«الغذاء العالمي» استحدث آلية تحدّ من سرقة المساعدات في صنعاء

مساعدات أممية توزع للمحتاجين في اليمن (حساب برنامج الغذاء العالمي في «تويتر»)
مساعدات أممية توزع للمحتاجين في اليمن (حساب برنامج الغذاء العالمي في «تويتر»)
TT

«الغذاء العالمي» استحدث آلية تحدّ من سرقة المساعدات في صنعاء

مساعدات أممية توزع للمحتاجين في اليمن (حساب برنامج الغذاء العالمي في «تويتر»)
مساعدات أممية توزع للمحتاجين في اليمن (حساب برنامج الغذاء العالمي في «تويتر»)

لجأ برنامج الغذاء العالمي إلى تخصيص خطوط اتصال هاتفية مع المستفيدين لتلقي الشكاوى والتحقق من وصول الحصص المخصصة من البرنامج إليهم في صنعاء بحسب إفادات سكان عللوا خلال اتصالات أجرتها معهم «الشرق الأوسط» خطوة البرنامج بأنها ضمن مساعي «الحد من سرقة المساعدات الإنسانية».
وجاء الإجراء على وقع الاتهامات المستمرة للجماعة الحوثية وقادتها بالسطو على المساعدات أو بيع جزء منها أو تخصيصها لأتباعهم أو منحها للمنظمات المحلية الموالية لهم لاستثمارها بما يخدم المجهود الحربي.
وقال سكان في العاصمة اليمنية إنهم تلقوا خلال اليومين الماضيين اتصالات ورسائل من موظفين وعاملين في برنامج الغذاء العالمي في مكتب اليمن، تستفسرهم عن آخر موعد تسلموا فيه المساعدات الغذائية وما العراقيل والأسباب التي شكلت عائقا أمام عدم تسلمهم للمعونات خلال الفترات السابقة.
وفي الوقت الذي تعددت فيه ردود المواطنين على اتصالات وتساؤلات العاملين في البرنامج، أكد بعضهم أنهم لم يتسلموا أي مساعدات منذ تسعة أشهر، وآخرون منذ ستة أشهر وغيرهم منذ ثلاثة أشهر.
وأثنى المستفيدون من المساعدات على الخطوة الأممية المتعلقة بتقصي برنامج الغذاء عن طريق الاتصال الهاتفي المباشر ولأول مرة مع أعداد كبيرة من المستفيدين في صنعاء ومعرفة مصير تلك المساعدات وإلى أين تذهب.
وقال بعضهم إن «تلك الخطوة تأتي في مسارها الصحيح ومن شأنها فضح ألاعيب وفساد وعبث الميليشيات التي اعتادت في السابق نهب وسرقة المساعدات ومن ثم إعداد كشوف وبيانات وأرقام وهمية».
وذكروا أن البرنامج وعقب تواصله معهم زود هواتفهم عبر رسائل (S.M.S) القصيرة بأرقام وبيانات خصصت للشكاوى والمقترحات، وحثهم من خلالها على إبلاغ البرنامج بجميع الاختلالات والتجاوزات التي تُقدم عليها الجماعة فيما يخص التلاعب والعبث بالمساعدات الغذائية الأممية.
ويؤكد مراقبون محليون أن برنامج الغذاء العالمي يسعي من خلال تواصله المباشر حاليا مع المستفيدين إلى كشف أي جرائم قد تعيد ارتكابها الميليشيات بعد فضائح سابقة عن تلاعبها بالمساعدات الغذائية الأخيرة المقدمة مساعدات لليمنيين.
وفي سياق استمرار الاتهامات الدولية والمحلية الموجهة للميليشيات والمتعلقة بنهب المعونات، كان برنامج الغذاء العالمي وجه في أوقات سابقة اتهامات عدة للجماعة الانقلابية بوقوفها وراء سرقة ونهب شحنات مساعدات الإغاثة.
وأكد البرنامج أن لديه أدلة على استيلاء الميليشيات على شحنات الإغاثة. وقال في أحد بياناته «الحوثيون لا يزالون يسرقون الغذاء من أفواه الجائعين».
وعلى صلة بالموضوع ذاته، كشفت دراسة استقصائية أجراها برنامج الأغذية، على مستفيدين مسجلين قبل فترة، أن كثيرا من سكان العاصمة صنعاء لم يحصلوا على استحقاقاتهم من الحصص الغذائية، فيما حرم جوعى آخرون بمناطق أخرى واقعة تحت سيطرة الميليشيات من حصصهم بالكامل.
وكان سكان محليون بينهم نازحون في صنعاء العاصمة شكوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، من حرمان الميليشيات لهم من الحصول على المساعدات الأممية المخصصة لهم. وأشاروا حينها إلى استمرار مواجهتهم لعراقيل حوثية عدة حالت بينهم وبين الحصول على ما يخصص لهم من المساعدات الإغاثية.
وعبر السكان بالوقت نفسه عن قلقهم الشديد من استمرار تخفيض الوكالات الإغاثية معوناتها الإنسانية إلى النصف عقب إعلانها في أبريل (نيسان) الماضي. وأبدوا خشيتهم من أن يؤدي ذلك إلى انقطاعها بشكل كلي، خصوصا أنهم يعتمدون في معيشتهم على ما تقدمه تلك المنظمات من مساعدات غذائية. وشددوا على أن استمرار عبث وسرقة الميليشيات المتكررة للمساعدات يستدعي من الأمم المتحدة ومنظماتها اتخاذ إجراءات وقرارات حازمة وصارمة حيال جرائم الجماعة وليس اللجوء إلى تخفيض أو تعليق عمل توزيع المعونات وحرمان اليمنيين المستحقين منها.
ومع توجه البرنامج الأممي حاليا صوب آلية جديدة تمكنه من التواصل المباشر مع المستفيدين وفضح فساد وعبث الميليشيات، جدد البرنامج في أحدث تقرير له، التحذير من مجاعة قد ترتفع إلى مستويات مدمرة في 25 دولة من بينها اليمن خلال الأشهر القادمة بسبب تأثير جائحة كوفيد - 19.
وبحسب التقرير، يأتي اليمن على رأس أكثر دولة في العالم تعاني من أكبر أزمة غذائية وإنسانية، مستدلاً بأن نحو 15.9 مليون شخص في اليمن (53 في المائة من السكان) يواجهون انعدام الأمن الغذائي في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وأشار التقرير إلى أن خطر المجاعة يلوح في الأفق، ويمكن أن يصبح حقيقة إذا ظلت قدرة اليمن على استيراد الغذاء محدودة للغاية أو إذا كانت الإمدادات الغذائية إلى مناطق معيّنة مقيّدة لفترة طويلة من الزمن.
وكان البرنامج نفسه حذر قبل أسبوع، من أن الوضع الإنساني في اليمن يتدهور بمعدل ينذر بالخطر ويدفع السكان إلى حافة الهاوية، وقالت المنظمة الأممية إن العالم إذا انتظر حتى إعلان المجاعة في اليمن فسيكون الوقت قد فات لأن الضعفاء سيموتون بالفعل.
وأشار إلى أن علامات التحذير قد عادت بالفعل خاصة في ظل وجود وباء كورونا، بعد أن كان التوسع الهائل في تقديم المساعدات في عام 2019 قد سحب اليمن من حافة المجاعة. وذكرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية في جنيف «إليزابيث بيرس»، في مؤتمر صحافي لها، أن المنظمة اضطرت إلى الحد من المساعدات الغذائية الطارئة التي تقدمها لليمنيين في وقت كان اليمنيون في أمس الحاجة إليها، ولفتت إلى أن البرنامج قد يضطر إلى مزيد من التخفيض.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.