مرشحون للبرلمان يعلنون برامجهم «افتراضياً»... وانتقادات لـ«اللغة الخشبية» لحزب «البعث» في سوريا

عاملتان في مصنع مثلجات في دمشق (رويترز)
عاملتان في مصنع مثلجات في دمشق (رويترز)
TT

مرشحون للبرلمان يعلنون برامجهم «افتراضياً»... وانتقادات لـ«اللغة الخشبية» لحزب «البعث» في سوريا

عاملتان في مصنع مثلجات في دمشق (رويترز)
عاملتان في مصنع مثلجات في دمشق (رويترز)

قوبل قرار رئيس مجلس الوزراء السوري، حسين عرنوس، بإلزام السوريين ومَن في حكمهم، بتصريف مبلغ 100 دولار أميركي أو ما يعادلها بسعر الصرف الرسمي عند دخولهم البلاد، بانتقادات من نشطاء موالين ومعارضين، في وقت لجأ فيه مرشحون إلى انتخابات مجلس الشعب إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإعلان برامجهم بسبب الأزمة الاقتصادية وسط انتقادات لـ«اللغة الخشبية» من حزب «البعث» الحاكم. وسيتم تحديد سعر الصرف بناء على نشرة أسعار صرف الجمارك والطيران. وأعفى القرار من التصريف، المواطنين السوريين ومَن في حكمهم، الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة من العمر، وأيضا سائقي الشاحنات والسيارات العامة.
ويبدأ تطبيق القرار الصادر أول من أمس، من الشهر المقبل، وقد جاء بناء على اقتراح وزارة المالية، وما تقرر في اجتماع مجلس الوزراء، الأحد الماضي.
واعتبر مغتربون وعاملون في لبنان تحديداً القرار «رسوماً جمركية على الإنسان السوري». وكتب أحدهم: «يعني أن الذي يريد دخول البلاد، عليه أن يجمرك نفسه ويصرف 100 دولار على سعر الجمارك»، فيما كتب اخر: «أنا أعمل في لبنان وراتبي لا يتعدى 100 دولار. هل من المعقول كل مرة أزور أهلي أدفع راتبي؟».
ويعني القرار عملياً، تصريف 100 دولار بموجب سعر المصرف المركزي، خسارة 125 ألف ليرة، لأن السعر الحقيقي للدولار 2500 ليرة، فيما هو على «المركزي» 1250 ليرة.
إلى ذلك، يبدو أن الوضع الاقتصادي الضاغط على الشعب السوري وصل أيضاً إلى مرشحي مجلس الشعب (البرلمان) في 19 من الشهر الحالي، حيث غابت حتى الآن الحملات الانتخابية واللافتات وصور المرشحين، فيما رُفعت بعض اللافتات التي تحض على التصويت في غياب الحماسة من شرائح كبيرة من المجتمع لهذه الانتخابات.
وقدر موقع «بيزنس 2 بيزنس» كلفة «أقل حملة انتخابية متواضعة لأي مرشح في المحافظات الصغيرة بحسب الأسعار الرائجة بـ25 مليون ليرة سورية»، علماً بأن سعر الدولار الأميركي يبلغ 2500 ليرة.
وأشار أحد العاملين في مطبعة خاصة في دمشق إلى أن تكلفة طباعة اللافتة الانتخابية وأجور تثبيتها في موقعها تبلغ 15 ألف ليرة، قائلاً: «نتيجة التغيرات المتسارعة في أسعار المواد لا يمكن معرفة الكلفة الحقيقية إلا عندما يتم تثبيت الطلبية ودفع ثمنها».
وأوضح القاضي المستشار إحسان فهد أن القانون كفل لكل مواطن حق الترشح حتى لو كانت قدراته المالية ضعيفة، مستنداً في ذلك إلى المادة 57 في قانون الانتخابات العامة الصادر عام 2014. وفي ظل الارتفاع في أسعار الإعلانات التلفزيونية والإذاعية واللوحات الطرقية، استغل مرشحون مواقع التواصل الاجتماعي للبدء بحملاتهم الانتخابية ونشر برامجهم لإقناع الناخبين.
بدوره، انتقد صحافي مقرب من الحكومة، البيان الانتخابي لـ«البعث»، الذي اختار ممثليه إلى المجلس، الذين يبلغون نصف أعضاء المجلس، قائلاً: «ليست فيه جملة مفيدة، ولا موقف جديد، ولن يفلح الحزب بهذه العقلية لا أن يقود البرلمان ولا الحكومة ولا الشعب لبرّ الأمان».
وتضمن البيان الانتخابي للحزب «جملاً مكررة وخشبية حيث أعطى أولويته لمكافحة الإرهاب والعدوان إلى جانب تعزيز الوعي الوطني والقومي، والتأكيد على أن المقاومة حق وواجب حتى تحرير كل شبر محتل من أرضنا»، إضافة إلى عبارات تتعلق بـ«تحسين الوضع المعيشي للسوريين عموماً وإصلاح المؤسسات الرقابية ومكافحة الفساد، وتقوية حس المسؤولية والمبادرة لدى المواطنين عموماً ولعاملين في الشأن العام خصوصاً».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».