وزير الاقتصاد يقرّ بأن لبنان «دولة فاشلة»

TT

وزير الاقتصاد يقرّ بأن لبنان «دولة فاشلة»

أقر وزير الاقتصاد اللبناني راوول نعمة بأن لبنان «دولة فاشلة»، قائلاً إن الأزمة الاقتصادية «أدت إلى انهيار الأشياء الأساسية»، في أول موقف لافت من مسؤول حكومي وسط اتهامات موجهة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون و«حزب الله» بإيصال البلد إلى الوضع المتأزم الذي وصل إليه.
ويعاني لبنان من أزمات مالية واقتصادية ومعيشية، حيث أدت الأزمة المالية إلى انهيار العملة الوطنية مما ترك كثيرين يعانون من الفقر والجوع. وتعود جذور الأزمة إلى الفساد في الدولة والانقسام الطائفي على مدى عقود.
وقال الوزير نعمة في مقابلة مع «سكاي نيوز» إن «الانتكاسة الاقتصادية التي تعرض لها لبنان جعلته دولة فاشلة». لكنه أكد أنه «سيتم في نهاية المطاف الاتفاق على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي. هناك ضوء في نهاية النفق، وأثق 100 في المائة أنه سيتم الاتفاق قريباً على خطة إنقاذ دولية لمساعدة لبنان»، وحذر من أن أحداً لن يستثمر في لبنان حتى يتم وضع إطار عمل صندوق النقد.
ويدرس المستشار المالي للبنان لازارد الذي يزور بيروت هذا الأسبوع، إذا كان من الممكن تعديل خطة الإنقاذ المالي الحكومية للتوصل إلى تسوية مجدية بالنسبة لصندوق النقد الدولي، بعد أن لقيت الخطة رفضاً من جانب سياسيين وبنوك ومصرف لبنان المركزي.
ويلقي خصوم العهد باللوم عليه، ويحملونه وحكومته برئاسة حسان دياب مسؤولية الانهيار الاقتصادي. ورأى عضو «كتلة المستقبل» النائب محمد الحجار أن «أداء الحكومة والعهد معاً أوصلا الأمور إلى مزيد من التأزم والانهيار، فمقاربة الحكومة لحل المشاكل التي يعاني منها البلد غير مسؤولة فهي تؤدي مهمة إدارة الاهتراء السياسي والاقتصادي وليس أكثر من ذلك». وقال: «الكل يرغب بمساعدة لبنان إنما يجب على الحكومة إجراء الإصلاحات أولاً وتطبيق النأي بالنفس فعلياً، لذا على حزب الله والحكومة تقديم التنازلات لمصلحة لبنان».
وينسحب هذا التقدير على حزب «القوات اللبنانية»، إذ رأى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب بيار بو عاصي، أنه لا يوجد مشروع أو طرح لدى الرئيس ميشال عون وفريقه». واعتبر أن «المدخل إلى الحل لكل المشاكل التي يتخبط بها لبنان من مالية واقتصادية ونقدية واجتماعية، هو الحل السياسي، وأحد أبوابه الحياد الذي طرحه البطريرك الماروني بشارة الراعي»، مشدداً على أن «ازدواجية القرار أدت إلى عزل البلد عن محيطه». وكان الراعي طرح فكرة حياد لبنان عن أزمات المنطقة، وألقى خلال مقابلة قبل أيام باللوم على «حزب الله» وحمله مسؤولية وقف مصدر حيوي للمساعدات من الدول الغربية والخليجية. ونقل التقرير عنه قوله: «لهذا السبب ندفع الثمن».
وإذ أكد النائب جورج عقيص أن موقف القوات اللبنانية حول الحياد ينسجم مع موقف الراعي، قال أمس في تصريح: «يا ليت التيار الحر يملك الجرأة التاريخية ورغم التزامه بمقتضيات الوفاق مع حزب الله أن يؤيد موقف الراعي الوطني البعيد من التربص والطائفية. لن نستعيد الثقة إلا إذا غيرنا تموضعنا».
وقال عقيص: «نحن لم ننسحب من المواجهة السياسية مع حزب الله ولم نقل مرة إننا نريد نزع سلاح الحزب بالقوة ووقوع الدم ومسؤولية المسؤول أن يجنب شعبه الاقتتال والمواجهات، وقلنا أكثر من مرة إننا لن نتعايش مع الواقع الذي يمليه علينا حزب الله بل نواجهه بالمؤسسات وتحت قبة البرلمان ونقف وراء البطريرك الراعي لأنه يقود هذه الحملة لما يمثل من قوة معنوية تساعد على تأمين الإجماع على هذا الموقف».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم