رئيس تونس يرفض تحرّك «النهضة» لإطاحة رئيس الحكومة

الفخفاخ يتحدث أمام البرلمان يوم تسلمه رئاسة الحكومة في 26 فبراير 2020 (رويترز)
الفخفاخ يتحدث أمام البرلمان يوم تسلمه رئاسة الحكومة في 26 فبراير 2020 (رويترز)
TT

رئيس تونس يرفض تحرّك «النهضة» لإطاحة رئيس الحكومة

الفخفاخ يتحدث أمام البرلمان يوم تسلمه رئاسة الحكومة في 26 فبراير 2020 (رويترز)
الفخفاخ يتحدث أمام البرلمان يوم تسلمه رئاسة الحكومة في 26 فبراير 2020 (رويترز)

رفض رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيّد أمس (الاثنين)، إجراء مشاورات سياسية مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية لتغيير الحكومة الحالية التي يرأسها إلياس الفخفاخ، وذلك تزامناً مع تخلي «حركة النهضة»، الشريك الأكبر في الائتلاف الحكومي، عن الفخفاخ وعزمها مباشرة تحرك سياسي لتغيير الحكومة، بحجة التورط المحتمل للفخفاخ في شبهة «تضارب مصالح».
وقال الرئيس سعيّد، أثناء لقائه الفخفاخ ورئيس اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي أمس: «إذا استقال رئيس الحكومة أو تم توجيه لائحة لوم ضده، في ذلك الوقت يمكن لرئيس الجمهورية القيام بمشاورات، أما دون ذلك فلا وجود لمشاورات على الإطلاق». وأضاف الرئيس التونسي: «لن أقبل بالتشاور مع أي كان ما دام الوضع القانوني على حاله».
وجاء هذا الموقف الرئاسي تزامناً مع تخلي «النهضة» عن دعمها حكومة الفخفاخ بدعوى وجود شبهة «تضارب مصالح» ضده لامتلاكه أسهماً في مؤسسات لها تعاملات مع الدولة. وتحقق لجنة برلمانية في هذه الشبهة، ولم تصدر بعد نتائجها النهائية.
وبخلاف «النهضة»، لم تعلن باقي الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، ذات التمثيل الأقل في البرلمان، موقفها رسمياً بشأن مستقبل حكومة الفخفاخ التي تسلمت مهامها في فبراير (شباط) الماضي.
وكان الرئيس سعيّد هو من اختار الفخفاخ لتكوين حكومة بعد فشل مرشح الحزب الفائز في الانتخابات في نيل ثقة البرلمان للحكومة الأولى المقترحة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ويشترط الدستور التونسي تقديم لائحة لوم من قبل ثلث نواب البرلمان على الأقل (73 نائباً)، قبل عرضها للتصويت في جلسة عامة بعد 15 يوماً. ويتعين الحصول على الأغلبية المطلقة (109 أصوات) لسحب الثقة من الحكومة.
وكان رئيس مجلس شورى حركة «النهضة» عبد الكريم الهاروني قال أمس (الاثنين)، إن المجلس كلف رئيس الحركة راشد الغنوشي، وهو أيضاً رئيس البرلمان، بدء مشاورات مع رئيس الجمهورية والأحزاب والمنظمات الوطنية من أجل «مشهد حكومي بديل». وقال الهاروني، في مؤتمر صحافي أعقب أعمال مجلس الشورى: «النهضة لن تقبل أي شبهة فساد في الحكومة وفي المشهد البديل». ولم يحدد مجلس شورى «النهضة» تاريخ بدء المشاورات. كما لم يستبعد الهاروني الذهاب إلى انتخابات مبكرة مع تعديلات للقانون الانتخابي. وتابع الهاروني أن مجلس شورى الحركة سيظل في حالة انعقاد حتى التوصل إلى حل للخروج من الأزمة.
وصرح مسؤولون من «النهضة» لوكالة «رويترز» بأن الحكومة فقدت مصداقيتها بسبب شبهات تضارب مصالح تلاحق الفخفاخ، وأن «النهضة» تريد حكومة جديدة قوية. وقال عماد الخميري القيادي بالنهضة للوكالة، إن الحزب يعتقد أن هذه الحكومة فقدت المصداقية بسبب شبهة تضارب المصالح لرئيس الحكومة.
ويتزامن الجدل بشأن مصير حكومة الفخفاخ مع التحضير لعريضة داخل البرلمان من أجل سحب الثقة من رئيسه الغنوشي. وتشارك في العريضة أحزاب من الحكومة. وقال سياسيون الأحد، إن خمسة أحزاب على الأقل ستبدأ إجراءات لسحب الثقة من الغنوشي، في خطوة ستمثل إحراجاً شديداً للحزب، وقد تقود لأزمة سياسية حادة في البلاد.
ويأتي سعي هذه الأحزاب لسحب الثقة من الغنوشي بسبب ما وصفته بأنه إدارة سيئة للبرلمان وخروقات وتجاوز للصلاحيات وسط خلافات بين أغلب عناصر الائتلاف الحاكم الهش. وفي المقابل، ستمثل إجراءات سحب الثقة من الغنوشي كرئيس للبرلمان أكبر إحراج للنهضة منذ 2013 حينما وافقت آنذاك على التخلي عن الحكم تحت ضغط احتجاجات معارضيها لصالح حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات جديدة.
وقال المتحدث باسم حزب التيار الديمقراطي محمد عمار الأحد، إن أربع كتل برلمانية اتفقت على بدء إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان بسبب خروقات عديدة في الإدارة وقرارات أحادية بخصوص تركيبة لجان برلمانية.
وتمثل هذه الكتل أحزاب «تحيا تونس» و«التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، وهي أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم، إضافة إلى كتل الإصلاح الوطني، في إشارة أخرى إلى أن عمر الائتلاف الحكومي الهش لن يطول كثيراً.
ويقود «الحزب الدستوري الحر» ورئيسته عبير موسي وهي من أنصار الرئيس السابق زين العابدين بن علي منذ أسابيع جهوداً لسحب الثقة من الغنوشي، متهمين إياه بأنه يخدم أجندة تنظيم الإخوان المسلمين وحلفاء في الخارج من بينهم تركيا وقطر.
ورفض الغنوشي مراراً الاتهامات، ويقول إنه من الأجدر الاهتمام بمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة للتونسيين بدل هذه الصراعات. ويعتصم نواب «الحزب الدستوري الحر» في مقر البرلمان، مطالبين بسحب الثقة من الغنوشي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.