بقاء أندريه دودا في رئاسة بولندا يُكرِّس الانقسام الداخلي

نتيجة الانتخابات تشير إلى أن المعركة مستمرة مع الاتحاد الأوروبي لخمس سنوات إضافية

بقاء أندريه دودا في رئاسة بولندا يُكرِّس الانقسام الداخلي
TT

بقاء أندريه دودا في رئاسة بولندا يُكرِّس الانقسام الداخلي

بقاء أندريه دودا في رئاسة بولندا يُكرِّس الانقسام الداخلي

لم تنتج الانتخابات الرئاسية في بولندا خياراً مفاجئاً، بل أبقت على الرئيس اليميني الحالي أندريه دودا في السلطة. إلا أن نتيجتها المتقاربة جداً أظهرت أن بولندا باتت منقسمة (بالتساوي تقريباً) بين مسنّيها وشبابها، وبين سكان المدن وأولئك الذي يقطنون في الريف، وبين المحافظين والليبراليين.
كذلك أكدت حصيلة الانتخابات أن المعركة مستمرة مع الاتحاد الأوروبي لخمس سنوات إضافية على الأقل، وهي مدة الفترة الرئاسية الجديدة لدودا. وكانت هذه المعركة قد بدأها الرئيس المنتمي لحزب «القانون والعدالة» اليميني المتشدد عندما فاز بالانتخابات الرئاسية للمرة الأولى قبل 5 سنوات.

نجح الرئيس أندريه دودا بانتشال فوز بفارق ضئيل في الجولة الثانية من الانتخابات، متقدماً بفارق بسيط جداً على منافسه عمدة مدينة وارسو الليبرالي رافال تجاشكوفسكي، إذ حصل على 50.2 في المائة من الأصوات مقابل 48.8 في المائة نالها تجاشكوفسكي.
والملاحظ أنه بينما حصل تجاشكوفسكي على 65 في المائة من أصوات من هم دون سن الثلاثين، كسب دودا أصوات نحو الـ62 في المائة من أصوات من هم فوق سن الستين. كذلك حصل المرشح الليبرالي الخاسر على غالبية أصوات سكان المدن مثل وارسو التي صوّت 67 في المائة من الناخبين فيها لصالحه، وغدانسك – ميناء البلاد الرئيسي – حيث حصل على 70 في المائة من الأصوات. وفي المقابل، في النهاية نجح دودا بفضل الأرياف وكبار السن في السباق الذي شهد أعلى نسبة مشاركة في أي انتخابات رئاسية أجرت في بولندا حتى اليوم، إذ زادت على الـ68 في المائة.
وبينما احتفل مؤيدو دودا، الذين صوّتوا له بالأساس لنجاحه في تقليص نسبة الفقر خلال السنوات الخمس الماضية - لا سيما في المناطق الريفية - وكذلك لأجندته الانتخابية المحافظة التي بناها على مهاجمة المثليين، فقد بدأت المخاوف تتزايد ليس فقط لدى معارضيه، بل أيضاً لدى المنظمات الحقوقية والاتحاد الأوروبي، حول مستقبل حكم القانون في البلاد.

قلق أوروبي من تشدد اليمين

منذ عام 2015، أي منذ أن أصبح دودا رئيساً، وسيطر حزبه كذلك على البرلمان منذ ذلك الحين، تسارع تقويض الديمقراطية في بولندا، خصوصاً لجهة محاولة السيطرة على الإعلام والقضاء، أهم أعمدة الدول الديمقراطية. وخلال أشهر قليلة من تسلمه منصبه، بدأ دودا العمل على «تغييرات» تستهدف النظام القضائي، تحوّلت إلى معركة مع السلك القضائي ثم إلى معركة مع الاتحاد الأوروبي... وتسببت بخروج مظاهرات كبيرة ضد الحزب الحاكم.
دودا، هذا الزعيم اليميني الشعبوي - ومن خلفه رعاته من قادة اليمين المتشدد - يرى منذ وصوله إلى السلطة في أغسطس (آب) 2005، السلك القضائي بأنه «من مخلفات الحقبة السوفياتية» وأن «الفساد ينخره»، وهو بالتالي، يحتاج إلى تغيير.
ومن ثم، دفعت عدة خطوات اتخذتها حكومتها منذ ذلك الحين بحجة «إصلاح» النظام القضائي، بالاتحاد الأوروبي إلى اعتماد خطوة غير مسبوقة وتحريك البند السابع من «اتفاقية دبلن» للمرة الأولى ضد دولة في الاتحاد الأوروبي. ويتعلق هذا البند بإطلاق إجراءات تأديبية بحق إحدى دول الاتحاد في حال ارتأت المفوضية أن هناك تهديداً للمبادئ والأسس التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي.
عندما اتخذت المفوضية قرار بدء إجراءات تأديبية ضد بولندا في ديسمبر (كانون الأول) 2017. فهي برّرت القرار يومذاك بأنها حاولت على مدى سنتين «إطلاق حوار بنّاء» مع الحكومة البولندية، بهدف «حماية حكم القانون في أوروبا»، لكنها لم تتوصل لأي نتيجة. وأضافت أنه «في غياب قضاء مستقل، فإن أسئلة جدّية تُطرح حول تطبيق القانون الأوروبي». وفي تبريرها لتحريك البند السابع، قالت المفوضية الأوروبية أن الحكومة البولندية تبنّت 13 قانونا ً خلال سنتين تؤثر على «التركيبة الكاملة للجسم القضائي في بولندا، وتؤثر على المحاكم الدستورية والمحكمة العليا والمحاكم العادية والمجلس الوطني للقضاة وغيرها».

التلاعب باستقلالية القضاء

والحال أنه يمكن لهذه الآلية أن تؤدي إلى عقوبات ضد الدولة المستهدفة في حال لم تتعاون مع المفوضية الأوروبية، وإلى تجريد هذه الدولة من حقها في التصويت، وصولاً إلى تعليق عضويتها. ومن بين ما يقلق المفوضية الأوروبية، تخفيض سن التقاعد للقضاة إلى 65 سنة للرجال و60 سنة للنساء بدلاً من 67 سنة في السابق للرجال والنساء. وهذا الأمر يسمح عملياً للحكومة بالتخلص من قضاة سابقين وتعيين آخرين تنتقيهم بنفسها.
أيضاً، من الخطوات الأخرى التي اتخذها حزب «القانون والعدالة» تأسيس هيئة تأديبية للقضاة، تمكّن الحكومة من قتح تحقيقات ضد القضاة بسبب أحكام واتخاذ إجراءات تأديبية بحقهم. ولقد دفعت هذه الخطوة، بالذات، الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق عملية قانونية جديدة ضد بولندا لإجبارها على التراجع عن سياسة قال عنها نائب رئيس المفوضية الأوروبية (آنذاك) فرانس تيمرمانز إن هدفها «إخضاع القضاة بشكل ممنهج للسيطرة السياسية للسلطة التنفيذية».
وحقاً، خلال العام الماضي لفّت بولندا فضيحة كبرى، بعد كشف صحافية في موقع محلي عن تورّط وزارة العدل بحملات لتشويه سمعة القضاة. وكتبت الصحافية الأميركية أنا أبلباوم المتزوجة من سياسي بولندي معارض، في موقع «أتلانتيك»، أن الحكومة البولندية تشن حملات تشويه سمعة ضد القضاة. وأردفت الكاتبة أنها التقت أحد هؤلاء في «محكمة العدل الأوروبية» بستراسبورغ كان يخضع لتدقيق مالي منذ 18 شهراً، ويواجه خمسة إجراءات تأديبية بحقه. وتقول أبلباوم إن محاولات حزب دودا تصوير القضاة على أنهم من مخلفات العهد السوفياتي أمر غير منطقي «لأن معدل عمر القاضي 42 سنة، بينما سقط (جدار برلين) قبل 30 سنة، ما يعني أن الغالبية العظمى من القضاة ما كانوا في سن يسمح لهم بأن يكونوا شيوعيين».

المعركة ضد الإعلام
لم يكتف دودا بشن معركته ضد القضاء، بل فتح أيضاً معركة أخرى مع الإعلام. وفي مطلع العام 2016 - أي بعد أشهر قليلة على وصوله للرئاسة - وقّع دودا على قانون يعطي الحكومة الحق بالإشراف المباشر على المؤسسات الإعلامية التابعة للدولة. وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كتب كريستوف بوبينسكي، من جمعية الصحافيين في وارسو، أن التلفزيون الرسمي في بولندا يدعم بشكل مستمر مرشحي حزب «القانون والعدالة» منذ وصول هذا الحزب اليميني إلى السلطة عام 2015. وأضاف أن هذا «يتعارض مع قانون الإعلام في بولندا الذي ينص على ضرورة أن يكون الإعلام الرسمي منصة حيادية مهمتها تغطية الأخبار للمواطنين».
وفي العام الماضي، نقلت مجلة «فورين بوليسي» عن صحافيين يعملون في الإعلام الرسمي البولندي قولهم إنه قبل عام 2015 «ما كان للساسة الموجودين في الحكم التأثير الذي يتمتعون به اليوم». وذكر بعض الصحافيين الذين لم يسمّهم التقرير، أنه «ما عاد ممكناً أن تجد الحقيقة في قناتنا». وحتى إن منظمة «صحافيين بلا حدود» وصفت الإعلام الرسمي في بولندا بأنه «تحوّل إلى أداة دعائية للحكومة».

موضوع اللاجئين

من جانب آخر، لا تقتصر خلافات الاتحاد الأوروبي مع بولندا على التغييرات التي تدخلها حكومة دودا في مجالي القضاء والإعلام، بل تتصل أيضاً برفض بولندا استقبال لاجئين بخلاف «الكوتا» (ترتيبات الحصص) التي تم الاتفاق عليها لتوزيع اللاجئين بين دول الاتحاد بعد أزمة اللجوء الكبيرة عام 2015. وفي أبريل (نيسان) الماضي، استنتجت المحكمة الأوروبية العليا أن بولندا، إضافة إلى المجر والتشيك، خرقت القانون الأوروبي عندما رفضت استقبال لاجئين، معظمهم من سوريا والعراق. وراهناً تواجه بولندا و«جارتاها» عقوبات أوروبية محتملة لرفضها الالتزام بـ«الكوتا» الأوروبية الخاصة بها من اللاجئين. ورفضت المحكمة الأوروبية دفاع بولندا عن قرار رفضها استقبال لاجئين، وادعاءها بأنه «يحق لها التغاضي عن قوانين أوروبية إذا كانت تعرّض الأمن والسلم القومي البولنديين للخطر».

التقارب مع واشنطن

ولكن مقابل دخول دودا في صراع مع الاتحاد الأوروبي يُتوقّع أن يستمر طوال فترة حكمه المقبلة، فإنه نجح بنسج علاقات ودية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي كانت بولندا الدولة الأوروبية الأولى التي زارها بعد انتخابه رئيساً. وفي يوليو (تموز) من عام 2017، توقف ترمب في العاصمة البولندية وارسو عندما كان في طريقه إلى هامبورغ بألمانيا للمشاركة في «قمة العشرين». وفي حينه أزعجت تلك الزيارة الدول الأوروبية الأخرى التي كانت دخلت في مواجهة في بولندا بسبب أزمة اللاجئين.
أيضاً، كان دودا الرئيس الأجنبي الأول الذي يزور البيت الأبيض في خضم أزمة جائحة «كوفيد - 19» في نهاية الشهر الماضي، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية في بولندا. ولقد وُصفت هذه الخطوة كذلك بأنها دعم مباشر من ترمب لدودا الذي يتشارك معه في سياساته وقناعاته اليمينية. وبالفعل، هذه العلاقة بين الرجلين انعكست كذلك في تصريحات ترمب الأخيرة حول سحب جزء من القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا، وإعادة نشرها في بولندا، وهو ما لاقى ترحيبا كبيراً من دودا.

العداء لألمانيا

ثم إن الرئيسين يتفقان على «كُره» ألمانيا. فترمب لا يوفر فرصة لانتقاد برلين حول كثير من القضايا، مثل إحجامها عن إنفاق 2 في المائة من ناتجها الإجمالي على الدفاع، وكذلك الفائض التجاري مع الولايات المتحدة، وخط أنابيب الغاز مع روسيا «نورد ستريم 2». ودودا كذلك لا يتردد في تكرار اتهاماته لألمانيا بمحاولة التدخُّل بشؤون بلاده، أو محاولة التأثير على الانتخابات فيها، كما حصل خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة عندما تهجّم دودا على صحافي ألماني واتهم برلين بأنها تريد التأثير على نتائج الانتخابات. وجاء كلام دودا بعد خبر نشرته أكثر الصحف الشعبية انتشاراً في البلاد (وتملك دار نشر ألمانية جزءاً منها) يتعلق بعفو الرئيس عن مجرم، ما أثار ردود فعل غاضبة ضده. ورد دودا بالسؤال: «هل يريد الألمان أن ينتخبوا رئيس بولندا؟»... وهاجم مراسل صحيفة «دي فيلت» الألمانية المحترمة، الذي سماه بالاسم، واتهمه بالترويج لمنافسه.
بل حتى إن وزير العدل البولندي دخل على خط الجدل ملمّحاً إلى إمكانية إجراء «إصلاحات» تتعلق بالملكية الأجنبية للإعلام في بولندا. وقال قبل الانتخابات «علينا أن نفكّر بوضع الإعلام في بولندا بسبب ما يحدث. لا يمكننا أن نغض النظر ببساطة، وآمل أن نتوصل لبعض الاستنتاجات بعد الانتخابات».
ولكن، رغم كل هذه الخلافات بين حكام وارسو والاتحاد الأوروبي، تبقى بولندا من أكثر الدول استفادة من مساعدات الاتحاد وتسهيلاته. وحتى في المفاوضات الجارية حول الحزمة المالية الضخمة التي اتفقت عليها فرنسا وألمانيا لإنقاذ الدول الأوروبية التي تعاني اقتصادياً من جائحة «كوفيد - 19» من المفترض أن تتلقى بولندا حصة كبيرة من هذه المساعدات، رغم أنها كانت من أقل الدول تأثراً بالجائحة، وفق صحيفة «غارديان» البريطانية التي قالت إنها اطلعت على بيانات داخلية في بروكسل. وحسبما نقلت الصحيفة، يُفترض أن تتلقى بولندا مساعدات بقيمة 37 مليار يورو من هذه الحزمة الطارئة التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 750 مليار يورو.
كذلك، نقلت «الغارديان» عن دبلوماسيين أوروبيين «انزعاجهم» الشديد من هذا الواقع، وقال أحدهم إن «بولندا تهزأ بقيَمنا وتُكافأ على ذلك. هذا أمر غير مقبول». وذهب البعض إلى حد اشتراط منح الأموال بالتزام وارسو بالقيم الأوروبية. وقال داكيان كيولوس، النائب الأوروبي من كتلة حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «يجب تقوية آلية حكم القانون عند توزيع أموال الاتحاد الأوروبي»، وأضاف: «إن الاتحاد ليس صرافاً آلياً... ولا بد من ربط الوحدة الأوروبية بالقيم الأوروبية واحترام الحقوق الأساسية».

رافال تجاشكوفسكي... العمدة الليبرالي الطموح

> رافال تجاشكوفسكي، المرشّح الخاسر في الانتخابات الرئاسية في بولندا، مثل دودا، يبلغ من العمر 48 سنة. وهو العمدة الحالي للعاصمة وارسو منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2018. وهو يحمل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة وارسو.
عمل منذ عام 1995 مترجماً فورياً لفترة، لإتقانه اللغة الإنجليزية. وهو يتقن كذلك اللغات الفرنسية والإسبانية والإيطالية.
عام 2000 بدأ تجاشكوفسكي العمل في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بداية مع مكتب بولندا في لجنة الاندماج الأوروبي، ثم مستشاراً لحزب «المنصة المدنية» البولندي في البرلمان الأوروبي. وفي عام 2009، انتُخب عضواً في البرلمان الأوروبي عن حزب «المنصة المدنية» التي هي جزء من كتلة «حزب الشعب الأوروبي»، التي تضم الأحزاب الأوروبية الليبرالية اليمينية الوسطية.
كذلك قبل أن يصبح عمدة وارسو، شغل تجاشكوفسكي منصباً وزارياً في حكومة الرئيس برونيسلاف كوموروفسكي عام 2013. إذ عُين وزيراً للإدارة والرقمنة، وكان من ضمن مهامه الأمن السيبراني والتطوير التقني للمعلومات. وفي عام 2014، تسلّم منصب نائب وزير خارجية بولندا، وكان مسؤولاً عن التنسيق مع الاتحاد الأوروبي.
ثم في عام 2015، فاز بمقعد في البرلمان البولندية، وعُيّن وزير خارجية في «حكومة الظل» المعارضة. وأثناء وجوه في البرلمان، كان عضواً في لجنة الشؤون الأوروبية ولجنة الشؤون الخارجية والرقمنة من بين غيرها. وفي عام 2018، فاز بمنصب عمدة مدينة وارسو ليصبح أيضاً في عام 2020 نائباً لحزبه «المنصة المدنية».
يعتقد تجاشكوفسكي أن الديمقراطية في بولندا مهددة. وقال في إحدى المقابلات الصحافية إنه لن يسمح بتقويض القضاء أكثر، وبأنه سيحاول إعادة استقلالية مكتب الادعاء العام، وهو ما فقدها خلال حكم حزب «القانون والعدالة»، خلال السنوات الخمس الماضية، كون وزير العدل هو نفسه المدعي العام.

أندريه دودا... الرئيس وحامل راية اليمين المتشدد

> بدأ الرئيس البولندي أندريه دودا (48 سنة) فترته الرئاسية الثانية التي تنتهي في عام 2025، ومن المفترض أن تكون الأخيرة بحسب الدستور البولندي. وكان قد انتخب للمنصب في المرة الأولى في أغسطس (آب) 2015، وهو ينتمي لحزب «القانون والعدالة» اليميني المتشدد.
وُلد دودا ونشأ في مدينة كراكوف، عاصمة بولندا الثقافية في جنوب البلاد. ودرس المحاماة في الجامعة، وحاز على شهادة دكتوراه في القانون من الجامعة الياغييلونية العريقة عام 2005. وكان قد دخل الحياة السياسية في عام 2000 مع حزب الحرية الذي حُلّ لاحقاً. وبعد عام 2005، بات عضواً في حزب «القانون والعدالة»، وشغل عدة مناصب في الحكومة منذ عام 2006، من بينها نائب وزير العدل، ثم مساعداً للرئيس اليميني ليخ كاجينسكي الذي قتل في حادث طائرة في أبريل (نيسان) 2010.
بعدها، نجح بدخول البرلمان البولندي في عام 2011، ثم البرلمان الأوروبي عام 2014. ورغم تنقله في كثير من المناصب بسرعة كبيرة، ما كان دودا معروفاً كثيراً داخل حزب «القانون والعدالة».
وفي عام 2014، تسبب إعلان أمين عام الحزب باروسلاف كاجينسكي، وهو الشقيق التوأم للرئيس الراحل، بأن دودا سيترشح عن الحزب في الانتخابات الرئاسية بمفاجأة لكثيرين. وأعلن حينها دودا بأنه يريد أن يترشح كـ«الوريث الروحي» لليش كاجينسكي. وللعلم، كان الأخوان كاجينسكي مؤسسا حزب «القانون والعدالة» عام 2001. ويصوّر الحزب نفسه منذ البداية على أنه الحزب الذي يحافظ «على قيم بولندا»، انطلاقاً من 3 مبادئ هي العائلة والوظائف والأمن.
دودا متزوج من أغاتا التي تدرس اللغة الألمانية، ولديهما ابنة تُدعى «كينغا» تبلغ من العمر 25 سنة، تلعب أحياناً دوراً شبيهاً بالدور الذي تلعبه إيفانكا ترمب، ابنة الرئيس الأميركي، لجهة تلطيف صورة والدها؛ فبعد فوز والدها بالانتخابات، خرجت كينغا لتقول إنه «يجب ألا يشعر أحد في بلدنا بالخوف من مغادرة منزله، لأنه بغضّ النظر عما نؤمن به، وما هو لوننا، وما هي الأفكار التي نحملها، وأي مرشح مؤيد، فنحن كلنا متساوون ونستحق الاحترام». وقال البعض إن كلماتها جاءت لطمأنة فئات كثيرة تهجّم عليها والدها خلال الحملة الانتخابية، خاصة المثليين الذين وصفهم بأنهم «ليسوا بشراً».


مقالات ذات صلة

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».