رحيل عبد الله بها وزير الدولة المغربي وكاتم أسرار ابن كيران في حادث مفجع

الملك محمد السادس عده {رجل الدولة الكبير}.. ومحلل سياسي يرشح العثماني لخلافته

محققون من قوات الدرك الملكي يعملون في المكان الذي وقع فيه حادث وفاة وزير الدولة المغربي عبد الله بها في بلدة بوزنيقة مساء أول من أمس وبدا القطار الذي صدمه واقفا (رويترز)
محققون من قوات الدرك الملكي يعملون في المكان الذي وقع فيه حادث وفاة وزير الدولة المغربي عبد الله بها في بلدة بوزنيقة مساء أول من أمس وبدا القطار الذي صدمه واقفا (رويترز)
TT

رحيل عبد الله بها وزير الدولة المغربي وكاتم أسرار ابن كيران في حادث مفجع

محققون من قوات الدرك الملكي يعملون في المكان الذي وقع فيه حادث وفاة وزير الدولة المغربي عبد الله بها في بلدة بوزنيقة مساء أول من أمس وبدا القطار الذي صدمه واقفا (رويترز)
محققون من قوات الدرك الملكي يعملون في المكان الذي وقع فيه حادث وفاة وزير الدولة المغربي عبد الله بها في بلدة بوزنيقة مساء أول من أمس وبدا القطار الذي صدمه واقفا (رويترز)

توفي مساء أول من أمس عبد الله بها وزير الدولة المغربي والقيادي في حزب العدالة والتنمية متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، في حادث مفجع في بلدة بوزنيقة (جنوب الرباط)، حيث لقي حتفه بعد أن دهسه قطار قادم من الدار البيضاء في اتجاه الرباط.
وتوفي بها في المكان نفسه الذي فارق فيه الحياة غرقا النائب أحمد الزايدي القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض قبل نحو شهر. وسيشيع جثمان الراحل اليوم بعد صلاة الظهر.
وقال قيادي في حزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» إن بها «خرج من بيته وذهب بسيارته وحده إلى المكان الذي توفي فيه الزايدي لأخذ العبرة من موته، فنزل من سيارته وترجل في اتجاه المكان من دون أن يأخذ الاحتياط اللازم فباغته القطار وصدمه».
وكان بيان لوزارة الداخلية المغربية صدر الليلة قبل الماضية قد أعلن أن بها «توفي في حادثة قطار بمنطقة بوزنيقة»، موضحا أن «مصالح الدرك الملكي فتحت على الفور تحقيقا للكشف عن ملابسات الحادث تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وأنه سيجري الإعلان عن نتائج التحقيق فور استكماله».
ومباشرة بعد انتشار الخبر، تحول بيت عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية إلى بيت العزاء الرئيسي للفقيد، وتواصل أمس وصول مختلف الشخصيات السياسية والحزبية من مختلف الأطياف إلى جانب السفراء الأجانب لتعزية ابن كيران في وفاة رفيق دربه وكاتم أسراره.
وحضرت «الشرق الأوسط» أمس مراسم العزاء في بيت ابن كيران، الذي بدا واجما وهو يتلقى العزاء، وكأنه لم يستوعب بعد أثر الصدمة التي سببها رحيل بها، بتلك الطريقة المفجعة، لا سيما أنه لم يكن يفارقه في جميع أنشطته الحكومية.
وبعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقيتي تعزية إلى أسرة الراحل وإلى رئيس الحكومة، ووصف الملك محمد السادس، بها، بـ«رجل الدولة الكبير» و«البسيط المتواضع»، مشيرا إلى أن «وفاة الفقيد لا تعد خسارة فادحة لأسرته المكلومة وحدها، وإنما هي رزء جسيم بالنسبة لنا ولحكومة المملكة، لما كان يتحلى به، رحمه الله، من خصال رجل الدولة الكبير، خديما وفيا لجلالتنا، ولما قدمه لوطنه من أعمال جليلة، عند تحمله للمسؤوليات الحكومية أو الوطنية، التي تقلدها بكل حكمة ونزاهة واقتدار ونكران ذات».
من جهته، قال سليمان العمراني، نائب الأمين العام الثاني لحزب العدالة والتنمية المكلف التنظيم لـ«الشرق الأوسط» إن فقدان بها خسارة كبيرة ليس فقط للحزب الذي يتحمل فيه مسؤولية نائب الأمين العام الأول بل خسارة للبلد وللحكومة ولابن كيران. وأضاف: «منذ أن عرفناه إلى اليوم كان لديه شعار هو (الوطن أولا)، إذ إنه في توجيهاته وتقديراته واستشاراته كان دائما يقدم مصلحة الوطن على حساب الاعتبارات الذاتية»، مشيرا إلى أن هذه الروح هي التي جعلت رئيس الحكومة يجعله بجانبه وزيرا للدولة. وأوضح العمراني أنه «خلال الـ3 السنوات التي قضاها بها في منصبه عرفت الحكومة تحديات وصعوبات كان بها عاملا أساسيا وجوهريا في استمرار مسارها إلى اليوم، إذ كان كلما واجهت الحكومة صعوبات يثبت من روع ابن كيران، ويدعوه إلى الصبر والتحمل إذ كان له دور مقدر جدا، فهو رجل استشارة بامتياز، لديه بعد استراتيجي وتقديراته قلما تخطئ لذلك كان نعم المستشار للحزب ولرئيس الحكومة».
وأشار العمراني إلى أن بها «كان داخل الحزب يثق في من معه وبجانبه ويقدر أعمال الجميع، وقد تحمل مسؤولية رئاسة فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب في مرحلة صعبة جدا (عام 2003) عقب الأحداث الإجرامية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في 16 مايو (أيار)، فقاد الفريق النيابي بحكمة ورزانة إبان تلك الفترة الصعبة والمؤلمة، واستطاع بحكمته أن يعبر بالفريق وسط المتاهات والصعوبات».
وعن ظروف الحادث الذي أودى بحياة وزير الدولة، قال العمراني إن الحادث كان مفاجئا للجميع، مؤكدا أن بها «ذهب بالفعل لمعاينة مكان وفاة أحمد الزايدي لأخذ العبرة وهذا، برأيه، أمر مطلوب يقوم به الجميع، إذ كفى بالموت واعظا وعلى الإنسان أن يتعظ بالموت». وأضاف أن «بها ذهب لوحده إلى مكان وفاة الزايدي ونزل من سيارته وترجل في اتجاه المكان، ولم يأخذ الاحتياط اللازم، علما بأنه رجل يقدر خطواته ولا يستعجل ولا يتهور، لكن هذه المرة خانته كل هذه الخصال فتجرأ على قطع خط السكة الحديدية من دون أن ينتبه إلى قدوم القطار الذي باغته». وأوضح العمراني أنه «باللغة البشرية ما وقع أمر لا يوصف، ويصعب تحليله لكن بالنسبة لنا كمسلمين هذا أمر قدره الله، أن يكون موته بهذا الشكل وفي ذلك المكان وتلك الساعة بالضبط وهذا عزاؤنا والله تبارك وتعالى أخذه إلى جواره وهي خسارة لنا جميعا ولكن ما أراده الله فوق ما نريده نحن».
من جهته، قال عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» إن «وفاة بها خسارة كبرى للوطن وللأمة جمعاء لأنه رجل من العملة النادرة وهب حياته لخدمة البلاد والإعلاء من شأن المصلحة العليا للوطن».
وأضاف أنه «كان رجلا حكيما وهادئا زاهدا في الدنيا ورجل المحطات الصعبة في تاريخ الحزب، إذ إن جميع المحطات المفصلية التي مر منها الحزب كانت آراؤه فيها سديدة لأنه رجل التوفيق بين الآراء»، مضيفا أن «الفراغ الذي سيتركه بها لن يملأه أحد لأنه فراغ كبير سواء على مستوى الحزب أو الحكومة أو البلاد ككل نسأل الله تعالى أن يكتبه عنده من الشهداء».
وبشأن التأثير الذي يتركه بها على رئاسة الحكومة والحزب، قال المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة لـ«الشرق الأوسط» إن بها كان يعد العلبة السوداء لابن كيران، وبالتالي فإن الملفات الكبرى والشائكة في العمل الحكومي تمر بالضرورة عبر بها، مشيرا إلى أن بها مثل «استثناء في التجربة الحكومية لأنه وزير الدولة الوحيد من دون حقيبة، ونحن نعلم أن هذا المنصب يمنح لشخصيات لها مكانتها السياسية مثل رؤساء الأحزاب أو شخصيات قدمت خدمات جليلة للوطن». ووصف بها على أنه من رجال الدولة القلائل الذين مروا من العمل الحزبي إلى العمل الحكومي من دون أن يثيروا أي زوابع أو تثار حولهم إشكالات وتفتح ملفات، إذ ظل يعمل من دون أن يدفع خصومه إلى النيل منه، وكان هناك توافق كبير حول شخصيته.
وردا على سؤال حول ما إذا كان غياب بها سيكون له تأثير على رئاسة الحكومة، قال العمراني بوخبزة إنه من دون شك سيكون لغياب بها تأثير، لأن تشكيلة الحكومة الحالية كانت في حاجة إلى شخص مثل بها لإدارة بعض الملفات، مشيرا إلى أن فراغا سيحصل قد يؤدي إلى اختلال، وبالتالي سيكون هناك تفكير جدي للبحث عن بديل رغم أنه من غير السهل القيام بهذه الوظيفة أو المهام التي تحتاج إلى خصال ومواصفات معينة وعلاقات وصفات لا تتوفر بالضرورة عند الكل. وقال بوخبزة إن ابن كيران سيحتاج إلى وقت طويل لكي يسترجع أنفاسه بعد هذه الصدمة وليفكر في البديل لأنه من الصعب تعويض رجل دولة مثل بها.
وردا على سؤال بشأن الأسماء المرشحة لخلافة بها في منصبه، من داخل حزب العدالة والتنمية، قال بوخبزة إن الاسم الذي قد يتبادر إلى الذهن هو الدكتور سعد الدين العثماني وزير الخارجية السابق لكن بالنظر إلى طبيعة العلاقات داخل الحزب والمسار الذي اتخذه العثماني بعد خروجه من الحكومة ربما قد لا تكون حظوظه وافرة لتعويضه لكن يبقى العثماني شخصية لها نفس الوزن والكفاءة، ويظل المؤهل لشغل المنصب أكثر من غيره.
وقال حسن بن ناجح، المتحدث باسم جماعة العدل والإحسان الإسلامية شبه المحظورة لـ«الشرق الأوسط» إن بها يعد من جيل الرواد والمؤسسين للحركة الإسلامية بالمغرب وهذا الجيل له فضل على كل الجماعات والحركات الإسلامية وانتشار الدعوة والالتزام في عموم الأجيال اللاحقة. وأضاف: «أنا واحدا من هذه الأجيال التي تمتن كل الامتنان لهؤلاء الرواد».
وأوضح بن ناجح أنه كانت له مع الراحل لقاءات متعددة في مناسبات مختلفة، مشيرا إلى أن «كل ما يقدم في حقه من شهادات لمسها فيه وكأنها تمشي على رجلين»، فالرجل، يضيف بن ناجح «طيب المعشر يحترف الحكمة والنصيحة، ورجل بشوش واسع الصدر نسأل الله له الرحمة وأن يخلفنا فيه خيرا، فهو فقد لكل أبناء الحركة الإسلامية وكل الشعب المغربي، فهؤلاء الرجال هم نبات لهذا الوطن أعزي فيه نفسي وباقي الإخوان وكل الشعب المغربي».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.