«غاليري تريتياكوف» يعود مع استكشاف ثقافة «ما بعد ستالين»

مع تدابير وقائية صارمة فرضها «كوفيد - 19»

أعمال فنية من حقبة الركود في عهد بريجينيف في معرض {ليس دائما}
أعمال فنية من حقبة الركود في عهد بريجينيف في معرض {ليس دائما}
TT

«غاليري تريتياكوف» يعود مع استكشاف ثقافة «ما بعد ستالين»

أعمال فنية من حقبة الركود في عهد بريجينيف في معرض {ليس دائما}
أعمال فنية من حقبة الركود في عهد بريجينيف في معرض {ليس دائما}

أخيراً استأنف متحف «الفنون التشكيلة» في موسكو، الشهير باسم «غاليري تريتياكوف» نشاطه، في مرحلة «ما بعد قيود كورونا»، وكانت البداية يوم 7 يوليو (تموز) الحالي، من افتتاح معرض تحت عنوان «ليس دائماً 1968 - 1985»، الذي كان مقرراً في مطلع أبريل (نيسان)، وأُجّل بسبب «كورونا». والمعرض هو الجزء الثاني من سلسلة معارض تستكشف تفاصيل الحياة الثقافية والاجتماعية في روسيا والاتحاد السوفياتي خلال مرحلة «ما بعد الحرب العالمية الثانية»، أو «ما بعد ستالين». ويهدف المعرض، وفق ما يقول المنظمون، إلى «تحليل الوعي الفردي والجماعي خلال الحقبة الزمنية التي يغطيها المعرض، ويشكل محاولة أولى من نوعها لمثل هذا التحليل عبر نشاط فني، ونظرة فريدة إلى الفن السوفياتي أواخر الستينات ومنتصف الثمانينات، في سياق مشكلات العالم ما بعد الحداثة».
معرض «ليس دائماً 1968 - 1985»، هو الجزء الثاني من سلسلة معارض «استكشاف ثقافية» لمراحل رئيسية مر بها الاتحاد السوفياتي بعد ستالين، وهي «الدفء»، في إشارة إلى حقبة الزعيم نيكيتا خروشوف، التي شهدت بعض الانفتاح، من ثم مرحلة «الركود» في عهد الزعيم ليونية بريجينيف، ومن ثم «البيرسترويكا» في عهد ميخائيل غورباتشوف، آخر زعيم سوفياتي. وكانت «غاليري تريتياكوف» نظمت عام 2017 معرض «الدفء»، والآن فتحت أبوابها أمام الزوار لاستكشاف حقبة بريجينيف، المعروفة باسم «مرحلة الركود»، نظراً لما شهدته من ركود سياسي داخلي واقتصادي. ويؤكد المعرض أن «الحالة الثقافية الفنية» لم تكن جزءاً من حالة الركود تلك، إذ شهدت تلك المرحلة ظهور الكثير من الأعمال الفنية السينمائية التي باتت اليوم جزءاً رئيسياً من مكتبة الأعمال الكلاسيكية، فضلاً عن ظهور مدارس موسيقية حديثة، وأعمال فنية جديدة وما إلى ذلك.
يشتمل المعرض على 8 أقسام، يثير الاهتمام مباشرة القسم الأول منها، حيث تمت تغطية المدخل «بسجادة حمراء» كالتي كان يسير عليها الزعماء السوفيات في عهد بريجنيف، إن كان خلال مراسم استقبال ضيف ما، وفي المناسبات الرسمية، وداخل أروقة مقر عمل وإقامة رأس هرم السلطة. وفي صالة أخرى حاول فنانون محاكاة طبيعة الحياة في الشقق السوفياتية الصغيرة، وترتيب الأثاث فيها، وطبيعة الحياة داخل تلك الشقق. ففي زاوية من ذلك القسم، يقف تلفزيون من ذلك الزمن، يبث واحداً من الأفلام القديمة، ويجلس رجل على أريكة يقرأ الجريدة ويتابع الفيلم، وفي الخلفية، تقف مجموعة من الخزن الجدارية التي تُستخدم للاحتفاظ بأطقم احتساء الشاي والقهوة.
وكان اقتناء خزانة كهذه جزء من الثقافة الاجتماعية، إن جاز التعبير، في تلك المرحلة، الجميع يبحثون عن خزانة أفضل والجميع لا يعارضون الانتظار منذ الصباح في طوابير طويلة لاقتناء واحدة منها.
وفي كل صالة، تنتشر على الجدران بعض الأعمال الفنية لرسامين من تلك الحقبة، وبكل تأكيد حاضرة دوماً بروتريهات الزعماء السوفيات، بريشة مجموعة من كبار الفنانين الروس، فضلاً عن مكتبات تضم مجموعات من الكتب المفضلة للمواطنين حينها، والكثير غيره من معروضات، تجعل الزائر يشعر وكأنه انتقل مع الزمن، وعاد ليغوص في تفاصيل الحياة الثقافية والاجتماعية بكل تفاصيلها كما كانت سائدة في عهد الزعيم بريجنيف. ولأن «غاليري تريتياكوف» استأنف نشاطه أخيراً في وقت لا يمكن القول إن «جائحة كورونا» انتهت، كانت حاضرة في أجواء المعرض «تدابير وقائية»، إذ يرتدي الجميع الكمامات والقفازات، ولا يتوقف الزائر مطولاً عند لوحة ما أو في قسم محدد، حفاظاً على «التباعد الاجتماعي».



السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.