الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل

الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل
TT
20

الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل

الحوثيون يخيّرون من بقي من يهود اليمن بين السجن أو الرحيل

بالدموع غادرت اليمن هذا الأسبوع أسرة يمنية من أتباع الديانة اليهودية، ووصلت إلى إحدى العواصم العربية، تنفيذاً لتعليمات ميليشيا الحوثي، التي خيرت رب الأسرة بين البقاء في السجن أو مغادرة مسقط رأسه بمحافظة عمران (شمال صنعاء)، حيث بات وجود الطائفة اليهودية يشارف على الانتهاء من هذه المنطقة التي مثلت عبر التاريخ واحدة من أهم مراكز وجودهم في اليمن.
«الشرق الأوسط» تتبعت رحلة المعاناة التي تكبدتها أسرة سعيد الناعطي منذ مطلع العام الجاري حيث تعرض للمضايقة والتنكيل والملاحقة، قبل أن يودع السجن لمدة تزيد على الشهر ثم يطلب منه مغادرة مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، أو البقاء في السجن. ووفق رواية أفراد في الطائفة اليهودية التي لا يزيد عددها حاليا على 33 شخصاً من الجنسين، خمسة منهم فقط يعيشون في منطقة خارف بمحافظة عمران ومديرية أرحب بمحافظة صنعاء، إذ إن المسلحين الحوثيين عمدوا إلى مضايقة سكان منطقة السوق الجديد في محافظة عمران التي كان أغلب سكانها من اتباع الديانة اليهودية قبل ظهور الحوثيين، لإرغامهم على الهجرة وشراء منازلهم وممتلكاتهم بأثمان بخسة حتى لا يكون هناك وجود لأتباع الديانة اليهودية في مناطقهم. ففي مايو (أيار) الماضي قامت ميليشيا الحوثي باعتقال أحد اليهود اسمه يوسف وسجنوا معه أيضا سعيد الناعطي، وبعد شهر ونصف من السجن وتوسل عائلته لوجهاء قبليين تم الإفراج عن الناعطي بعد أن وقع التزاما ببيع بيته ومغادرة البلاد. وخلال الشهر الحالي سمحت الجماعة له ببيع بعض من مقتنياته والأدوات المنزلية، وغادر مكرها مع والدته وبناته الثلاث نحو مدينة عدن قبل أن يصلوا إلى إحدى العواصم العربية يبحثون عن وطن جديد.
أفراد في الطائفة قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن الناعطي أجبره الخوف مع أسرته على المغادرة وهم يبكون لا يريدون ترك بلدهم. وقال أحدهم: «لم يبق في عمران سوى امرأة كبيرة في السن ترعى أخاها الذي فقد عقله، في حين يوجد ثلاثة آخرون في مديرية أرحب. وتحدثت المصادر كيف أن العائلة أخبرت الحوثيين بأنهم قد يمنعون من المرور من النقاط المنتشرة على طول الطريق المؤدي إلى مدينة عدن العاصمة المؤقتة، إلا أنهم ردوا عليهم قائلين: «سافروا ولا يهمكم شيء سوف نمنحكم تصريح مرور في كل النقاط والأهم هو أن تغادروا». وذكرت المصادر من أفراد الطائفة اليهودية أن الناعطي غادر صنعاء ومعه بناته الثلاث ووالدته المقعدة ووصل مدينة عدن ولكنه أبلغ أن الطيران اليمني لا يسير رحلات من الداخل إلى الخارج إذ إنه يتولى مهمة إعادة آلاف العالقين منذ بداية انتشار فيروس «كورونا» في عدد من البلدان، فاضطرت الأسرة للبقاء عدة أيام في المدينة حتى تمكنت شركة الطيران من الحصول على إذن خاص بنقلهم في إحدى رحلاتها، إذ لم يعد أمامها من خيار غير الذهاب إلى إسرائيل لأن بقية البلدان لا تسمح لحملة جوازات السفر اليمنية بالدخول إليها إلا بتأشيرة مسبقة.
وإلى ما قبل اجتياح الحوثيين لمحافظة عمران كانت منطقة «السوق الجديد» أشبه بحي مغلق أغلب سكانه من أتباع الديانة اليهودية الذين يعملون في ورش الحديد والنجارة وإصلاح السيارات، والبعض هاجر إلى الخارج ولكن احتفظ بأسرته حيث شيد هؤلاء منازل كبيرة هناك وتعايشوا مع الغالبية من السكان المسلمين ونادرا ما سجلت مشكلات، على أسس دينية. لكن ومع ظهور التنظيم الطائفي للحوثيين في محافظة صعدة منتصف عام 2004 بدأ استهداف اليهود بشكل ممنهج وعرفت اليمن أول موجة نزوح قسري داخلي لأتباع هذه الديانة طبقاً لما قاله أحد أفرادها.
وأضاف: «عند اقتحام الحوثيين منطقة آل سالم وتوجيه إنذار كتابي لليهود بمغادرة المحافظة تتابعت الهجمات والاستهداف، وبعد أن كان عدد هؤلاء أكثر من خمسة آلاف بات اليوم يزيد بقليل على 30 شخصاً أغلبهم يقيم في مدينة تمتلكها وزارة الدفاع بالقرب من السفارة الأميركية بصنعاء.
ومع بدء إطلاق النار من قبل الحوثيين في منطقة غرير آل سالم على سيارة نجل الحاخام يوسف مرحبي، اضطرت الحكومة اليمنية حينها إلى نقل هذه الأسر إلى صنعاء وتوفير مساكن ومواد تموينية لهم، ومع هذه الأحداث بدأ اليهود في مدينة صعدة وفي آل أبو جبارة، وأملح في الهجرة خارج البلاد واتجه أغلبهم إلى إسرائيل. وعقب سيطرة ميليشيا الحوثي على العاصمة اليمنية زادت مخاوف اليهود على حياتهم بخاصة أنهم تعرضوا للتنكيل على يد الجماعة في صعدة وعمران، ولهذا بدأوا بالسفر خارج البلاد على دفعات، كان أشهرها هجرة أحد الخامات من محافظة عمران وبحوزته نسخة قديمة من التوراة قدمها هدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب وصوله وأسرته إلى تل أبيب. وأثارت الحادثة جدلاً كبيراً أعقبه قيام الجماعة الحوثية باعتقال حاخام الطائفة اليهودية وأحد أقربائه، حيث أفرجت عن الحاخام بعد ثلاثة أشهر من سجون المخابرات فيما أبقت الشاب ليبي سالم في السجن.
ورغم إصدار المحكمة الابتدائية قبل عام ونصف حكماً ببراءة ليبي مع اثنين من المسلمين كانوا اتهموا معه بتسهيل تهريب نسخة التوراة إلا أنه وحتى الآن وانقضاء ست سنوات لا يزال في السجن. وقد أصيب ليبي أخيراً بجلطة سببت له شللاً نصفياً وتدهورت حالته الصحية، ومع ذلك ترفض النيابة التي يديرها الحوثيون كل الضمانات التي قدمت لهم للإفراج عنه أسوة بزميليه، حتى موعد محاكمته لدى محكمة الاستئناف.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

العالم العربي أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

أعلنت جماعة الحوثي، في وقت مبكر اليوم الخميس، سقوط أربعة قتلى وجرحى جراء قصف أميركي على محافظة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الولايات المتحدة​ النائب الأميركي راجا كريشنامورثي يشير إلى رسائل نصية لوزير الدفاع بيت هيغسيث خلال جلسة استماع سنوية لتقييم التهديدات العالمية في مبنى مكتب لونغورث هاوس بعد تسريب «محادثات سيغنال» (أ.ف.ب)

روبيو: واقعة «سيغنال» خطأ فادح لكن لم يهدد حياة جنودنا

أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم (الأربعاء)، أن المعلومات الواردة عبر محادثة «سيغنال» بشأن الهجمات على اليمن لم تكن سرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال» play-circle

البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال»

حمّل البيت الأبيض اليوم (الأربعاء)، مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز المسؤولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شوائب غريبة تكشف غش الوقود المنتشر في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يسوقون وقوداً مغشوشاً وسط تحذيرات من أزمة جديدة

تسبب وقود مغشوش يباع بمناطق سيطرة الحوثيين بأعطال وتلف السيارات في حين تنصلت الجماعة الحوثية من المسؤولية ولم تقدم تفسيرات للسكان

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي اتهامات للجماعة الحوثية باستخدام المساعدات في استقطاب المقاتلين خصوصاً من الأطفال (رويترز)

تعسف الانقلابيين يضرب التكافل الاجتماعي في اليمن

تتسبب ممارسات الجماعة الحوثية في تراجع التكافل الاجتماعي بين اليمنيين، بالتزامن مع مساعيها لحرمان السكان من المساعدات المقدمة من فاعلي الخير وتجييرها لصالحها

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)
أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)
TT
20

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)
أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)

أعلنت جماعة الحوثي، في وقت مبكر اليوم الخميس، سقوط أربعة قتلى وجرحى جراء قصف أميركي على محافظة صنعاء.

وقالت قناة المسيرة الناطقة باسم الجماعة، إن شخصين قتلا وأصيب آخران «إثر العدوان الأميركي على مقطع للأحجار في منطقة العرقوب بمديرية خولان»، شرقي العاصمة صنعاء. وأشارت إلى أن «العدوان الأميركي» استهدف بأربع غارات تلك المنطقة.

وفي وقت سابق، أفادت وسائل إعلام تابعة للحوثيين بوقوع 17 غارة على الأقل على محافظة صعدة في شمال غرب اليمن نسبتها للولايات المتحدة، فيما أعلن الحوثيون في وقت لاحق شن هجوم جديد على حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر. وقالت وسائل إعلام تابعة للحوثيين إن «17 غارة شنها العدوان الأميركي على محافظة صعدة» ليل الثلاثاء إلى الأربعاء.

وبدأت الولايات المتحدة عملية عسكرية موسعة الأسبوع الماضي ضد الحوثيين، وقالت وسائل إعلام تابعة للجماعة اليمنية إنها أسفرت عن مقتل العشرات. ويشن الحوثيون هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 دعما للفلسطينيين في غزة. وتسببت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة العالمية ودفعت الولايات المتحدة إلى مهاجمة أهداف مرتبطة بالجماعة اليمنية.

وأوقف الحوثيون الهجمات عندما اتفقت إسرائيل وحركة «حماس» على وقف إطلاق النار في غزة في يناير (كانون الثاني)، لكنها أعلنت في وقت سابق من الشهر الحالي أنها ستستأنف مهاجمة السفن الإسرائيلية حتى توافق إسرائيل على إدخال المساعدات إلى غزة.