الراعي يشدد على حياد لبنان... ودعوات من دار الفتوى لـ«لقاء وطني»

البطريرك الماروني قال إن البلد كان منفتحاً على الجميع فبات منعزلاً عن العالم

البطريرك الراعي مستقبلاً النائب السابق سليمان فرنجية أمس (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي مستقبلاً النائب السابق سليمان فرنجية أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي يشدد على حياد لبنان... ودعوات من دار الفتوى لـ«لقاء وطني»

البطريرك الراعي مستقبلاً النائب السابق سليمان فرنجية أمس (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي مستقبلاً النائب السابق سليمان فرنجية أمس (الوكالة الوطنية)

جدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي دعوته لحياد لبنان وهو الموقف الذي لا يزال يستحوذ على اهتمام مختلف الأطراف وكان محور اللقاءات أمس على أكثر من خط، وكان مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان جزءاً أساسياً منها حيث كانت مطالبات من مقر دار الفتوى بحوار وطني جامع تحت سقف مواقف بكركي.
وقال الراعي أمام الصحافيين: «لبنان هو الحياد والدولة المدنية وبلد اللقاء والتعددية والعيش معاً»، مؤكداً: «لبنان كان منفتحاً على كل الدول شرقاً وغرباً ما عدا إسرائيل التي احتلت أرضنا، ولذلك كان سويسرا الشرق... اليوم بات منعزلاً عن كل العالم لكن هذه ليست هويتنا، بل هويتنا الحياد الإيجابي والبناء لا المحارب».
وأوضح: «الحياد هو مطلب دولي وأوروبي وعربي، نحن نطالب بالحياد أي التزام السلامة والعدالة وحقوق الإنسان وهذا الجسر بين الشرق والغرب. هذه الأرض لم تعرف سوى مد الجسور مع الآخرين ولا يمكننا معاداة جميع الشعوب فلنعد لطبيعتنا»، مؤكداً: «إننا نريد العودة إلى أنفسنا لا أن نكون مرتبطين بأحد والنضال مسؤوليتنا جميعاً ليستمر لبنان الرسالة والنموذج».
واستقبل البطريرك لليوم الثاني على التوالي وفداً من «القوات اللبنانية» ضم أمس، مسؤولي المصالح والقطاعات والمناطق في الحزب، كما استقبل رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية الذي لفت إلى أن الزيارة تهدف إلى التشاور، مشدداً على أن هواجسه موجودة لدى كل شخص حريص على البلد. وأشار فرنجية إلى أن «علينا جميعاً التحلي بالمسؤولية الوطنية في المرحلة الحالية بهدف الوصول بلبنان إلى بر الأمان»، مشيراً إلى أن «الجميع يتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي وصلنا إليها والآن ليس الوقت المناسب للوم أو الانتقام. وعلينا الدفع بعجلة الاقتصاد لتعزيز الثقة وجذب الاستثمارات لأنها الأساس في أي تطور أو ازدهار».
وفي موازاة ذلك، كانت مواقف الراعي حاضرة في دار الفتوى التي شهدت لقاءات عدة ومواقف داعية إلى عقد لقاء وطني جامع، أبرزها من قبل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والنائب نهاد المشنوق.
ورأى السنيورة بعد لقائه دريان أن كلام الراعي «مناسبة لإطلاق حوار وطني جامع يهدف إلى الحفاظ على لبنان وطناً ودولة ورسالةً»، موضحاً: «تشاورنا مع المفتي دريان في النقاط الثلاث الرئيسية في مبادرة البطريرك، وهي تحرير الشرعية اللبنانية من الحصار وتحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، كما تنفيذ قرارات الشرعية الدولية 1701 - 1757 - 1680 - 1559». وأضاف: «نفهم كلام البطريرك بأنه لا يمسّ التزام الدولة اللبنانية بما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم. كذلك نفهم كلام غبطته بأنه ليس دعوة إلى العودة للانقسام اللبناني - اللبناني.
وفي رد على سؤال عما إذا كانت أبواب الدول العربية والأوروبية مغلقة بوجه لبنان قال السنيورة: «أعتقد أن اللبنانيين جميعاً سمعوا من أصدقائهم في العالم ومن إخوانهم بأنهم يريدون مساعدة لبنان، لكن الذي يجري أن لبنان من خلال حكومته ومن خلال رئيس الجمهورية لا يبدو أنه يريد أن يساعد نفسه. نجد الكثيرين في العالم وأيضاً من أشقائنا العرب الذين يقولون إنهم يريدون مساعدة لبنان لكن يريدون أيضا أن يبدأ لبنان بمساعدة نفسه».
من جهته، دعا المشنوق بعد لقائه دريان إلى حوار وطني حول القواعد الوطنية التي دعا إليها الراعي خلال الأسابيع الأخيرة، وهي «حياد لبنان، ما عدا في التزام القضية الفلسطينية المحقة، وهذا عنوان عربي كبير، وتحرير الشرعية من الاحتلال الواقع عليها، وتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان ومشاكله الحدودية، سواء المتعلقة بالداخل والسلاح أو بالخارج مع جيرانه».
وقال: «طرحت على المفتي عدم التعامل مع هذه الثوابت الثلاث على اعتبار أن هناك مؤيدين ومعارضين لها، وأن يكون الحوار الوطني الجدّي بديلاً من هذا الانقسام». ودعا المشنوق إلى «الشروع بحوار داخلي، في حين يتحاور العالم كله حول موضوعنا، فلنجلس مع بعضنا البعض، ولنتحاور حول هذه القواعد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.