بكين ترد على واشنطن بفرض عقوبات على مسؤولين أميركيين

في خطوة تصعيدية جديدة بين البلدين ردت الصين على الولايات المتحدة وفرضت عقوبات على أربعة مسؤولين أميركيين، بينهم السيناتوران الجمهوريان البارزان ماركو روبيو وتيد كروز، بسبب ما سمته «بالتدخل في الشؤون الداخلية للصين». وقالت الخارجية الصينية إن العقوبات ستستهدف أيضا سام براونباك سفير إدارة ترمب للحريات الدينية الدولية والنائب الجمهوري كريس سميث، وكذلك اللجنة التنفيذية الخاصة بالصين في الكونغرس، بعدما أدانوا انتهاكات بكين لحقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ الصينية. ولم تكشف الخارجية الصينية تفاصيل العقوبات، لكن الخطوة تأتي بعد أيام من حظر إدارة ترمب لثلاثة مسؤولين صينيين من زيارة الولايات المتحدة وتجميد أي أصول أميركية قد تكون لديهم.
ومع فرض الصين لعقوباتها، توسع تلك التدابير الأعمال العدائية المتبادلة بين بكين وواشنطن، والتي تشمل الآن بالفعل التجارة والتكنولوجيا والحريات الإعلامية، إلى مجال جديد. وكشف بيتر نافارو المستشار التجاري للرئيس الأميركي دونالد ترمب، في حديث مع محطة فوكس نيوز، أن الرئيس سيتخذ «إجراء قويا» ضد تطبيقي «تيك توك» الشهير و«وي تشات» بسبب احتمال أن يكونا أداة للتجسس ونقل المعلومات الشخصية لمستخدميهما إلى الصين، وتحديدا للجيش الصيني وأجهزة الحزب الشيوعي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ للصحافيين في بكين: «شؤون شينجيانغ شؤون داخلية للصين وليس للولايات المتحدة الحق في التدخل فيها». وقالت: «نحث الولايات المتحدة على سحب قرارها الخاطئ على الفور»، مضيفة أن الصين ستتخذ المزيد من القرارات على أساس تطور الوضع.
وتعهدت الصين بالانتقام بعد أن استخدمت إدارة ترمب قانون «ماغنيتسكي» الدولي لإدراج تشين كوانغو عضو المكتب السياسي وسكرتير الحزب الشيوعي في منطقة شينجيانغ، حيث تعيش أقلية الأويغور المسلمة ذات الحكم الذاتي في شمال غربي الصين، وزو هايلون سكرتير لجنة الحزب السياسية والقانونية في شينجيانغ، ووانغ مين شان سكرتير الحزب بمكتب شينجيانغ للأمن العام.
ومرر القانون الذي قدمه روبيو والسيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، بالإجماع من قبل مجلسي الشيوخ والنواب. ويطلب القانون من الإدارة الأميركية تقديم تقرير حول مدى الحملة الصينية في شينجيانغ وتقديم أهداف فردية محتملة للعقوبات بموجب قانون «ماغنتسكي».
كما أصدرت الخارجية الأميركية تحذيرا بشأن السفر إلى الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع، طالبة من المواطنين الأميركيين ممارسة الحذر المتزايد «بسبب التطبيق التعسفي للقوانين المحلية لأغراض أخرى غير الحفاظ على القانون والنظام»، والتي قد تشمل الاحتجاز والاستجوابات المطولة وحظر الخروج.
وبحسب مصادر أميركية فقد تم اعتقال أكثر من مليون شخص، معظمهم من الأويغور ومن الأقليات ذات الأصول التركية، في معسكرات اعتقال ضخمة عبر المنطقة الشمالية الغربية كجزء من جهود الحزب الشيوعي لإجبار تلك الأقليات المسلمة على الاندماج في ثقافة أغلبية «هان» العرقية. ويقول الحزب الشيوعي إن الإجراءات ضرورية «للتخلص من التطرف» بين الناس، لكن الأمم المتحدة والعديد من الدول الغربية أدانت الحملة ووصفتها بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين قوله إن «الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي بينما يرتكب الحزب الشيوعي هذه الانتهاكات». وأضاف «إذا أظهر لنا القرن الماضي شيئا، فإن تلك الآيديولوجيات الخطيرة المدعومة من الدول القوية نادرا ما تحصر سلوكها الخبيث داخل حدودها»، متعهدا بأن «الولايات المتحدة ستستمر في تسليط الضوء على الحقيقة في شينجيانغ - للأويغور ولنا جميعا».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية إن العقوبات الأميركية «انتهاك خطير للمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية وتقوض بشدة علاقاتنا الثنائية». وأضافت أن تنبيه السفر كان مضللا، وأن «الناس في الولايات المتحدة قلقون من عودة المكارثية سيئة السمعة، لذلك ومن خلال إصدار تنبيه السفر هذا في مثل هذه الظروف، يبدو أن الولايات المتحدة تسعى إلى ذرائع لتقويض حقوق المواطنين الصينيين ومصالحهم بشكل تعسفي في الولايات المتحدة».
وتأتي المواجهة المتصاعدة حول شينجيانغ وسط تدهور سريع هذا العام في العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم. واتهم ترمب وكبار المسؤولين في إدارته الصينيين مرارا وتكرارا بالتستر على تفشي الفيروس التاجي الذي بدأ في مدينة ووهان في نهاية العام الماضي والسماح له بالانتشار في جميع أنحاء العالم. وبحسب حصيلة الحكومة الصينية الرسمية فقد توفي 4634 شخصا في الصين، لكنه تسبب في أميركا بموت 137 ألفا وهي أعلى نسبة في العالم، وسط اتهامات لإدارة ترمب بالبطء في اتخاذ الإجراءات للتصدي للوباء.