صراع الأجنحة الحوثية يصعد إلى رأس «الهرم الانقلابي»

شقيق زعيم الجماعة يعتكف في صعدة وعمه يستأثر بمفاصل الأمن

صراع الأجنحة الحوثية يصعد إلى رأس «الهرم الانقلابي»
TT

صراع الأجنحة الحوثية يصعد إلى رأس «الهرم الانقلابي»

صراع الأجنحة الحوثية يصعد إلى رأس «الهرم الانقلابي»

شهدت الأيام القليلة الماضية تطورات جديدة فيما يتعلق بصراع أجنحة وفصائل الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانيا على الفساد والنفوذ والسلطة لتصل هذه المرة إلى رأس الهرم في السلالة الانقلابية.
وتحدثت مصادر مطلعة بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط» عن بروز انقسام حوثي جديد وعلى مستوى رفيع، يتمثل بعضه في الصراع على النفوذ والسيطرة من جهة، وعدم التوافق على تقاسم المنهوبات من المساعدات والإتاوات من جهة ثانية. وقالت إنه من وقت لآخر تستمر حدة الاختلافات والصراعات بين الأجنحة الحوثية وتزداد توسعا.
وكشفت المصادر المقربة من قادة الجماعة عن استمرار اعتكاف شقيق زعيم الميليشيات المدعو يحيى بدر الدين الحوثي الذي يشغل منصب وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها في مسقط رأسه بصعدة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وعزت المصادر سبب اعتكاف يحيى الحوثي ورفضه العودة لممارسة مهامه بحكومة الجماعة إلى الخلافات التي نشبت بينه والقيادي الحوثي المعين أمينا عاما لما يسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التابع للحوثيين عبد المحسن الطاووس، وأحمد حامد المعين من قبل الحوثيين مديراً لمكتب رئاسة مجلس حكم الانقلاب، بسبب الصراع على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الأممية لليمنيين واستئثار الأخيرين بحصة الأسد منها.
وأشارت المصادر إلى أن عودة يحيى الحوثي إلى مسقط رأسه بصعدة كانت عقب الاعترافات التي أطلقها في فبراير (شباط) الماضي بوجود فساد ونهب بصفوف جماعته للمساعدات الغذائية التي تقدمها المنظمات كمعونات لليمنيين.
وعقب وصول يحيى الحوثي لمسقط رأسه بصعدة أفادت المصادر أنه التقى شقيقه زعيم الجماعة عبد الملك، وحاول أن يحصل منه على موقف مؤيد له في مواجهة الطاووس وحامد لكن شقيقه لم يستجب لطلبه وفضل الصمت، معتبرا أن أي تأييد لما أذاعه شقيقه يحيى سيكون بمثابة دليل مجاني للإعلام وللخصوم على فساد جماعته وعبثها ونهبها للمساعدات.
وطبقا لما أوردته نفس المصادر فقد رفض يحيى الحوثي العودة إلى صنعاء لممارسة مهامه ولا يزال يصر على مواصلة الاعتكاف بمنزله بصعدة، كرد منه على خذلان شقيقه له وتماهيه مع ما أسماها القيادات الفاسدة في مجلس حكم الانقلاب ومجلس الإغاثة.
وكشفت المصادر عن فشل محاولات عدة لبعض من قادة الجماعة في التوسط لإقناع يحيى الحوثي بالعودة لمزاولة عمله خصوصا بعد تحديد موعد الاختبارات لطلاب الشهادتين الأساسية والثانوية.
ويمثل شقيق زعيم الميليشيات يحيى الحوثي، بحسب المصادر، أحد القيادات الحوثية التي أثيرت حولها الكثير من قضايا الفساد خصوصا في مجال نهب المساعدات الإغاثية.
وتعتبر المصادر مسألة اعتكافه في صعدة بأنها ليست سوى مجرد محاولة منه للظهور بمظهر النزيه وإثبات مصداقية اتهاماته التي نشرها بحق الطاووس وحامد خصوصا بعد خذلان شقيقه له ورفضه تبني وجهة نظره.
وتعد قضية الخلافات بين القادة الحوثيون على خلفية قضايا الفساد ونهب المساعدات وسرقة المال العام وغيرها إحدى أبرز القضايا التي تظهر من حين إلى آخر على الساحة الإعلامية والسياسية، إلا أن قيادات الميليشيات تسارع إلى التغطية عليها وإخفائها بافتعال قضايا وأزمات أخرى.
وفي موضوع آخر ذي صلة، وسع وزير داخلية الانقلابيين عبد الكريم الحوثي أخيرا وهو عم زعيم الجماعة من سيطرته على المنظومة الأمنية في الوزارة الخاضعة لسيطرته في العاصمة، بهدف القضاء على بقية الأجنحة والانفراد بالسلطة والنفوذ.
مصادر خاصة بصنعاء، أفادت «للشرق الأوسط»، بأن خلافا حادا نشب بين زعيم الانقلابيين، وعمه عبد الكريم الحوثي، بسبب الجبايات التي تقدم عليها داخلية الجماعة وميليشياتها في الشوارع، لمصلحة عبد الكريم، واستحواذ الأخير وحيدا عليها دون أن يمنح الفرصة للآخرين.
وأكدت المصادر أن عبد الكريم الحوثي، انزعج من طريقة وأسلوب زعيم الجماعة الذي لا يزال يتخفى في أحد كهوف صعدة، وقام بإصدار المزيد من القرارات للموالين له مستبعدا كل المحسوبين على عبد الملك.
وكشفت المصادر عن إجراء عبد الكريم الحوثي على مدى شهرين ماضيين أكثر من 44 تغييرا شمل مدراء أمن محافظات ومديريات ومدراء أقسام، حتى الوحدات الأمنية والنقاط فقد شملها ذلك التغيير.
وفيما أكدت المصادر أن جميع من تم تعيينهم بتلك المناصب الأمنية يكنون الولاء والطاعة لعبد الكريم الحوثي دون غيره من القيادات الحوثية، اعتبرت بذات الوقت أن التغييرات التي حدثت في فترة وجيزة تشير إلى ارتفاع حدة الخلافات بين قادة الجماعة السلالية.
ووصفت المصادر تحركات وزير داخلية الحوثيين بالقوية والمفاجأة، وهو ما يثبت نيته في توسيع نفوذه وسيطرته الأمنية الكاملة استعدادا للحظة التي ينتظرها، في إقصاء كل الأجنحة المتصارعة، والانفراد بالسيطرة والقرار والنفوذ.
وفي مايو (أيار) من العام الماضي، كان عبد الكريم الحوثي أمر باعتقال نائبه عبد الحكيم الخيواني المعروف باسم «أبو الكرار»، ضمن مسلسل الصراع المتصاعد على النفوذ والمصالح في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرتهم.
ومن بين آخر التعيينات الأمنية وليس أخيرها، التي أصدرها عبد الكريم الحوثي ضمن مخططه في الاستحواذ على مختلف المرافق الأمنية، تعيينه قبل يومين لأحد العناصر الموالين له مديرا عاما للمباحث الجنائية في محافظة إب (170 كيلومتر جنوب صنعاء).
وأكدت مصادر أمنية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن عبد الكريم الحوثي عين القيادي الحوثي المقدم المدعو غانم جزيلان (30 عاما) مديرا عاما للمباحث في إب وهو يعد الذراع اليمنى لمدير المباحث في العاصمة صنعاء المدعو سلطان زابن، وكلاهما اشتهر باعتقال عشرات النساء بصنعاء والزج بهن في معتقلات خاصة وابتزاز ذويهن وتلفيق تهم مخلة ضدهن.
وبعيدا عن صراعات الميليشيات، استنكر العشرات من الضباط المتحدرين من إب، استقدام مدير للبحث من محافظة أخرى فيما أبناء المحافظة محرومون من حقوقهم القانونية رغم كفاءتهم ورتبهم العسكرية والأمنية التي حصلوا عليها بجدارة خلال أعوام ماضية، بعكس القيادات الحوثية التي مُنحت إياها بين عشية وضحاها.
واعتبر عدد من الضباط ذلك القرار وغيره من القرارات الأخرى تحجيما لدور أبناء المحافظة عن خدمتها، واستهدافا لها وتحويلها إلى مستعمرة للسلالة الحوثية لاستمرارها في مسلسل الإذلال والقمع للسكان وفرض الجبايات ونهب الأراضي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».