جدل في الجزائر حول من يمثلها في ملف «اعتذار فرنسا»

في إطار مشروع اتفق عليه البلدان لحل الخلافات المرتبطة بـ«التاريخ والذاكرة»

TT

جدل في الجزائر حول من يمثلها في ملف «اعتذار فرنسا»

يترقب قطاع عريض من الجزائريين المهتمين بالتقارب الجاري مع فرنسا في القضايا المرتبطة بـ«التاريخ والذاكرة»، تعيين باحث متخصص في هذا الملف، ليمثل الجزائر في مشروع اتفق عليه الرئيسان عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، لحل خلاف قديم حول «جرائم الاستعمار» خلال القرنين الـ19 والـ20.
ويتم تداول أسماء شخصيات كثيرة للعمل مع المؤرخ الفرنسي الشهير بنجامين ستورا، المتخصص في فترة استعمار الجزائر، والذي اختاره الرئيس ماكرون لتمثيل فرنسا في مشروع «الاشتغال على الذاكرة». ومن بين الأسماء المقترحة على تبون: محمد الأمين بلغيث، الباحث في التاريخ الذي عرف بتعاطيه بشكل مكثف مع قضايا الاستعمار و«اعتذار فرنسا عن جرائمها»، ودفع تعويضات عن التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر مطلع ستينات القرن الماضي. ونقل مقربون منه أنه «يرحب بأن يكون بلغيث صوت الجزائر في هذه القضية».
وعرف عن بلغيث أنه قريب من الحكومة، وغالباً ما يكون في مقدمة الأحداث عندما تختار السلطات التصعيد ضد فرنسا، كما أن له حضوراً لافتاً في وسائل الإعلام.
وعلاوة على بلغيث، طرح لهذا الدور أيضاً اسم الباحث جمال يحياوي، مدير «المركز الوطني للبحث في الحركة الوطنية»، التابع لوزارة المجاهدين، والذي عرف عنه اهتمامه بالأحداث ذات الصلة بالنضال السياسي والحزبي للجزائريين، في عشرينات وثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، من أجل التحرر من الاستعمار، والذي قاد إلى الثورة المسلحة عام 1954.
ومن الأسماء المتداولة أيضاً الباحث الشهير في التاريخ، المستقل عن السلطة، محمد ارزقي فراد الذي يمثل في الإعلام الرأي غير المنحاز للأطروحات الرسمية، فيما يخص «قضية الذاكرة». وقال فراد لـ«الشرق الأوسط» إنه غير متحمس لهذه المهمة؛ لأن «هناك من هو أكفأ لها».
واقترح مهتمون بهذه القضية بعض الجزائريين المتخصصين المقيمين في فرنسا، أشهرهم الكاتبان الكبيران محمد حربي ودحو جربال، والباحثة في التاريخ مليكة رحال.
وكتب فراد بخصوص هذه القضية: «إن معالجة الملف الذي نحن بصدده، تحتاج إلى شخصية قوية، تجمع بين الكفاءة العلمية والدراية السياسية، والقدرة على توظيف سلطة العلم أمام سلطة السياسة، والبراغماتية التي تقتضي التحلي بالرزانة؛ لأن المسألة أكبر من أن تختزل في العنتريات التي تنجب جعجعة الـحماسة».
وعن بنجامين قال فراد: «ما يميز مسار هذا المؤرخ المثير للجدل أنه ينتمي إلى جيل ما بعد الاستعمار، وأعماله تتميز بمسحة الحياد البادية على أعماله العلمية الخاصة بتاريخ الجزائر، قديمه وحديثه. وقد نأى بنفسه عن المواقف المتشنجة؛ لأنه يدرك أن حال الدارس لموضوع الذاكرة التاريخية بين الجزائر وفرنسا كحال من يسير في حقل ملغم، قد تنفجر عليه قنابل موقوتة هنا أو هناك».
وكان الرئيس تبون قد ذكر في مقابلة مع صحيفة فرنسية، نشرت الاثنين الماضي، أنه سيُعين في غضون 72 ساعة مؤرخاً مختصاً في الذاكرة الجزائرية: «خصوصاً فيما يتعلق بفترة الاستعمار الفرنسي، للتنسيق مع المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، لدراسة كل الملفات العالقة بين البلدين في هذا الجانب». وقال إن «العلاقات بين البلدين يمكن أن تتقدم في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بهدوء، إذا تمت معالجة قضية الذاكرة»، من دون توضيح مطالب الجزائريين في هذا الشأن. وقد مرت أكثر من 72 ساعة ولم يعرف بعد الشخص الذي سيتولى هذه المسؤولية.
والمعروف، حسب تصريحات وزراء المجاهدين على مر السنين، أنهم يرغبون في اعتذار فرنسي علني عن الجرائم، ودفع تعويضات مادية؛ لكن لا يبدو أن الفرنسيين يتعاطون مع القضية من هذا الجانب، ويطرحون في المقابل فكرة «التوجه إلى المستقبل وعدم النظر إلى المرآة العاكسة». ويقترحون بعض المبادرات التي ترضي الجزائريين شيئاً ما، كما حدث مؤخراً عند تسليم رفات قادة المقاومة الشعبية، بعد احتجاز دام 170 سنة بفرنسا. كما لا يجدون مانعاً في تسليم جزء من أرشيف الثورة، إذا كان غير مصنف ضمن «أسرار الدولة».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.