خطة الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين تقوم على التنسيق مع دمشق

TT

خطة الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين تقوم على التنسيق مع دمشق

أقر مجلس الوزراء اللبناني مطلع هذا الأسبوع «ورقة السياسة العامة لعودة النازحين (السوريين)»، وهي أشبه بخطة لإطلاق عملية جماعية لإعادتهم تم حصرها بوزارة الشؤون الاجتماعية، بعدما تم تسجيل عمليات لإعادة النازحين رعاها أكثر من طرف في السنوات الماضية، ولم تحقق إلا عودة بضع مئات منهم.
وتعتبر الخطة أن «أحد أهم أركان نجاح العودة الآمنة للنازحين هو التعاون والتنسيق مع الدولة السورية، من منطلق أنها الجهة الوحيدة القادرة على تأمين الضمانات اللازمة لتحقيق العودة الآمنة للنازحين». وعليه تدعو لتشكيل لجنة لبنانية - سورية مشتركة (على أن تمثل وزارة الشؤون الاجتماعية الجانب اللبناني منها) تعنى بملف النزوح، وينبثق عنها لجان فرعية تقوم بالتنسيق فيما بينها.
وبينما يعتبر البعض أن موافقة الحكومة اللبنانية على التنسيق والتعاون مع سوريا أقله في هذا المجال من شأنه أن يعرض لبنان لعقوبات شتى، مع انطلاق تطبيق قانون «قيصر»، يستبعد آخرون ذلك باعتبار أن المفاوضات الدبلوماسية لا تعني تقديم دعم للنظام في سوريا.
ويشكل النازحون السوريون - بحسب الورقة التي تم إقرارها - ثلث سكان لبنان. وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن لبنان يستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين نسبة إلى عدد سكانه؛ حيث تقدر الحكومة وجود 1.5 مليون لاجئ سوري. أما عدد المسجلين لدى المفوضية فلا يتجاوز885 ألفاً.
وترتكز خطة الحكومة على 8 مبادئ أساسية، أبرزها التمسك بحق النازح السوري في العودة ورفض التوطين، وأي شكلٍ من أشكال الاندماج في المجتمع اللبناني، وفق ما نص عليه الدستور اللبناني، وعدم الإعادة القسرية، وعدم ربط عودة النازحين بالعملية السياسية في سوريا. كما تذكر الخطة ترحيب الدولة السورية بعودة كافة السوريين، واستعدادها لبذل ما يلزم لتسهيل إجراءات هذه العودة، من خلال ترميم آلاف المدارس، والعمل على إعادة المؤسسات والخدمات وتأهيل البنى التحتية، وتأمين متطلبات مواطنيها، وإحداث مراكز إيواء مؤقتة، وتقديم مستلزمات العيش الكريم.
ويشير الدكتور عاصم أبي علي، مستشار وزير النازحين اللبناني، والمشرف العام على خطة لبنان للاستجابة للأزمة، إلى أن الخطة تقسم إلى 3 أبعاد، بُعد لبناني، وبُعد لبناني – سوري، وبُعد لبناني – دولي، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العودة الجماعية المنشودة ستتم على مراحل من دون إمكانية تحديد إطار زمني لها؛ خصوصاً أن عوامل كثيرة قد تؤثر عليها، أبرزها في المرحلة الراهنة وباء «كورونا» والأزمة (الاقتصادية) التي يمر بها لبنان.
ويؤكد أبي علي أن وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية الذي زار دمشق في مارس (آذار) الماضي وبحث ملف إعادة النازحين مع المسؤولين السوريين، لمس استعدادهم للتعاون، ولعل أبرز ما سمعه كان حول بناء شبكة أمان اجتماعية لاستقبال العائدين.
من جهته، يشدد رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية، الدكتور بول مرقص، على وجوب أن يجلس ممثلون عن الحكومة اللبنانية في أسرع وقت مع ممثلين عن وزارة الخزانة الأميركية، للحصول على استثناءات بما يتيح للبنان التوفيق بين مصالحه الحيوية وعدم التعرض للعقوبات. ويشير مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأجواء تشير إلى أن هناك توجهاً مماثلاً تمثل وبشكل أساسي في اللقاءات التي سجلت بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والسفيرة الأميركية في بيروت، كما بينها وبين رئيس الحكومة حسان دياب، مضيفاً: «التركيز في هذه الاجتماعات كان على استثناءات تطال القطاعات عموماً؛ لكن لا شك أن هناك مصلحة للبنان أن تشمل الاستثناءات ملف النازحين السوريين، باعتبار أن عودتهم مصلحة وطنية».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.