بلجيكا تحاكم 4 إيرانيين بتهم إرهاب

على خلفية محاولة تفجير مؤتمر للمعارضة

TT

بلجيكا تحاكم 4 إيرانيين بتهم إرهاب

قررت المحكمة الاستشارية في مدينة أنتويرب، شمال بلجيكا، أمس (الأربعاء)، إحالة 4 إيرانيين؛ بينهم دبلوماسي، إلى محكمة الجنايات، على خلفية ملف التحضير لعمل إرهابي كان يستهدف مؤتمراً للمعارضة الإيرانية في باريس عام 2018.
وقال المحامي البلجيكي، ريك فان روسيل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من مقر المحكمة، إن الجلسة انعقدت بحضور الادعاء العام و3 محامين يمثلون أصحاب الدعوى من المعارضة الإيرانية والمتضررين من المطالبين بالحق المدني، بينما حضر شخص واحد فقط من بين المشتبه بهم الأربعة، ويدعى عرفاني، في حين مثّل الأشخاص الآخرين محامهم؛ إذ إن حضور المتهمين غير إلزامي أمام المحكمة الاستشارية. وأضاف المحامي أن قرار الإحالة إلى المحكمة الجنائية جاء بعد أن جرى توجيه اتهامين للأشخاص الأربعة، يتعلق الأول بالتخطيط لعملية قتل ذات طابع إرهابي، والثاني بالمشاركة في أنشطة إرهابية.
وأوضح المحامي البلجيكي أن ما حدث أمس يعني الإعلان عن انتهاء التحقيقات في الملف وتحديد الاتهامات الموجهة للأشخاص الأربعة الذين سيحالون إلى محكمة الجنايات. وتوقع المحامي أن تكون أولى جلسات النظر والاستماع إلى المرافعات والادعاء في القضية في خريف العام الحالي.
وفي يوليو (تموز) عام 2018، أعلنت النيابة العامة في بلجيكا فتح تحقيق في عمل إرهابي كان يستهدف مؤتمر المعارضة الإيرانية في فرنسا، وذلك استناداً إلى معلومات جهاز أمن الدولة البلجيكي. واعتقلت السلطات الأمنية في أنتويرب؛ شمال بلجيكا، شخصين مشتبهاً بهما هما: أمير سعدوني (1980) وزوجته نسيمة نومني (1984) وهما بلجيكيان من أصل إيراني، حيث تشتبه بضلوعهما في التخطيط للقيام بتفجير إرهابي في ضاحية فيليبانت في فرنسا، حيث كان «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» يعقد مؤتمره السنوي. ووجّه قاضي التحقيق إلى المشتبه بهما تهمتي «محاولة القتل الإرهابي، والتخطيط لعمل إرهابي».
جاء ذلك بعد أن قال جهاز أمن الدولة البلجيكي إن الرجل الإيراني الذي اعتقلته السلطات البلجيكية ومعه زوجته هما بمثابة خلية نائمة من بين خلايا أرسلتها السلطات الإيرانية للعمل جواسيس في أوروبا، وذلك حسبما نقلت وسائل إعلام بلجيكية في بروكسل وقتها.
وذكرت النيابة الاتحادية في بيان أن الزوجين اعتقلتهما الوحدات الخاصة في ضاحية وولوي سانت بيرس قرب بروكسل حيث كانا داخل سيارة، وكشفت عملية تفتيش السيارة عن وجود نصف كيلوغرام من مادتي التفجير «ثالث بيروكسيد» و«ثالث آسيتون» وصاعق التفجير. وأوضح البيان أن عدة التفجير كانت مخبأة في حقيبة نظافة داخل السيارة. وبالتنسيق مع أجهزة الأمن الفرنسية والألمانية، اعتقلت قوات الأمن «ميرهاد.أ. (1963)». وأكد البيان أن «السلطات الألمانية من جهتها اعتقلت أسد الله أسدي (1971)، وهو دبلوماسي إيراني معتمد في سفارة إيران لدى النمسا». وعلّقت «المقاومة الإيرانية» في بيان على إحباط هذا المخطط قائلة: «تم إفشال هجوم إرهابي على المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية» قرب باريس. ورأت أن «إرهابيين للنظام الإيراني في بلجيكا قد خططوا بمساعدة الدبلوماسيين الإرهابيين للنظام الإيراني لهذا الهجوم».


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».