إعدامات بالجملة في إيران

شملت متظاهرين ومتهماً بالتجسس وناشطين كرديين

إعدامات بالجملة في إيران
TT

إعدامات بالجملة في إيران

إعدامات بالجملة في إيران

أعلنت إيران، أمس، تنفيذ أو تثبيت إعدامات على ذمة 3 قضايا منفصلة، إحداها شملت 3 شاركوا في مظاهرات العام الماضي، فيما تخص الثانية ناشطين كرديين اتهما بتفجير قنبلة، إضافة إلى مدان بـ«التجسس للاستخبارات الأميركية».
وثبّتت محكمة في إيران، أمس، أحكاماً بالإعدام بحق 3 أشخاص شاركوا في المظاهرات التي قمعتها السلطات بدموية في نوفمبر (تشرين الثاني) واندلعت على خلفية رفع أسعار الوقود.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية، غلام حسين إسماعيلي، إن الأحكام «أكدتها المحكمة العليا بعد طعون قدّمها المتهمون ومحاموهم»، حسبما نقل عنه موقع وزارة العدل. ولم يذكر إسماعيلي أسماء المتهمين. غير أنه قال إن اثنين منهم اعتقلا خلال «سطو مسلح».
وذكرت صحيفة «شرق» الإصلاحية أن الثلاثة هم أمير حسين مرادي (26 عاماً) ويعمل في محل لبيع الهواتف، وسعيد تمجيدي (28 عاماً) وهو طالب، ومحمد رجبي (26 عاماً).
وأعلن نائب إيراني بارز، الشهر الماضي، أن 230 متظاهراً قتلوا وآلافاً أصيبوا بجروح خلال المظاهرات، بعدما امتنعت السلطات لأشهر عن تقديم حصيلة، ورفضت أعداد الوفيات التي قدّمتها وسائل إعلام أجنبية ومجموعات حقوق الإنسان بوصفها «أكاذيب».
وأعدمت طهران شخصين أُدينا بالضلوع في هجوم بقنبلة على عرض عسكري عام 2010 أسفر عن مقتل 12 شخصاً. وذكرت السلطة القضائية في محافظة أذربيجان الغربية، في بيان، أن «عقوبة الإعدام نُفذت اليوم بحق الجناة الرئيسيين في تفجير 2010 في مدينة مهاباد»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال موقع «ميزان» الإلكتروني، الخاص بوزارة العدل الإيرانية، أول من أمس، إنّ المتهمين «عميلان للجماعات الإرهابية المرتبطة بأجهزة الاستخبارات الأجنبية». لكنه لم يكشف هوية المدانين، ولا الدول المعنية المزعومة.
ووقت وقوع الهجوم، اتهم مسؤولون إيرانيون «عناصر معادية للثورة» في المنطقة التي تشهد بانتظام اشتباكات مسلحة بين القوات الإيرانية والجماعات المسلحة الكردية.
أما القضية الثالثة، فتخص موظفاً سابقاً في وزارة الدفاع الكردية، قالت السلطة القضائية الإيرانية إنه أعدم لإدانته «ببيع معلومات لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)». ونقل «ميزان» عن إسماعيلي قوله إن «رضا أصغري كان خلال سنوات عمله الأخيرة بالوزارة على صلة بالوكالة الأميركية، وباع معلومات عن برنامج الصواريخ الإيراني». وأضاف أن «أصغري تقاعد عن العمل بالوزارة قبل 4 سنوات، وتم إعدامه الأسبوع الماضي».
ومن ناحية أخرى، قال إسماعيلي إن حكماً بإعدام محمود موسوي مجد، وهو إيراني متهم بـ«التجسس لصالح المخابرات الأميركية والإسرائيلية»، ضمن أحكام أخرى لم تنفذ بعد. وأعلنت إيران العام الماضي أنها ألقت القبض على 17 جاسوساً، قالت إنهم يعملون لصالح واشنطن، بحسب وكالة «رويترز».



إسرائيل تكشف تفاصيل جديدة عن اغتيال نصر الله

صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تكشف تفاصيل جديدة عن اغتيال نصر الله

صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

سمحت الرقابة العسكرية في إسرائيل بنشر معلومات جديدة عن عملية اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله، ويتضح منها أن البلاغات عن مكان وجوده ومسارات تحركه، وصلت إلى تل أبيب قبل بضعة أيام من اغتياله، فاتُّخذ القرار على أعلى المستويات، وتم تنفيذه بـ14 غارة على العمارات التي دخل أنفاقها، واستهدفت حتى مخارج النجاة الممكنة. واستمرت أياماً عدة حتى تمنع أي عملية إنقاذ له أو لمرافقيه.

وتشير مصادر أمنية في تل أبيب إلى أن ملاحقة نصر الله لاغتياله بدأت في «أمان» (شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي) و«الموساد» بُعيد حرب 2006، لكن القرار السياسي لم يُتخذ بهذا الشأن في حينه. وتقرر فقط تتبع آثاره، حتى يتم العثور على الفرصة. فعندما تحين، يجري التداول في الموضوع.

تضليل نصر الله

وعندما قرر نصر الله الانضمام إلى «حماس» فيما سماه «حرب مساندة غزة»، بدأت تتقدم خطة الاغتيال، ولكن تقرر أن يتم تضليله، وغرس الفكرة لديه بأن إسرائيل لا تنوي توسيع الحرب معه. وفي حينه، حرص «حزب الله» من جهة وإسرائيل من الجهة الأخرى على إبقاء الحرب محدودة. كل منهما يظهر للآخر أنه لا ينوي استخدام كل أسلحته ضد الآخر. وهكذا بدأت عملية التضليل تفعل فعلها، إلى أن قامت بتوسيع الحرب والهجوم البري على لبنان.

ويتضح أن التصعيد الإسرائيلي تقرر في 16 سبتمبر (أيلول) 2024، عندما أعلن عن فشل جهود المبعوث الأميركي آموس هوكستين لثني «حزب الله» عن مساندة غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف النار، وذلك لأن «حزب الله» رفض المطلب الإسرائيلي بفك الارتباط مع القتال في غزة.

وأعلن رئيس الوزراء، بنيامين بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، في حينه، يوآف غالانت، أن إعادة سكان الشمال الإسرائيلي غير ممكنة إلا إذا تمت عملية اجتياح بري للبنان. وفي 17 سبتمبر، قرر المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة (الكابنيت) إطلاق خطة الاجتياح. كما قرر نتنياهو، بعكس رغبة الجيش، تفعيل خطة تفجير أجهزة الاتصال (البيجر)، وفي اليوم التالي تفجير أجهزة اللاسلكي. وأدى التفجيران إلى مقتل 59 شخصاً، بينهم 4 مدنيين و55 ناشطاً من «حزب الله»، وإصابة نحو 4500 شخص معظمهم من عناصر الحزب الفاعلين، ومن ضمنهم أطباء يعملون مع الحزب والسفير الإيراني في بيروت مجتبي أماني، و19 شخصاً من عناصر «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا ولبنان، والعشرات فقدوا النظر أو أحد الأطراف.

«زبدة» 18 عاماً

وفي 19 سبتمبر ألقى نصر الله خطاباً أعلن فيه أنه لن يوقف القتال إلا إذا أوقفت إسرائيل الحرب على غزة، فاستخدمتها إسرائيل ذريعة للتصعيد ضد لبنان، وأطلقت سلسلة عمليات تصعيد، بلغت أَوْجها في الاجتياح البري في مطلع أكتوبر (تشرين الأول).

وقد تم خلال هذا الاجتياح، الكشف عن «زبدة» عمل دام 18 عاماً، في المخابرات الإسرائيلية، لجمع المعلومات الاستخبارية بواسطة عملاء وبواسطة أجهزة إلكترونية، عن جميع كوادر «حزب الله» فرداً فرداً، من الأمين العام والقيادة العليا، وحتى أصغر قائد مجموعة. وتم تتبُّع أثرهم، خطوة خطوة، وفي مقدمتهم نصر الله.

حماسة نتنياهو

وقبل أيام من الاغتيال، اهتدى ضابط الاستخبارات العسكرية إلى مكان وجود نصر الله، فقام رئيس «أمان» شلومو بندر، بجمع رؤساء الدوائر، وطلب منهم إعطاء رأي في اغتياله. فوجد تأييداً بالإجماع. وطلب أن يسمع رأياً آخر متحفظاً أو معارضاً فلم يجد، فتوجه إلى رئيس الأركان هيرتسي هليفي، فصادق على العملية. وتم رفعها إلى نتنياهو شخصياً، فوافق بحماس على الاغتيال. وراح يؤكد أن هذا الرجل هو ليس قائداً لـ«حزب الله» بل قائد تنظيم عسكري يعمل كما لو أنه جيش، وله وزن كبير بين الأذرع الإيرانية، لدرجة أن الإيرانيين يعتمدونه لتسوية خلافات بين الأقطاب.

وتقرر أن تبدأ عملية قصقصة أجنحته أولاً، فتم اغتيال إبراهيم عقيل، في 20 سبتمبر، ومعه كوكبة من قادة الصفين الثالث والرابع. وعقيل كان ساعد نصر الله الأيمن. وفي 23 سبتمبر، أطلق رئيس الأركان هجوماً بالغارات الشرسة على مجموعة كبيرة من القواعد والمقرات التابعة لـ«حزب الله»، وبينها مواقع سرية لا يعرف بها سوى نفر قليل.

وبحسب الجيش، فإنه تَمَكَّنَ من تدمير 80 في المائة من القدرات العسكرية الهجومية للحزب، وتصفية عدد كبير من قادة المناطق في «حزب الله».

غرور وغطرسة

يقول أمير بحبوط، المراسل العسكري لموقع «واللا»، الذي نشر تقريراً في الموضوع، الأحد، إن «نصر الله لم يفهم الرموز لتلك الضربات القاسية والمتلاحقة. وظل متشبثاً بالربط ما بين لبنان وغزة». ويضيف: «نصر الله، الذي يعد نفسه أكبر الخبراء قدرة على معرفة إسرائيل وطريقة تفكيرها، غرق في الغرور والغطرسة، تماماً كما كان قادة أجهزة الأمن الإسرائيليون غرقوا في الغرور والغطرسة قبيل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وظل يتحرك بحرية، وتحرك أيضاً فوق الأرض على عكس التوقعات. وهو لا يتوقع اغتياله، بينما كان ضباط المخابرات العسكرية مقتنعين بضرورة اغتياله، وصبوا كل جهدهم لتتبع آثاره، وكانوا يقصفون بطريقة تضلله، وتعزز قناعته بأنه ليس مستهدفاً».

فرصة العمر

وقبل أيام قليلة من الاغتيال، توصلوا إلى مكان وجوده الدقيق، ولم يكن ذلك عبر الأنفاق فحسب، بل أيضاً بالتحرك فوق الأرض. وتوقَّعوا وصوله إلى المقر القائم في عمق الأرض تحت مجمع سكني يضم 20 عمارة ضخمة مرتبطة ببعضها، في حي راقٍ في الضاحية الجنوبية، يوجد في الغرب منه حرج من الأشجار، وقرروا أن هذه هي فرصة العمر التي من النادر أن تتكرر.

وخلال 4 أيام، جرت متابعة تحركات نصر الله، على أعلى المستويات. وشارك فيها القادة الإسرائيليون من هيرتسي هليفي إلى قادة سلاح الجو، الذي تولى مهمة التنفيذ. وكانت الجلسة الأخيرة للأبحاث بحضور نتنياهو شخصياً. وتم إعداد سرب طائرات، وتزويد 14 طائرة مقاتلة بالأسلحة والذخيرة، حيث تحمل 83 عبوة بزنة 80 طناً، وتحدد موعد التنفيذ في الساعة 18:21 عند صلاة المغرب.

وخلال 10 ثوانٍ، كانت العملية منتهية. وقد انهارت العمارات، وحفرت في المكان حفرة عميقة ضخمة. وتم قصف المخارج الممكنة لمنع أي شخص من الهرب. ولم يتوقف القصف أياماً عدة، حتى يمنع نشاط قوات الإنقاذ والطوارئ اللبنانية. وكان القرار: «يجب ألا يخرج أحد منهم حياً».