لم تنتج الانتخابات الرئاسية في بولندا خياراً مفاجئاً، بل أبقت على الرئيس اليميني الحالي أندريه دودا في السلطة. إلا أن نتيجتها المتقاربة جداً أظهرت أن بولندا باتت منقسمة (بالتساوي تقريباً) بين مسنّيها وشبابها، وبين سكان المدن وأولئك الذي يقطنون في الريف، وبين المحافظين والليبراليين.
كذلك أكدت حصيلة الانتخابات أن المعركة مستمرة مع الاتحاد الأوروبي لخمس سنوات إضافية على الأقل، وهي مدة الفترة الرئاسية الجديدة لدودا. وكانت هذه المعركة قد بدأها الرئيس المنتمي لحزب «القانون والعدالة» اليميني المتشدد عندما فاز بالانتخابات الرئاسية للمرة الأولى قبل 5 سنوات.
نجح الرئيس أندريه دودا بانتشال فوز بفارق ضئيل في الجولة الثانية من الانتخابات، متقدماً بفارق بسيط جداً على منافسه عمدة مدينة وارسو الليبرالي رافال تجاشكوفسكي، إذ حصل على 50.2 في المائة من الأصوات مقابل 48.8 في المائة نالها تجاشكوفسكي.
والملاحظ أنه بينما حصل تجاشكوفسكي على 65 في المائة من أصوات من هم دون سن الثلاثين، كسب دودا أصوات نحو الـ62 في المائة من أصوات من هم فوق سن الستين. كذلك حصل المرشح الليبرالي الخاسر على غالبية أصوات سكان المدن مثل وارسو التي صوّت 67 في المائة من الناخبين فيها لصالحه، وغدانسك – ميناء البلاد الرئيسي – حيث حصل على 70 في المائة من الأصوات. وفي المقابل، في النهاية نجح دودا بفضل الأرياف وكبار السن في السباق الذي شهد أعلى نسبة مشاركة في أي انتخابات رئاسية أجرت في بولندا حتى اليوم، إذ زادت على الـ68 في المائة.
وبينما احتفل مؤيدو دودا، الذين صوّتوا له بالأساس لنجاحه في تقليص نسبة الفقر خلال السنوات الخمس الماضية - لا سيما في المناطق الريفية - وكذلك لأجندته الانتخابية المحافظة التي بناها على مهاجمة المثليين، فقد بدأت المخاوف تتزايد ليس فقط لدى معارضيه، بل أيضاً لدى المنظمات الحقوقية والاتحاد الأوروبي، حول مستقبل حكم القانون في البلاد.
قلق أوروبي من تشدد اليمين
منذ عام 2015، أي منذ أن أصبح دودا رئيساً، وسيطر حزبه كذلك على البرلمان منذ ذلك الحين، تسارع تقويض الديمقراطية في بولندا، خصوصاً لجهة محاولة السيطرة على الإعلام والقضاء، أهم أعمدة الدول الديمقراطية. وخلال أشهر قليلة من تسلمه منصبه، بدأ دودا العمل على «تغييرات» تستهدف النظام القضائي، تحوّلت إلى معركة مع السلك القضائي ثم إلى معركة مع الاتحاد الأوروبي... وتسببت بخروج مظاهرات كبيرة ضد الحزب الحاكم.
دودا، هذا الزعيم اليميني الشعبوي - ومن خلفه رعاته من قادة اليمين المتشدد - يرى منذ وصوله إلى السلطة في أغسطس (آب) 2005، السلك القضائي بأنه «من مخلفات الحقبة السوفياتية» وأن «الفساد ينخره»، وهو بالتالي، يحتاج إلى تغيير.
ومن ثم، دفعت عدة خطوات اتخذتها حكومتها منذ ذلك الحين بحجة «إصلاح» النظام القضائي، بالاتحاد الأوروبي إلى اعتماد خطوة غير مسبوقة وتحريك البند السابع من «اتفاقية دبلن» للمرة الأولى ضد دولة في الاتحاد الأوروبي. ويتعلق هذا البند بإطلاق إجراءات تأديبية بحق إحدى دول الاتحاد في حال ارتأت المفوضية أن هناك تهديداً للمبادئ والأسس التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي.
عندما اتخذت المفوضية قرار بدء إجراءات تأديبية ضد بولندا في ديسمبر (كانون الأول) 2017. فهي برّرت القرار يومذاك بأنها حاولت على مدى سنتين «إطلاق حوار بنّاء» مع الحكومة البولندية، بهدف «حماية حكم القانون في أوروبا»، لكنها لم تتوصل لأي نتيجة. وأضافت أنه «في غياب قضاء مستقل، فإن أسئلة جدّية تُطرح حول تطبيق القانون الأوروبي». وفي تبريرها لتحريك البند السابع، قالت المفوضية الأوروبية أن الحكومة البولندية تبنّت 13 قانونا ً خلال سنتين تؤثر على «التركيبة الكاملة للجسم القضائي في بولندا، وتؤثر على المحاكم الدستورية والمحكمة العليا والمحاكم العادية والمجلس الوطني للقضاة وغيرها».
التلاعب باستقلالية القضاء
والحال أنه يمكن لهذه الآلية أن تؤدي إلى عقوبات ضد الدولة المستهدفة في حال لم تتعاون مع المفوضية الأوروبية، وإلى تجريد هذه الدولة من حقها في التصويت، وصولاً إلى تعليق عضويتها. ومن بين ما يقلق المفوضية الأوروبية، تخفيض سن التقاعد للقضاة إلى 65 سنة للرجال و60 سنة للنساء بدلاً من 67 سنة في السابق للرجال والنساء. وهذا الأمر يسمح عملياً للحكومة بالتخلص من قضاة سابقين وتعيين آخرين تنتقيهم بنفسها.
أيضاً، من الخطوات الأخرى التي اتخذها حزب «القانون والعدالة» تأسيس هيئة تأديبية للقضاة، تمكّن الحكومة من قتح تحقيقات ضد القضاة بسبب أحكام واتخاذ إجراءات تأديبية بحقهم. ولقد دفعت هذه الخطوة، بالذات، الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق عملية قانونية جديدة ضد بولندا لإجبارها على التراجع عن سياسة قال عنها نائب رئيس المفوضية الأوروبية (آنذاك) فرانس تيمرمانز إن هدفها «إخضاع القضاة بشكل ممنهج للسيطرة السياسية للسلطة التنفيذية».
وحقاً، خلال العام الماضي لفّت بولندا فضيحة كبرى، بعد كشف صحافية في موقع محلي عن تورّط وزارة العدل بحملات لتشويه سمعة القضاة. وكتبت الصحافية الأميركية أنا أبلباوم المتزوجة من سياسي بولندي معارض، في موقع «أتلانتيك»، أن الحكومة البولندية تشن حملات تشويه سمعة ضد القضاة. وأردفت الكاتبة أنها التقت أحد هؤلاء في «محكمة العدل الأوروبية» بستراسبورغ كان يخضع لتدقيق مالي منذ 18 شهراً، ويواجه خمسة إجراءات تأديبية بحقه. وتقول أبلباوم إن محاولات حزب دودا تصوير القضاة على أنهم من مخلفات العهد السوفياتي أمر غير منطقي «لأن معدل عمر القاضي 42 سنة، بينما سقط (جدار برلين) قبل 30 سنة، ما يعني أن الغالبية العظمى من القضاة ما كانوا في سن يسمح لهم بأن يكونوا شيوعيين».
المعركة ضد الإعلام
لم يكتف دودا بشن معركته ضد القضاء، بل فتح أيضاً معركة أخرى مع الإعلام. وفي مطلع العام 2016 - أي بعد أشهر قليلة على وصوله للرئاسة - وقّع دودا على قانون يعطي الحكومة الحق بالإشراف المباشر على المؤسسات الإعلامية التابعة للدولة. وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كتب كريستوف بوبينسكي، من جمعية الصحافيين في وارسو، أن التلفزيون الرسمي في بولندا يدعم بشكل مستمر مرشحي حزب «القانون والعدالة» منذ وصول هذا الحزب اليميني إلى السلطة عام 2015. وأضاف أن هذا «يتعارض مع قانون الإعلام في بولندا الذي ينص على ضرورة أن يكون الإعلام الرسمي منصة حيادية مهمتها تغطية الأخبار للمواطنين».
وفي العام الماضي، نقلت مجلة «فورين بوليسي» عن صحافيين يعملون في الإعلام الرسمي البولندي قولهم إنه قبل عام 2015 «ما كان للساسة الموجودين في الحكم التأثير الذي يتمتعون به اليوم». وذكر بعض الصحافيين الذين لم يسمّهم التقرير، أنه «ما عاد ممكناً أن تجد الحقيقة في قناتنا». وحتى إن منظمة «صحافيين بلا حدود» وصفت الإعلام الرسمي في بولندا بأنه «تحوّل إلى أداة دعائية للحكومة».
موضوع اللاجئين
من جانب آخر، لا تقتصر خلافات الاتحاد الأوروبي مع بولندا على التغييرات التي تدخلها حكومة دودا في مجالي القضاء والإعلام، بل تتصل أيضاً برفض بولندا استقبال لاجئين بخلاف «الكوتا» (ترتيبات الحصص) التي تم الاتفاق عليها لتوزيع اللاجئين بين دول الاتحاد بعد أزمة اللجوء الكبيرة عام 2015. وفي أبريل (نيسان) الماضي، استنتجت المحكمة الأوروبية العليا أن بولندا، إضافة إلى المجر والتشيك، خرقت القانون الأوروبي عندما رفضت استقبال لاجئين، معظمهم من سوريا والعراق. وراهناً تواجه بولندا و«جارتاها» عقوبات أوروبية محتملة لرفضها الالتزام بـ«الكوتا» الأوروبية الخاصة بها من اللاجئين. ورفضت المحكمة الأوروبية دفاع بولندا عن قرار رفضها استقبال لاجئين، وادعاءها بأنه «يحق لها التغاضي عن قوانين أوروبية إذا كانت تعرّض الأمن والسلم القومي البولنديين للخطر».
التقارب مع واشنطن
ولكن مقابل دخول دودا في صراع مع الاتحاد الأوروبي يُتوقّع أن يستمر طوال فترة حكمه المقبلة، فإنه نجح بنسج علاقات ودية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي كانت بولندا الدولة الأوروبية الأولى التي زارها بعد انتخابه رئيساً. وفي يوليو (تموز) من عام 2017، توقف ترمب في العاصمة البولندية وارسو عندما كان في طريقه إلى هامبورغ بألمانيا للمشاركة في «قمة العشرين». وفي حينه أزعجت تلك الزيارة الدول الأوروبية الأخرى التي كانت دخلت في مواجهة في بولندا بسبب أزمة اللاجئين.
أيضاً، كان دودا الرئيس الأجنبي الأول الذي يزور البيت الأبيض في خضم أزمة جائحة «كوفيد - 19» في نهاية الشهر الماضي، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية في بولندا. ولقد وُصفت هذه الخطوة كذلك بأنها دعم مباشر من ترمب لدودا الذي يتشارك معه في سياساته وقناعاته اليمينية. وبالفعل، هذه العلاقة بين الرجلين انعكست كذلك في تصريحات ترمب الأخيرة حول سحب جزء من القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا، وإعادة نشرها في بولندا، وهو ما لاقى ترحيبا كبيراً من دودا.
العداء لألمانيا
ثم إن الرئيسين يتفقان على «كُره» ألمانيا. فترمب لا يوفر فرصة لانتقاد برلين حول كثير من القضايا، مثل إحجامها عن إنفاق 2 في المائة من ناتجها الإجمالي على الدفاع، وكذلك الفائض التجاري مع الولايات المتحدة، وخط أنابيب الغاز مع روسيا «نورد ستريم 2». ودودا كذلك لا يتردد في تكرار اتهاماته لألمانيا بمحاولة التدخُّل بشؤون بلاده، أو محاولة التأثير على الانتخابات فيها، كما حصل خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة عندما تهجّم دودا على صحافي ألماني واتهم برلين بأنها تريد التأثير على نتائج الانتخابات. وجاء كلام دودا بعد خبر نشرته أكثر الصحف الشعبية انتشاراً في البلاد (وتملك دار نشر ألمانية جزءاً منها) يتعلق بعفو الرئيس عن مجرم، ما أثار ردود فعل غاضبة ضده. ورد دودا بالسؤال: «هل يريد الألمان أن ينتخبوا رئيس بولندا؟»... وهاجم مراسل صحيفة «دي فيلت» الألمانية المحترمة، الذي سماه بالاسم، واتهمه بالترويج لمنافسه.
بل حتى إن وزير العدل البولندي دخل على خط الجدل ملمّحاً إلى إمكانية إجراء «إصلاحات» تتعلق بالملكية الأجنبية للإعلام في بولندا. وقال قبل الانتخابات «علينا أن نفكّر بوضع الإعلام في بولندا بسبب ما يحدث. لا يمكننا أن نغض النظر ببساطة، وآمل أن نتوصل لبعض الاستنتاجات بعد الانتخابات».
ولكن، رغم كل هذه الخلافات بين حكام وارسو والاتحاد الأوروبي، تبقى بولندا من أكثر الدول استفادة من مساعدات الاتحاد وتسهيلاته. وحتى في المفاوضات الجارية حول الحزمة المالية الضخمة التي اتفقت عليها فرنسا وألمانيا لإنقاذ الدول الأوروبية التي تعاني اقتصادياً من جائحة «كوفيد - 19» من المفترض أن تتلقى بولندا حصة كبيرة من هذه المساعدات، رغم أنها كانت من أقل الدول تأثراً بالجائحة، وفق صحيفة «غارديان» البريطانية التي قالت إنها اطلعت على بيانات داخلية في بروكسل. وحسبما نقلت الصحيفة، يُفترض أن تتلقى بولندا مساعدات بقيمة 37 مليار يورو من هذه الحزمة الطارئة التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 750 مليار يورو.
كذلك، نقلت «الغارديان» عن دبلوماسيين أوروبيين «انزعاجهم» الشديد من هذا الواقع، وقال أحدهم إن «بولندا تهزأ بقيَمنا وتُكافأ على ذلك. هذا أمر غير مقبول». وذهب البعض إلى حد اشتراط منح الأموال بالتزام وارسو بالقيم الأوروبية. وقال داكيان كيولوس، النائب الأوروبي من كتلة حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «يجب تقوية آلية حكم القانون عند توزيع أموال الاتحاد الأوروبي»، وأضاف: «إن الاتحاد ليس صرافاً آلياً... ولا بد من ربط الوحدة الأوروبية بالقيم الأوروبية واحترام الحقوق الأساسية».
رافال تجاشكوفسكي... العمدة الليبرالي الطموح
> رافال تجاشكوفسكي، المرشّح الخاسر في الانتخابات الرئاسية في بولندا، مثل دودا، يبلغ من العمر 48 سنة. وهو العمدة الحالي للعاصمة وارسو منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2018. وهو يحمل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة وارسو.
عمل منذ عام 1995 مترجماً فورياً لفترة، لإتقانه اللغة الإنجليزية. وهو يتقن كذلك اللغات الفرنسية والإسبانية والإيطالية.
عام 2000 بدأ تجاشكوفسكي العمل في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بداية مع مكتب بولندا في لجنة الاندماج الأوروبي، ثم مستشاراً لحزب «المنصة المدنية» البولندي في البرلمان الأوروبي. وفي عام 2009، انتُخب عضواً في البرلمان الأوروبي عن حزب «المنصة المدنية» التي هي جزء من كتلة «حزب الشعب الأوروبي»، التي تضم الأحزاب الأوروبية الليبرالية اليمينية الوسطية.
كذلك قبل أن يصبح عمدة وارسو، شغل تجاشكوفسكي منصباً وزارياً في حكومة الرئيس برونيسلاف كوموروفسكي عام 2013. إذ عُين وزيراً للإدارة والرقمنة، وكان من ضمن مهامه الأمن السيبراني والتطوير التقني للمعلومات. وفي عام 2014، تسلّم منصب نائب وزير خارجية بولندا، وكان مسؤولاً عن التنسيق مع الاتحاد الأوروبي.
ثم في عام 2015، فاز بمقعد في البرلمان البولندية، وعُيّن وزير خارجية في «حكومة الظل» المعارضة. وأثناء وجوه في البرلمان، كان عضواً في لجنة الشؤون الأوروبية ولجنة الشؤون الخارجية والرقمنة من بين غيرها. وفي عام 2018، فاز بمنصب عمدة مدينة وارسو ليصبح أيضاً في عام 2020 نائباً لحزبه «المنصة المدنية».
يعتقد تجاشكوفسكي أن الديمقراطية في بولندا مهددة. وقال في إحدى المقابلات الصحافية إنه لن يسمح بتقويض القضاء أكثر، وبأنه سيحاول إعادة استقلالية مكتب الادعاء العام، وهو ما فقدها خلال حكم حزب «القانون والعدالة»، خلال السنوات الخمس الماضية، كون وزير العدل هو نفسه المدعي العام.
أندريه دودا... الرئيس وحامل راية اليمين المتشدد
> بدأ الرئيس البولندي أندريه دودا (48 سنة) فترته الرئاسية الثانية التي تنتهي في عام 2025، ومن المفترض أن تكون الأخيرة بحسب الدستور البولندي. وكان قد انتخب للمنصب في المرة الأولى في أغسطس (آب) 2015، وهو ينتمي لحزب «القانون والعدالة» اليميني المتشدد.
وُلد دودا ونشأ في مدينة كراكوف، عاصمة بولندا الثقافية في جنوب البلاد. ودرس المحاماة في الجامعة، وحاز على شهادة دكتوراه في القانون من الجامعة الياغييلونية العريقة عام 2005. وكان قد دخل الحياة السياسية في عام 2000 مع حزب الحرية الذي حُلّ لاحقاً. وبعد عام 2005، بات عضواً في حزب «القانون والعدالة»، وشغل عدة مناصب في الحكومة منذ عام 2006، من بينها نائب وزير العدل، ثم مساعداً للرئيس اليميني ليخ كاجينسكي الذي قتل في حادث طائرة في أبريل (نيسان) 2010.
بعدها، نجح بدخول البرلمان البولندي في عام 2011، ثم البرلمان الأوروبي عام 2014. ورغم تنقله في كثير من المناصب بسرعة كبيرة، ما كان دودا معروفاً كثيراً داخل حزب «القانون والعدالة».
وفي عام 2014، تسبب إعلان أمين عام الحزب باروسلاف كاجينسكي، وهو الشقيق التوأم للرئيس الراحل، بأن دودا سيترشح عن الحزب في الانتخابات الرئاسية بمفاجأة لكثيرين. وأعلن حينها دودا بأنه يريد أن يترشح كـ«الوريث الروحي» لليش كاجينسكي. وللعلم، كان الأخوان كاجينسكي مؤسسا حزب «القانون والعدالة» عام 2001. ويصوّر الحزب نفسه منذ البداية على أنه الحزب الذي يحافظ «على قيم بولندا»، انطلاقاً من 3 مبادئ هي العائلة والوظائف والأمن.
دودا متزوج من أغاتا التي تدرس اللغة الألمانية، ولديهما ابنة تُدعى «كينغا» تبلغ من العمر 25 سنة، تلعب أحياناً دوراً شبيهاً بالدور الذي تلعبه إيفانكا ترمب، ابنة الرئيس الأميركي، لجهة تلطيف صورة والدها؛ فبعد فوز والدها بالانتخابات، خرجت كينغا لتقول إنه «يجب ألا يشعر أحد في بلدنا بالخوف من مغادرة منزله، لأنه بغضّ النظر عما نؤمن به، وما هو لوننا، وما هي الأفكار التي نحملها، وأي مرشح مؤيد، فنحن كلنا متساوون ونستحق الاحترام». وقال البعض إن كلماتها جاءت لطمأنة فئات كثيرة تهجّم عليها والدها خلال الحملة الانتخابية، خاصة المثليين الذين وصفهم بأنهم «ليسوا بشراً».