الجزائر: غموض حول تدهور صحة أويحيى في السجن

صرّح للقاضي قبل أيام بأنه يعاني من السرطان

TT

الجزائر: غموض حول تدهور صحة أويحيى في السجن

ساد أمس بالجزائر غموض كبير حول الحالة الصحية لرئيس الوزراء سابقاً، أحمد أويحيىى الذي يعاني من مرض خطير في السجن، على إثر تداول صحافي بالتلفزيون الحكومي خبر وفاته المفترضة. وكان المسؤول الحكومي الأبرز في الـ20 سنة الماضية قد صرح أثناء إحدى محاكماته بأنه يصارع مرض السرطان. ونقل صحافيون عن مقربين من أويحيى أن «خبر وفاته إشاعة»، وذلك بعدما تم تداوله ليل الاثنين، على نطاق واسع، بناء على منشور في حساب بشبكة التواصل الاجتماعي لصحافي بالتلفزيون الحكومي، أكد أنه توفي.
وترقبت وسائل إعلام أمس توضيحاً من النيابة، باعتبارها الجهة المسؤولة عن أوضاع المساجين في المؤسسات العقابية، التي تتبع لها قانوناً. غير أنها لم يصدر رد فعل عنها. وقال طبيب بـ«مستشفى مصطفى باشا الجامعي» بالعاصمة، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن إدارة السجن حيث يوجد أويحيى، نقلته إلى المستشفى عدة مرات في الشهرين الماضيين، بغرض إجراء فحوصات وتحاليل. مشيراً إلى أن «خبر وفاته المحتملة كنا سنسمع به بالمستشفى لو كان حقيقة». وأكد الطبيب أن رئيس الوزراء سابقاً «يواجه متاعب صحية خطيرة، بحسب ما بلغني من زملاء يتابعون حالته».
وصرَح أويحيى لقاضٍ منذ 10 أيام أثناء محاكمته في قضية فساد، أنه يعاني من سرطان. لكنه لم يطلب أن تأخذ المحكمة ذلك بعين الاعتبار، لتخفيف الحكم عليه، بعكس رئيس الوزراء سابقاً عبد المالك سلال المتابع في القضية نفسها، الذي ناشد القاضي الإفراج عنه لدواعٍ صحية. لكن بدا القاضي غير مهتم لطلبه. وقد تمت إدانة كليهما بـ15 سنة سجناً.
ويراكم أويحيى أحكاماً بالسجن تصل إلى 64 سنة في أربع قضايا فساد ذات صلة برجال أعمال، حصلوا على مشروعات وصفقات كبيرة بفضل قربهم من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وفي الوقت الذي كان فيه أويحيى الرجل الثاني في السلطة التنفيذية ورئيس «المجلس الوطني للاستثمار»، الذي يوافق أو يرفض على المشروعات الحكومية الضخمة.
وأكد قيادي في «التجمع الوطني الديمقراطي»، الحزب الذي قاده أويحيى لمدة 20 سنة، أن «قضية مرضه كانت معروفة لدينا، ففي العديد من المرات سافر إلى أوروبا لإجراء فحوصات وتحاليل، وقد خضع لعملية جراحية منذ سنوات، وكان على دراية بأن مرضه خطير». وأوضح القيادي نفسه أن نجلي أويحيى وزوجته غادروا البلاد إلى إسبانيا، حيث تملك العائلة إقامة، قبل أيام قليلة من سجنه. مشيراً إلى أن العيفا، شقيقه المحامي المتوفي منذ 3 أسابيع، الوحيد الذي كان يزوره من العائلة.
وأثار حضور أويحيى جنازة شقيقه جدلاً كبيراً، فقد صورته كاميرات الفضائيات مكبل اليدين مرتدياً كمامة على وجهه، في مشهد مهين. وأدان وزير الإعلام عمار بلحيمر، في بيان، وسائل الإعلام وحمَلها مسؤولية تصوير أويحيى في ظروف، عدها «مسَا بكرامة إنسان». كما أعاب على وزارة العدل إتاحة الفرصة للصحافيين لحضور الجنازة، في حين كان ينبغي، حسبه، غلق المقبرة بسبب وجود شخص غير عادي بها. ورد عليه وزير العدل بلقاسم زغماتي في بيان، بأن مسؤوليته عن السجين «تنتهي عند باب المؤسسة العقابية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.