حواجز على طريق القمة الأوروبية للإنقاذ من «كوفيد ـ 19»

بروكسل على موعد مع أهم اجتماع «وجهاً لوجه»

استعدادات لاستضافة القمة الأوروبية في بروكسيل اليوم (أ.ف.ب)
استعدادات لاستضافة القمة الأوروبية في بروكسيل اليوم (أ.ف.ب)
TT

حواجز على طريق القمة الأوروبية للإنقاذ من «كوفيد ـ 19»

استعدادات لاستضافة القمة الأوروبية في بروكسيل اليوم (أ.ف.ب)
استعدادات لاستضافة القمة الأوروبية في بروكسيل اليوم (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ بداية أزمة «كوفيد - 19» يعود القادة الأوروبيون إلى العاصمة البلجيكية للاجتماع وجهاً لوجه في قمّة وصفها بعضهم بأنها «الأهمّ منذ أربعة عقود... وربما في العقود الأربعة المقبلة».
في القاعة التي تتسّع عادة لأكثر من 300 شخص، لن يجلس اليوم (الجمعة) سوى 27 من رؤساء الدول والحكومات وراء الكمّامات، يرافق كل واحد منهم معاونان أو ثلاثة وطبيب ينتظر في الخارج للتدخّل عند الحاجة. لكن الوجه الدرامي الحقيقي في هذه القمة ليس في مظاهر إعدادها وتنظيمها، بل في البند الوحيد المدرج على جدول أعمالها والذي تدور حوله منذ أسابيع شواغل الدوائر الدبلوماسية الأوروبية إنه «صندوق الإنقاذ» الذي يعوّل عليه الاتحاد الأوروبي، وبخاصة الدول الأكثر تضرراً من الوباء، للنهوض من أفدح أزمة اقتصادية عرفتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
أواسط الشهر الماضي بدت الطريق ممهّدة أمام التوصّل إلى اتفاق نهائي حول حزمة المساعدات والقروض والشروط التي يتضمنها الصندوق استناداً إلى اقتراح المفوضية، وذلك بعد الاتفاق الذي توصّلت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتأييد الاقتراح الذي لقي أيضا تجاوباً واسعاً في البرلمان الأوروبي ثم من رئيسة المصرف المركزي الأوروبي. لكن مع مرور الأيام عادت الحواجز لتظهر على الطريق الذي كان المحور الألماني الفرنسي قد مهّد له، وعادت «صقور الشمال» - هولندا والنمسا والسويد والدنمارك - لتصرّ على تقييد الحصول على المساعدات بشروط صارمة، لا بل ذهبت في الأيام الأخيرة إلى حد المطالبة بخفض القيمة الإجمالية للصندوق من 750 مليار يورو، كما وردت في اقتراح المفوضية الذي أقره وزراء مالية الاتحاد، إلى 500 مليار، فيما دعت السويد إلى إلغاء المساعدات من الصندوق وحصره بالقروض الميسّرة.
في موازاة ذلك كانت ألمانيا، التي ترأس الاتحاد الأوروبي منذ مطلع الشهر الجاري، ترسل إشارات يستفاد منها أن دعمها لاقتراح المفوضية ليس شيكاً على بياض، وأن التوصل إلى اتفاق نهائي يقتضي تنازلات من الطرفين حول حجم الصندوق وشروط الحصول على المساعدات والقروض.
هذه التطورات الأخيرة دفعت إيطاليا وإسبانيا، وهما البلدان الأكثر تضرراً من الوباء والمرشحان للحصول على الحصة الأكبر من قروض ومساعدات الصندوق، إلى القيام بنشاط دبلوماسي مكثّف في الأيام الأخيرة عبر جولة على العواصم الوازنة، وفي طليعتها برلين وباريس ولاهاي، لتحضير القمة التي يتوقف على نتائجها قدر كبير من المستقبل الاقتصادي للبلدين. لكن حصيلة هذا النشاط، في الحالتين الإيطالية والإسبانية، جاءت مخيّبة لآمال روما ومدريد اللتين ستواجهان اليوم جبهة مرصوصة من «صقور الشمال» من غير ضمانات حول مدى الدعم الفرنسي والموقف الألماني الوازن الذي تعوّل عليه إيطاليا وإسبانيا لترجيح كفّة المفاوضات.
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أقرّ في نهاية جولته بأنه لا بد من تنازلات للتوصل إلى اتفاق حول صندوق الإنقاذ، وقال بعد لقائه برئيس الوزراء السويدي الاشتراكي ستيفان لوفين وبالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «علينا جميعاً أن نبذل جهداً ونتنازل في بعض المواقف للتوصل إلى اتفاق».
لكن رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي، الذي يكرّر منذ أسابيع أن لا تراجع عن اقتراح المفوضية ويعرف أن مستقبله السياسي بات مرهوناً بنتيجة هذه القمّة، يبدو مستعدّاً للذهاب حتى النهاية ويلوّح باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع الموافقة على موازنة الاتحاد للسنوات السبع المقبلة إذا أصرّت هولندا وحلفاؤها على تعديل الاقتراح يُنتظر أن تحصل إيطاليا بموجبه على 170 مليار يورو وإسبانيا على 140 مليارا.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإيطالية الراهنة نجحت منذ تأليفها في سبتمبر (أيلول) الماضي في إعادة تصويب البوصلة السياسية نحو الاتحاد الأوروبي، ويُخشى في حال فشل القمة أن يحقق المعسكر اليميني المتطرف هدفه بالوصول إلى الحكم خاصة أن استطلاعات الرأي ما زالت ترجّح فوزه في الانتخابات.
أوساط دول الشمال تتحدّث عن اقتراح بخفض الحجم الإجمالي للصندوق من 750 مليارا إلى 500 مليار يورو، وأن تكون المساعدات مشروطة بإصلاحات مسبقة، وليس بوعود إصلاحية، وألا تكون مراقبة استيفاء الشروط محصورة بيد المفوضية وأن يعود القرار النهائي للدول الأعضاء.
أوساط الوفد الإسباني من جهتها، تبدي استعدادها للتجاوب مع إعطاء الدول الأعضاء إمكانية مناقشة الإصلاحات في الدول التي تحصل على مساعدات، لكن إيطاليا تصرّ على رفضها القاطع لهذا المبدأ فيما تذهب هولندا إلى المطالبة بحق النقض على أي مساعدات إذا لم تتوفر الإصلاحات اللازمة للحصول عليها.
المستشارة الألمانية تريد التوصّل إلى اتفاق نهائي حول صندوق الإنقاذ من تداعيات «كوفيد - 19» قبل نهاية هذا الشهر، لكنها تدرك صعوبة هذه المفاوضات التي قالت إن مستقبل المشروع الأوروبي برمّته مرهون بها. وقد أبلغت شركاءها بأنها مستعدة لتمديد القمة حتى غد السبت أو الأحد إذا اقتضى الأمر، فيما لا تستبعد أوساط المفوضية استراحة في نهاية الأسبوع لإفساح المجال أمام الاتصالات الجانبية ثم استئناف القمة مطلع الأسبوع المقبل.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».