شاي مجفف ومطحون، ومن أهم ما يميزه هو احتفاظ أوراقه بلونها الأخضر حتى بعد عملية تجفيفها وبعد تعرضها للطهي، وله قيمة غذائية مرتفعة للغاية.
ومن أشهر أنواع الحلوى التي يقدمها «الإكلير الأخضر» الذي يتم تطعيمه من الداخل بـ«الماتشا»، وتعلوه طبقة من السكر المطحون المختلط بعجينة «الموتشا الخضراء».
وعبر مدونته يقدم أيضاً واحداً من أنواع الآيس كريم الياباني الأخضر أيضاً، والمصنوع من كريمة «موتشي»، وهي عبارة عن عجينة تنضج على البخار، وتُصنع من دقيق الأرز، ويقوم بإحاطتها بعجينة «الموتشي» أيضاً من الخارج، ليكون ملمسها مثل «الملبن».
لا يكف الشيف ميدو عن ابتكار واستلهام الأطباق الخضراء، إلى جانب البحث عن كل ما هو جديد في هذا المجال في مصر والعالم ووضعه بين أيدي متابعيه، ولا يتردد دوماً في تقديم النصائح لهم حول معايير جودة «الطعام الأخضر»، وأفضل سبل شراء الخضراوات وتقطيعها وحفظها وطهيها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.