السعودية تلاحق عبر الإنتربول مسؤولاً سابقاً بتهم الفساد المالي

سعد الجبري تربح من المال العام وبدد مليارات الدولارات خلال عمله في «الداخلية» وإشرافه على صندوق مكافحة الإرهاب

سعد الجبري وزير الدولة السابق في وزارة الداخلية السعودية
سعد الجبري وزير الدولة السابق في وزارة الداخلية السعودية
TT

السعودية تلاحق عبر الإنتربول مسؤولاً سابقاً بتهم الفساد المالي

سعد الجبري وزير الدولة السابق في وزارة الداخلية السعودية
سعد الجبري وزير الدولة السابق في وزارة الداخلية السعودية

تواصل السعودية حملاتها لمكافحة الفساد التي تجيء هذه المرة من خارج الحدود، حيث يعمل محققون سعوديون على ملاحقة مسؤول سابق هارب إلى كندا، بتهم فساد وتربح من المال العام للدولة خلال فترة عمله في وزارة الداخلية، وإشرافه على صندوق مكافحة الإرهاب السعودي.
كانت السعودية قد قطعت عهداً، عبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بملاحقة قضايا الفساد، وتأكيده قبل 3 أعوام أنه لا أحد سينجو من قضية فساد «أياً من كان».
والمطارد الآن هو سعد الجبري، وزير الدولة السابق في وزارة الداخلية المتهم بتبديد مليارات الدولارات، الذي تسعى الرياض إلى استعادته من كندا التي فر إليها في 2017. وقد أصدرت السعودية طلبات تسليم وإخطارات للشرطة الدولية (إنتربول) لتوقيف الجبري الذي بات الآن هارباً دولياً ترفض كندا تسليمه.

وتعمل السعودية عبر أجهزة ولجان خاصة بمكافحة الفساد على تحقيق العدالة، في ضوء اختلاسات للمال العام. وقد كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أول من أمس (الجمعة)، تفاصيل مثيرة عن «شبكة فساد» كان يديرها الجبري خلال فترة عمله في وزارة الداخلية، تضم مجموعة من الأشخاص قامت بإساءة صرف ما يقارب 11 مليار دولار من الأموال الحكومية، منحوا أنفسهم منها مليار دولار على الأقل «بشكل مباشر، فيما أنفق ما تبقى من المبلغ بطرق غير صحيحة».
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن تقريرها المطول استند إلى «التأكد من تفاصيل التحقيق السعودي، والبحث بشكل أكبر في النتائج التي تم التوصل إليها من قبل مسؤولي المخابرات الأميركية والأوروبية».
ولفتت الصحيفة إلى أن تلك الشبكة استفادت من خلال تحميل الحكومة مزيداً من الرسوم، مقابل العقود التي كانت تبرم مع شركات غربية كبيرة. كما أنها استخدمت الحسابات الخارجية المرتبطة بالبنوك الغربية الكبيرة لتحويل الأموال. وذلك الأمر نقلته الصحيفة الأميركية وفقاً لأشخاص مطلعين على عمل المحققين.
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مصادر أن عمل الشبكة جرى بموافقه المسؤول آنذاك ولي العهد (السابق) محمد بن نايف، معتبرة أن القضية تثير تساؤلات عن «المحسوبية والصفقات التجارية والإثراء الشخصي المزعوم باسم مكافحة الإرهاب».
وكان الجبري، بحسب الصحيفة «ثاني أكثر شخصية نافذة في وزارة الداخلية، حين كان يتولاها محمد بن نايف لسنوات». وقد أشارت إلى أن الجبري «أدار صندوقاً خاصاً للوزارة يشرف على الإنفاق الحكومي على جهود مكافحة الإرهاب ذات الأولوية العالية، والمكافآت التي كانت تمنح للجبري وآخرين، وفقاً للوثائق التي راجعتها الجريدة».
وعلى الرغم من أن الجبري كان الشخص الأكثر تواصلاً مع الولايات المتحدة فيما يخص قضايا مكافحة الإرهاب في العالم العربي لأكثر من 15 عاماً، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، فإنه بات هارباً دولياً تلاحقه أجهزة الدولة السعودية بتهم حول قيام مجموعة من الأشخاص الذين كان يقودهم.
وكشفت التحقيقات السعودية أنه خلال فترة عمله في وزارة الداخلية قد أساء صرف ما يقارب 11 مليار دولار من الأموال الحكومية، وحصوله لنفسه وأقاربه ومعاونيه عليها من دون وجه حق.
وخلال 17 عاماً أشرف فيها الجبري على الصندوق «تدفق ما يقارب 19.7 مليار دولار من خلاله»، تقول التحقيقات إن 11 مليار دولار منها تم إنفاقها بشكل غير صحيح، من خلال رفع رسوم العقود، أو تحويلها إلى وجهات أخرى «بما في ذلك حسابات مصرفية خارجية يسيطر عليها الجبري وعائلته وشركاؤه، بالإضافة إلى محمد بن نايف».
وقال متحدث باسم الحكومة السعودية للصحيفة الأميركية إن الحكومة لا تعلق على التحقيقات القائمة، فيما رفض الجبري التعليق على الاتهامات. وأكد مسؤولون سعوديون معنيون أنهم يحاولون تقديم الجبري للعدالة، في إطار الحملة التي ينفذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمكافحة الفساد.
وكانت وكالات الاستخبارات الأميركية «على علم بدخول الشركات المرتبطة بعائلة الجبري في شراكة مع الموردين العسكريين الأميركيين، مما حقق أرباحاً من مشتريات الحكومة السعودية من تلك الشركات». ونقلت الصحيفة عن وثائق مصرفية ومسؤولين أن «الأموال تدفقت من خلال بنوك دولية» على الجبري وعائلته وأعضاء الشبكة.
وحظي الصندوق الذي تأسس للقضاء على الإرهاب محلياً بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، بجزء كبير من ميزانية وزارة الداخلية لتسهيل عمله، غير أن «الجبري أنشأ نظاماً يمكنه هو وزملاؤه من الاستفادة منه»، بحسب الصحيفة.
وإحدى الأدوات الرئيسية لشبكة الجبري، كما تقول الصحيفة، كانت شركة «تحكم التقنية التي تم تسجيلها في عام 2008، ومولتها الوزارة، لكنها كانت مملوكة في بعض الأحيان لشقيق الجبري، وابن أخيه، واثنين من زملائه المقربين، كما تظهر سجلاتها».
واشترت الشركة البرمجيات والأجهزة من شركات تكنولوجيا أميركية «وأعادت بيعها للحكومة، غالباً بأرباح كبيرة». وكشفت الصحيفة أن «جزءاً كبيراً من الأموال التي تدفقت خارج الوزارة ذهب إلى شركة (سكب القابضة) التي تلقت أكثر من 26 مليار ريال (6.9 مليار دولار) في الفترة من 2008 إلى 2014»، وفقاً للحسابات المصرفية ووثائق التحويل التي استعرضتها الصحيفة التي أوضحت أن «سكب» حولت بانتظام عشرات الملايين من الدولارات إلى حسابها في مصرف بجنيف «حيث يتم إرسال بعض هذه الأموال إلى حسابات بأسماء مساعدي الجبري».
ورصدت الصحيفة، دفع «سكب» أكثر من 28 مليون دولار في أبريل (نيسان) 2017 لشركة الجبري في جزر العذراء، ونحو 15 مليون دولار لشريك الجبري، و2.7 مليون دولار لـماجد المزيني، ابن أخت الجبري، كما تُظهر الوثائق المصرفية.
وفي المحصلة «تلقى الجبري نحو 250 مليون دولار من شركة (سكب)، وشركات أخرى ممولة من وزارة الداخلية»، وفقاً لوثائق مصرفية وأشخاص مطلعين على التحقيقات الجارية في المملكة.
ووفقاً لما توصل إليه المحققون السعوديون، فإن «الجبري، وشقيقه، واثنين من أبناء أخيه، واثنين من زملائه، قد تلقوا أكثر من مليار دولار من المدفوعات المباشرة». وتحقق الرياض أيضاً في مليارات الدولارات من تدفقات الأموال الأخرى غير المباشرة، وعقودٍ مبطنة.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن «محمد بن نايف تلقى مئات الملايين من الدولارات مباشرة من شركة (سكب)، لكن في بعض الحالات تم دفعها لشركات أخرى عملت لوزارة الداخلية، وذلك بحسب السجلات المصرفية والأشخاص المطلعين على التحقيق السعودي».
ولفتت الصحيفة إلى أن تلك الترتيبات انتهت في 2017 عندما خرج الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد، وسعى الأمير محمد بن سلمان إلى تفكيك نظام المحسوبية.
وتم نقل ملكية شركة «تحكم التقنية» إلى الحكومة، واكتشف المحققون السعوديون أن وزارة الداخلية دفعت للشركة أكثر من 11 ألف دولار مقابل كل قطعة للحصول على ألفي هاتف أرضي وهاتف محمول آمن، تكلفته 500 دولار فقط، بحسب الأشخاص المطلعين على التحقيق.
وتظهر سجلات رسمية أميركية، وإيصالات الإيداع الخاصة بالشركات، أنه في عام 2013، اشترت الشركات التابعة لسعد الجبري، وابنه خالد، شقة بنتهاوس في بوسطن بمبلغ 3.5 مليون دولار، وأربع وحدات أخرى في المبنى نفسه مقابل ما بين 670 ألف دولار وما يزيد بقليل عن المليون دولار.
ووفقاً لسجلات أميركية أيضاً، اشترت شركة أسسها الجبري وابنه، ويديرها الأخير، شقة بقيمة 4.3 مليون دولار في فندق «ماندارين أورينتال» في بوسطن عام 2017. وهذا العام، أنفقت الشركة 13.75 مليون دولار أخرى على الشقق في فندق «فور سيزونز» ببوسطن. ووفقاً لأقاربه، فإن الجبري يمتلك أيضاً منازل في تورونتو، حيث يقيم حالياً، وفي تركيا كذلك.


مقالات ذات صلة

«الإنتربول» يعلن توقيف 219 شخصاً في 39 دولة بتهمة الاتجار بالبشر

العالم رجل يمر عبر لافتات «الإنتربول» في معرض «الإنتربول» العالمي بسنغافورة في 2 يوليو 2019 (رويترز)

«الإنتربول» يعلن توقيف 219 شخصاً في 39 دولة بتهمة الاتجار بالبشر

أعلن «الإنتربول»، الاثنين، أن 219 شخصاً أوقفوا في إطار عملية واسعة النطاق ضد الاتجار بالبشر نُفّذت بشكل مشترك في 39 دولة.

«الشرق الأوسط» (ليون )
العالم تُظهر الصورة التي التُقطت في 19 فبراير 2024 إشعاراً بالإزالة أصدرته مجموعة من وكالات الاستخبارات العالمية لموقع ويب قرصنة يسمى «لوك بت» (رويترز)

تفكيك مجموعة القرصنة الإلكترونية «الأكثر إضراراً» في العالم

فُكِّكت مجموعة «لوك بت» للقرصنة الإلكترونية التي توصف بأنها «الأكثر إضراراً» في العالم، خلال عملية للشرطة الدولية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أعاد الوصف إلى الأذهان العنكبوت البرازيلي الشديد السمّية المتجوّل والذي من المعروف أنه يوجد في شحنات الموز (شاترستوك)

«صدمة مقزّزة» أصابت الموظف... عنكبوت كبير يغلق متجراً في النمسا

اضطرّ متجر في النمسا إلى إغلاق أبوابه 3 أيام للتعامل مع مشكلة غير مألوفة تتعلّق بالعناكب، قبل أن يعيد فتحه.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا شعار وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) (رويترز)

القبض على 62 في حملة دولية على شبكة للاتجار في البشر

ونسق «اليوروبول» و«الإنتربول» التحقيق الدولي الذي قاد للحملة على شبكة تهريب المهاجرين.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
العالم «إنتربول»: توقيف 14 ألف شخص في أميركا اللاتينية بعد عملية أمنية واسعة

«إنتربول»: توقيف 14 ألف شخص في أميركا اللاتينية بعد عملية أمنية واسعة

أعلنت الشرطة الجنائية الدولية «إنتربول»، اليوم (الثلاثاء)، توقيف أكثر من 14 ألف شخص وضبط ثمانية آلاف سلاح ناري خلال عملية أمنية واسعة جرت في أميركا الوسطى واللاتينية، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وإضافة إلى الأسلحة النارية، تمّ خلال عمليات الدهم ضبط أكثر من 200 طن من الكوكايين وغيرها من المواد المخدّرة بقيمة 5.7 مليار دولار و370 طنا من المواد الكيميائية التي تستخدم في تصنيع المخدرات، وفق ما أفادت الهيئة ومقرّها فرنسا. وقالت «إنتربول» في بيان، إنّ العملية التي أطلق عليها «تريغر تسعة» هي «الكبرى التي نسّقتها على صعيد ضبط الأسلحة النارية». وقال الأمين العام للمنظمة يورغن شتوك في بيان «حقيق

«الشرق الأوسط» (ليون)

فيلم «ولاد رزق 3» يحقق مبيعات تتجاوز 12 مليون دولار

فريق عمل «ولاد رزق 3» عبّروا عن سعادتهم بنجاحات الجزء الثالث (هيئة الترفيه)
فريق عمل «ولاد رزق 3» عبّروا عن سعادتهم بنجاحات الجزء الثالث (هيئة الترفيه)
TT

فيلم «ولاد رزق 3» يحقق مبيعات تتجاوز 12 مليون دولار

فريق عمل «ولاد رزق 3» عبّروا عن سعادتهم بنجاحات الجزء الثالث (هيئة الترفيه)
فريق عمل «ولاد رزق 3» عبّروا عن سعادتهم بنجاحات الجزء الثالث (هيئة الترفيه)

واصل فيلم «ولاد رزق 3» نجاحاته اللافتة في دور السينما العربية والغربية، محققاً إيرادات بلغت أكثر من 12 مليون دولار خلال 13 يوماً منذ بداية عرضه.

ويعدّ الفيلم الأضخم إنتاجاً في تاريخ السينما العربية بميزانية قاربت 8 ملايين دولار، برعاية من «هيئة الترفيه» السعودية و«موسم الرياض»، وتم تصوير أحداثه في المملكة ومصر بإنتاج تضاهي جودته الأعمال السينمائية العالمية.

وشهدت الرياض في 17 يونيو (حزيران) الماضي حفل تدشينه الرسمي، برعاية المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة، الذي أكد سعادته بدعم الفن العربي، وقال إن «الهدف هو تحقيق النجاح من خلال فيلم يستفيد منه (موسم الرياض)، ولكن الطموح يتجاوز ذلك بكثير»، كاشفاً عن «إنتاجات سعودية، عربية، وعالمية قادمة».

وتدور أحداث الموسم الثالث من الفيلم الذي جاء بعنوان «القاضية» حول قصة تتضمن عودة «أولاد رزق» إلى الجريمة بعد مرور سنوات على انفصال الإخوة في طرقهم المختلفة بالحياة، وفي يوم من الأيام يعود شبح من الماضي ليلقي بظلاله عليهم، ما يجبرهم على العودة إلى حياة الجريمة والسرقة مرة أخرى حتى ينجوا بأنفسهم، في عملية مصيرية هي الأكبر والأخطر والأهم في تاريخهم.

واعتمدت فكرة الجزء الجديد على استئناف «ولاد رزق» عمليات السرقة بعد سنوات من التوقُّف بهدف سرقة ساعة يرتديها الملاكم البريطاني تايسون فيوري خلال مشاركته في «موسم الرياض»، لتنطلق الأحداث حاملةً مَشاهد الأكشن والمطاردات التي صُوِّرت غالبيتها في «البوليفارد»، بالإضافة إلى شوارع العاصمة السعودية.

الفيلم من بطولة النجم أحمد عز، وعمرو يوسف، وكريم قاسم، ومحمد لطفي، وآسر ياسين، وسيد رجب، ونسرين أمين، ومحمد ممدوح، وأحمد داود، وعلي صبحي، ويضم مجموعة من ضيوف الشرف منهم الملاكم العالمي تايسون فيوري، والنجم كريم عبد العزيز، وهو من تأليف صلاح الجهيني، وإخراج طارق العريان.

وعبّر طاقم العمل عن سعادتهم الكبيرة بإنتاج هذا الفيلم، بالتعاون مع هيئة الترفيه و«موسم الرياض»، وما حققه الجزء الثالث من قفزة نوعية، وأرقام كبيرة بشباك التذاكر، مؤكدين أن دعم المستشار تركي آل الشيخ وتوجيهاته ساهمت في ذلك.