جنيف تستضيف اليوم مؤتمرا لنقل الفئات الأضعف بين اللاجئين السوريين

وكالات إغاثة دولية تحث الدول الغنية على استقبال 5 % منهم على الأقل

جنيف تستضيف اليوم مؤتمرا لنقل الفئات الأضعف بين اللاجئين السوريين
TT

جنيف تستضيف اليوم مؤتمرا لنقل الفئات الأضعف بين اللاجئين السوريين

جنيف تستضيف اليوم مؤتمرا لنقل الفئات الأضعف بين اللاجئين السوريين

تستضيف جنيف اليوم مؤتمرا بعنوان «إعادة توطين النازحين السوريين إلى دول أخرى» بهدف تخفيف الأعباء عن الدول المتاخمة لسوريا والتي تستقبل نحو 3.2 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة في بلدهم قبل نحو 3 سنوات ونصف.
وحثت وكالات إغاثة دولية الدول الغنية على استقبال 5 في المائة على الأقل من مجمل اللاجئين السوريين بحلول نهاية عام 2015، بعدما ضيّقت كل الدول المحيطة بسوريا إمكانية استضافة المزيد من اللاجئين نظرا للأعباء الكبيرة التي تتكبدها على الأصعدة كافة.
وقرر لبنان أخيرا وفي إطار مساعيه لمواجهة أزمة اللجوء، وقف استقبال أعداد جديدة من اللاجئين السوريين الذين تخطى عدد المسجلين منهم المليون و200 ألف، وإسقاط صفة النازح عمن يدخل إلى سوريا ويريد العودة إلى لبنان، والتدقيق بحقيقة امتلاك السوريين الموجودين في لبنان صفة نازحين.
ودعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الدول للتعهد بإعادة توطين 180 ألف سوري لاجئ تضرروا جراء «أسوأ كارثة إنسانية في عصرنا»، وأعطت المفوضية الأولوية للفئات الأضعف بين اللاجئين ومن بينهم من يحتاج إلى رعاية طبية بالإضافة إلى الناجين من التعذيب والنساء والفتيات المعرضات للخطر.
وقالت المتحدثة باسم المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين آنا فونتال إنّه يتعين على الدول الأوروبية أن تشارك في تحمل المسؤولية بملف اللاجئين السوريين: «فمن الصعب أن نستمر في القول للدول المضيفة إنها يجب ألا تغلق حدودها إذا لم نفعل المزيد لجلب لاجئين إلى هنا». وأشارت فونتال إلى أن «إعادة التوطين يمكن أن تعني الفارق بين الحياة والموت. يجب على دول الاتحاد الأوروبي أن تغتنم الفرصة للتعبير عن تضامن أكبر وتعزيز دورها بشكل ملموس في توفير الحماية».
ويدعم مطلب استقبال 5 في المائة من اللاجئين وهو ما يعني 180 ألف لاجئ عدد كبير من منظمات الإغاثة ومساعدة اللاجئين مثل أوكسفام وهيئة إنقاذ الطفولة ومجلس اللاجئين ومنظمة العفو الدولية.
وتعهدت ألمانيا وحدها باستقبال 30 ألف لاجئ سوري، وهي كانت قد استضافت نحو 4 آلاف من اللاجئين السوريين الذين كانوا يوجدون في لبنان، جرى ترحيلهم على دفعات بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة (IOM) وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية.
وقالت فونتال: «نريد من الدول أن تحذو حذو ألمانيا وتعلن عن خطط لاستقبال أعداد كبيرة».
وانتقدت المنظمات المشاركة في الحملة بريطانيا على وجه الخصوص، بعد أن وافقت على استقبال 90 سوريا فقط بحلول سبتمبر (أيلول) الماضي. ووصفت آنا ماسجريف من مجلس اللاجئين العدد بأنه «هزيل»، وقالت إنه «يكفي بالكاد لشغل مقاعد حافلة ذات طابقين، إنه أمر صادم حقا».
وأشارت وكالة «رويترز» إلى أنه وقبيل انعقاد مؤتمر جنيف، لمح عدد قليل من الدول الأوروبية إلى خطط لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين في عام 2015.
وقد تستقبل النرويج نحو 1500 لاجئ وفرنسا 500 لاجئ وهولندا 250 لاجئا. وقالت بلجيكا إنها ستستقبل 150 لاجئا من سوريا والعراق «مع التركيز على الأقليات الدينية».
وطالبت المنظمات خصوصا بأن تتم استضافة اللاجئين لدى دول لم تشارك حتى الآن في هذه الجهود، مثل دول الخليج أو أميركا اللاتينية.
ومن بين موقعي هذا البيان منظمات العفو الدولية و«أطباء بلا حدود» و«كير إنترناشيونال» و«سيف ذا تشيلدرن» و«تحرك ضد الجوع».
وأعربت منظمة العفو الدولية قبل أيام عن «صدمتها» إزاء عدد اللاجئين السوريين الذين وافقت الدول الغنية على استقبالهم والذي «يرثى له»، وتركها الدول المجاورة لسوريا التي تفتقر للإمكانات تحمّل العبء الأكبر في هذه الأزمة. وقالت إن «نحو 3.8 مليون لاجي من سوريا تستضيفهم بشكل أساسي 5 دول هي تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر»، لافتة إلى أن «1.7 في المائة فقط من هذا العدد الإجمالي تمكن من الحصول على ملجأ في بقية أنحاء العالم».
ويُعتبر لبنان من أكثر الدول تأثرا بالأزمة السورية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. فقد رفضت حكومته طوال الأعوام الماضية إنشاء مخيمات رسمية للاجئين على غرار تلك التي أنشأتها تركيا والأردن.
ويعيش عشرات آلاف اللاجئين في مخيمات عشوائية منتشرة في أنحاء البلاد في ظروف حياتية سيئة جدا. وتشير الأجهزة المعنية إلى أن هناك ما بين 700 و900 مخيم عشوائي، تضم 17 في المائة من النازحين الذين لا يخضعون لأي نوع من الرقابة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.