«كورونا» يضرب القصر العدلي في دمشق ويثير الذعر

جانب من جولة الوزير الشعار في القصر العدلي (صفحة وزارة العدل)
جانب من جولة الوزير الشعار في القصر العدلي (صفحة وزارة العدل)
TT

«كورونا» يضرب القصر العدلي في دمشق ويثير الذعر

جانب من جولة الوزير الشعار في القصر العدلي (صفحة وزارة العدل)
جانب من جولة الوزير الشعار في القصر العدلي (صفحة وزارة العدل)

بعد ساعات من إعلان وزارة العدل في دمشق ثبوت حالتي إصابة بفيروس «كورونا المستجد» بين قضاة القصر العدلي، والاشتباه بإصابتين بين المساعدين العدليين، قام وزير العدل القاضي المستشار هشام الشعار، يوم أمس، بجولة تفقدية على قصر العدل بدمشق، زار فيها الأقسام كافة للاطلاع على مدى الالتزام بتطبيق الإجراءات الوقائية.
وكان الإعلان الرسمي عن وجود إصابات في القصر العدلي بدمشق قد أثار الذعر، كون القصر العدلي الواقع في منطقة الحجاز، وسط العاصمة، من أكثر الأماكن اكتظاظاً بالمراجعين، وذلك إلى حد يجعل تطبيق الإجراءات الاحترازية أقرب إلى المستحيل. وفيما شدد الوزير على إلزام الموظفين والمراجعين بوضع الكمامات، وارتداء القفازات، والحفاظ على التباعد المكاني، تحت طائلة المسؤولية والمعاقبة، ظهر الوزير في الصور التي نشرتها وزارة العدل لجولته على قصر العدل، يوم أمس (الاثنين)، وقد اكتفى بارتداء كمامة فقط، دون ارتداء القفازات المطاطية التي ألزم بها العاملين في القصر العدلي، كما أنه لم يحافظ على مسافة التباعد المطلوبة بينه وبين مرافقيه.
وهدد الوزير الشعار أي عامل لا يطبق شروط السلامة العامة بالعقوبة، كما طلب من الشرطة في قصر العدل إلزام المواطنين بتطبيق الإجراءات الوقائية، وعدم السماح بالدخول لأي مراجع أو موظف لا يلتزم بالإجراءات.
وكانت وزارة العدل في دمشق قد أصدرت بياناً، أول من أمس، أعلنت فيه أسفها لثبوت حالتين بالإصابة بفيروس كورونا بين القضاة في عدلية دمشق، بالإضافة إلى حالتين ظهرت عليهما الأعراض بين المساعدين العدليين، قالت إنهما قيد المراقبة، وأهابت الوزارة بجميع القضاة الالتزام بإجراءات الوقاية.
يشار إلى أن العدليات في دمشق وريفها، والمحافظات كافة، تعد من أكثر الأماكن التي تشهد اكتظاظاً كبيراً نتيجة لمراجعة الآلاف من المواطنين بشكل يومي لهذه العدليات، وهو ما آخر سابقاً عودة عمل المحاكم بعد اتخاذ مجلس الوزراء قراراً يقضي بإعادة الدوام بشكل كلي للوزارات كافة والمؤسسات العامة والخاصة.
وأعلنت وزارة الصحة بدمشق، يوم أمس (الاثنين)، عن تسجيل 23 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ما يرفع عدد الإصابات المسجلة في البلاد إلى 417. كما تم تسجيل 3 حالات وفاة من الإصابات المسجلة بفيروس كورونا، ليرتفع عدد الوفيات بالفيروس إلى 19، فيما سجلت 10 حالات شفاء لمصابين، ما يرفع عدد المتعافين من الفيروس إلى 136.
وتواجه الحكومة في دمشق صعوبة في إعادة فرض الحظر الجزئي، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، علماً بأن العدد الأكبر من الإصابات تم تسجيلها في الأسابيع القليلة الماضية، وبعد نحو شهرين من فك الحظر، أغلبها في محافظة ريف دمشق التي سُجل فيها أكثر من 70 إصابة منذ مطلع الشهر الحالي.
وأفاد موقع «صوت العاصمة» المعارض بانتشار الفيروس بين أعضاء قيادة فرع ريف دمشق لحزب البعث، وقال إن مديرية صحة ريف دمشق نقلت، خلال الأسبوع الحالي، عضو قيادة فرع ريف دمشق لحزب البعث، ورئيس المكتب الاقتصادي فيه المنحدر من بلدة زاكية بريف دمشق الغربي، إلى مركز الحجر الصحي في المشفى الوطني بمدينة قطنا، بعد التأكد من إصابته بالفيروس، جراء مخالطته أحد المصابين خلال اجتماع لقيادة الفرع بالعاصمة دمشق، في حين فرضت على عائلة المصاب حجراً منزلياً ريثما يتم التأكد من نتائج التحاليل.
وقالت مصادر طبية غير رسمية في دمشق إن الفيروس انتشر في الأيام الأخيرة على نحو مرعب، وإن كثيراً من المشافي في العاصمة الحكومية والخاصة تعج بالمرضى، دون إعلان رسمي. كما انتشر الفيروس ضمن الكوادر الطبية في مشافي دمشق وريفها، وهناك شكوك حول سبب وفاة مدير مشفى يبرود الوطني في القلمون الغربي، البالغ من العمر 57 عاماً، جراء إصابته بالفيروس نتيجة مخالطة مصابين في المشفى.
ويشار إلى إصابة كثير من الممرضات في مشفيي دار التوليد والمواساة؛ إحدى الحالات أعلن شفاؤها. كما سجلت إصابة بين أعضاء الكوادر الطبية في مشفى الأسد الجامعية قبل أسبوع. وبحسب المصادر الطبية غير الرسمية، تجاوز عدد المحجورين في الطابق الرابع بمشفى المواساة الـ40 حالة، من أطباء وممرضين وطلاب للدراسات العليا، وتراوحت حالاتهم بين مصاب ومشتبه بإصابته.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.