الحفاظ على البيئة يحمي صحة البشر

تقرير جديد من المنتدى العربي للبيئة والتنمية

الحفاظ على البيئة يحمي صحة البشر
TT

الحفاظ على البيئة يحمي صحة البشر

الحفاظ على البيئة يحمي صحة البشر

يمكن الوقاية من العديد من الأوبئة والأمراض عن طريق إدارة المخاطر البيئية، مما يجعل معالجة الأسباب البيئية الكامنة مطلباً ملحاً. غير أن العلاقة بين الصحة والبيئة لم تحظ حتى اليوم بالاهتمام الكافي في البلدان العربية. استجابة لهذه الحاجة الملحة، يعمل المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» حالياً على تقريره السنوي الثالث عشر في سلسلة «وضع البيئة العربية» التي أطلقها عام 2008، بعنوان «الصحة والبيئة في البلدان العربية».
يأتي التقرير في وقت يواجه العالم جائحة «كورونا»، التي تعود في جزء كبير منها إلى أسباب بيئية. وفي حين تم اختيار موضوع التقرير وبدأ العمل عليه قبل ظهور الفيروس القاتل، إلا أن التطورات الأخيرة دفعت في اتجاه تخصيص جزء كبير منه للعوامل البيئية وراء الفيروسات المستجدة. يهدف التقرير، الذي يطلق في المؤتمر السنوي الدولي للمنتدى قبل نهاية السنة، إلى مناقشة العوامل البيئية الرئيسية التي تؤثر على صحة الإنسان في البلدان العربية، واقتراح خطة عمل تؤدي إلى التنفيذ الشامل لبند الصحة للجميع، من ضمن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
يتعاون «أفد» في إنتاج تقريره الجديد مع فريق كبير من الباحثين من جامعات ومراكز دراسات عربية، بالاشتراك مع منظمات دولية معنية بالصحة والبيئة. وبين الشركاء الرئيسيين كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت والمركز الإقليمي لصحة البيئة التابع لمنظمة الصحة العالمية وباحثون من جامعة الخليج العربي في البحرين وجامعة القاهرة وجامعة الإسكندرية في مصر. ويتطرق التقرير في فصوله الثمانية إلى العلاقة بين الصحة والمياه والهواء والنفايات وتغير المناخ وتلوث المحيطات.
ومن بين المؤلفين الرئيسيين للتقرير الدكتورة ريما حبيب، رئيسة قسم الصحة البيئية في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت، والدكتور عمرو السماك، أستاذ الجيولوجيا البحرية في كلية العلوم في جامعة الإسكندرية، والدكتور أحمد جابر، مدير عام «كيمونيكس» للدراسات البيئية وأستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة القاهرة، والدكتورة رندة حمادة، نائبة العميد للدراسات العليا والبحث العلمي في كلية الطب في جامعة الخليج العربي، والدكتور باسل اليوسفي، مدير المركز الإقليمي البيئي لمنظمة الصحة العالمية.
وتكشف مسودات التقرير أن العالم ، قبل أن تضرب جائحة «كورونا»، شهد انخفاضاً في الأمراض المعدية، في مقابل ارتفاع هائل في الأمراض الناجمة عن الظروف البيئية السيئة. وقدرت منظمة الصحة العالمية أن التدهور البيئي كان مسؤولاً عن 420 ألف حالة وفاة مبكرة في المنطقة العربية وحدها، وهو ما يمثل 20 في المائة من مجمل الوفيات. وتشمل الأمراض الرئيسية الناجمة من مسببات بيئية في البلدان العربية أمراض القلب والأوعية الدموية والإسهال والتهابات الجهاز التنفسي وبعض أنواع السرطان. أما العوامل الرئيسية المحركة للمخاطر البيئية لهذه المجموعات من الأمراض فهي تلوث الهواء الخارجي والداخلي وصعوبة الحصول على المياه النظيفة والتعرض للنفايات والمواد الكيميائية الضارة والمبيدات الزراعية. وتمثل الزراعة المكثفة التي تتطلب إزالة الغابات، والإنتاج الحيواني على نطاق واسع في مزارع كبيرة، وغزو النشاطات الإنسانية للمناطق الطبيعية، أبرز العوامل المؤدية إلى انتشار الفيروسات، خاصة تلك التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان. ويحلل التقرير الآثار المتوقعة لفيروس «كورونا» المستجد على الأوضاع الصحية في العالم العربي خلال السنوات المقبلة.
ويؤكد مؤلفو التقرير أن التأثير البيئي على صحة الإنسان سيكتسب أهمية أكبر في المستقبل. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول سنة 2050 سيعيش 68 في المائة نحو 650 مليون شخص من السكان العرب في المناطق الحضرية، التي تتميز غالباً بحركة نقل كثيفة وهواء ملوث ومساكن عشوائية، إلى جانب محدودية في الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي. وستؤدي القضايا الناشئة، خاصة تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، إلى تفاقم تأثير العوامل البيئية على صحة الإنسان.
وللمرة الأولى منذ انطلاق مؤتمرات «أفد»، سيتم إطلاق التقرير ومناقشته افتراضياً عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في المؤتمر السنوي الدولي الثالث عشر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الذي يعقد بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، وهو يجمع بين الحضور الشخصي لمتحدثين ومشاركين في مجموعات صغيرة، والتواصل عن بعد. يشار إلى أن التقارير والمؤتمرات السنوية السابقة لـ«أفد» ناقشت التحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة العربية في مجال البيئة والتنمية المستدامة، بما في ذلك تغير المناخ والطاقة والمياه والأمن الغذائي والبصمة البيئية والاقتصاد الأخضر وتمويل التنمية المستدامة والتربية البيئية.


مقالات ذات صلة

مؤتمر «كوب 16» للتنوّع البيولوجي يقرر تشكيل هيئة دائمة للشعوب الأصلية

أميركا اللاتينية الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 16» في كالي الكولومبية (أ.ف.ب)

مؤتمر «كوب 16» للتنوّع البيولوجي يقرر تشكيل هيئة دائمة للشعوب الأصلية

اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتنوع البيولوجي (كوب 16) في كولومبيا على إجراء يقضي بتشكيل هيئة دائمة للشعوب الأصلية.

«الشرق الأوسط» (كالي (كولومبيا))
تكنولوجيا «إبسون»: تقنياتنا لا تقلل من استهلاك الطاقة فحسب، بل تساهم أيضاً في خفض تكاليف التشغيل (شاترستوك)

«إبسون»: السعودية سوق رئيسية لحلولنا الصديقة للبيئة

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، تقول «إبسون» إن المملكة العربية السعودية تُعد مركزاً لاستراتيجية النمو الإقليمية الخاصة بها.

نسيم رمضان (دبي)
صحتك يمكن العثور على الجراثيم في المياه النظيفة والمالحة بأنحاء العالم التي قد تدخل جسم الإنسان من خلال الجروح (د.ب.أ)

مع انتشار بكتيريا الضمة في بحار العالم... هل يجب على السباحين القلق؟

يتزايد انتشار بكتيريا الضمة في مياه البحار حول العالم، وذلك في ظل ارتفاع درجات حرارة المياه بسبب التغير المناخي، حسبما قالت وكالة معايير الغذاء الأوروبية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
بيئة تطفو زوارق في نهر المسيسيبي بينما ينكشف جزء من قاع النهر في 15 سبتمبر 2023 بسانت لويس (أ.ب)

2023 كان العام الأكثر جفافاً على أنهار العالم منذ أكثر من 3 عقود

أفادت وكالة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة بأن عام 2023 كان العام الأكثر جفافاً منذ أكثر من ثلاثة عقود بالنسبة لأنهار العالم

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعض الرسائل لا يصل (إكس)

طفل عملاق يُخيف بريطانيين

وصف مارّة مذهولون دمية طفل عملاقة ظهرت وسط بلدتهم بأنها «مخيفة» و«أبشع طفل» شاهدوه على الإطلاق... فما القصة؟

«الشرق الأوسط» (لندن)

علماء يحذّرون من انهيار سريع لتيار رئيسي في المحيط الأطلسي

أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
TT

علماء يحذّرون من انهيار سريع لتيار رئيسي في المحيط الأطلسي

أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبَحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)

دقّ علماء ناقوس الخطر بشأن انهيار أسرع من المتوقع لنظام معقّد من التيارات المحيطية بالمحيط الأطلسي، من شأنه أن يؤدي لعواقب «كارثية» على دول اسكندنافيا الغارقة في البرد، بينما ترتفع درجة حرارة بقية الكوكب.

وفي رسالة مفتوحة إلى قادة مجلس بلدان الشمال الأوروبي الذين يجتمعون، الاثنين، في العاصمة الآيسلندية، ريكيافيك، أكّد نحو 40 باحثاً دولياً أن التأثيرات ستكون «على الأرجح» محسوسة في جميع أنحاء العالم.

ويشكّل «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» (AMOC) نظاماً معقّداً من التيارات المحيطية، بما يشمل تيار الخليج الدافئ الذي يساعد على تنظيم الحرارة بين المناطق الاستوائية ونصف الكرة الشمالي، وبالتالي فهو حاسم لظروف المعيشة في القطب الشمالي.

ويُعدّ انهيار هذا النظام، الذي ضعف بالفعل على مدى العقدين الماضيين وفق دراسة نُشرت هذا العام، إحدى نقاط التحوّل التي تُقلق العلماء بسبب سلسلة الكوارث التي يمكن أن تؤدي إلى حدوثها. لكن لا إجماع حول التاريخ الذي يُتوقع أن يحدث ذلك فيه.

وفي تقرير التقييم السادس الذي نُشر في عام 2023، أعرب خبراء المناخ المفوّضون من الأمم المتحدة (الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ - IPCC) عن «مستوى متوسط من الثقة في حقيقة أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي لن ينهار قبل عام 2100».

ومع ذلك، كما يقول الموقِّعون على الرسالة المفتوحة، فإن بحوثاً أُجريت أخيراً «تشير إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ قد قلّلت من شأن هذا الخطر، وأن تجاوز نقطة التحول هذه هو احتمال جِدّي في العقود المقبلة».

ولفت هؤلاء إلى أن «التأثيرات، خصوصاً على بلدان الشمال الأوروبي، من المرجّح أن تكون كارثية، بما في ذلك التبريد الكبير للمنطقة، بينما تكون المناطق المحيطة دافئة».

وأضاف الموقّعون على الرسالة: «سيمثّل هذا تضخيماً وتكثيفاً للنقطة الباردة (منطقة باردة بشكل غير طبيعي) التي تشكّلت بالفعل فوق المنطقة شبه القطبية في المحيط الأطلسي، ومن المحتمل أن تؤدي إلى ظواهر مناخية متطرفة غير مسبوقة».

وقال الباحثون إن هذا الأمر قد يهدّد «احتمال» استمرارية الزراعة في شمال غربي أوروبا.

لكن آثار ذلك «من المحتمل» أن تكون محسوسة أيضاً على نطاق عالمي، من خلال «التحول في أحزمة هطول الأمطار الاستوائية، وتقليل امتصاص المحيطات لثاني أكسيد الكربون (وبالتالي زيادة أسرع في معدلاته في الغلاف الجوي)، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر».

ويجمع مجلس الشمال بين الدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج والسويد، بالإضافة إلى مناطق عدة في المنطقة (جُزر فارو وغرينلاند وآلاند).

ويجتمع قادة هذه الدول يومَي الاثنين والثلاثاء في ريكيافيك؛ لحضور قمة تمت دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إليها أيضاً.