الجزائر تطالب فرنسا بكشف مصير مفقودي حرب التحرير

تتمسك بحل ملف «تعويض ضحايا التجارب النووية»

الرئيس الجزائري خلال مراسيم دفن 24 من زعماء المقاومة في ذكرى الاستقلال الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري خلال مراسيم دفن 24 من زعماء المقاومة في ذكرى الاستقلال الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تطالب فرنسا بكشف مصير مفقودي حرب التحرير

الرئيس الجزائري خلال مراسيم دفن 24 من زعماء المقاومة في ذكرى الاستقلال الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري خلال مراسيم دفن 24 من زعماء المقاومة في ذكرى الاستقلال الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أعدت السلطات الجزائرية لائحة تضم أكثر من ألفي اسم شخص، كانوا ضحايا اختفاءات قسرية إبان ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1954 ـ 1962)؛ تمهيداً لتسليمها إلى السلطات الفرنسية، قصد تحديد مصير جثث ومكان رفات أصحابها، وذلك في إطار الملف الذي يعرف بـ«الاشتغال على الذاكرة»، والذي بات يشهد ديناميكية لافتة منذ أسابيع، على خلفية تسليم فرنسا رفات 24 من قادة الثورات الشعبية خلال القرن التاسع عشر.
وأفاد قيادي في «المنظمة الوطنية للمجاهدين»، (جمعية مهتمة بتاريخ الثورة والمشاركين فيها)، لـ«الشرق الأوسط»، بأنها اشتغلت على ملف «مفقودي حرب التحرير» منذ خمس سنوات، بتعاون مع وزارة المجاهدين (قدامى المحاربين). مشيراً إلى أنه تم إحصاء أكثر من ألفي شخص اغتالهم الجيش والبوليس الاستعماريين في المدن والقرى، كان الكثير منهم، حسبه، ناشطين سياسيين. وأكد القيادي نفسه بأن «العمل أمر به الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي انتزع موافقة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند على دراسة القضية بجدية، وقد حدث ذلك خلال زيارته الجزائر نهاية 2012»، حيث صرح هولاند يومها بأن الاستعمار «كان نظاماً ظالماً وسبب آلاماً كبيرة لضحاياه». وفهم من هذا التصريح بأن فرنسا على استعداد لـ«تقديم تنازلات» في «ملف الذاكرة»، يريد الجزائريون أن تصل إلى الاعتذار عن جرائم الاستعمار. وقال وزير المجاهدين وذوي الحقوق، الطيب زيتوني، أول من أمس، بالعاصمة، إن الجزائر «تطالب بالكشف عن مصير 2200 جزائري تعرضوا للتصفية على يد الاستعمار، وتم إخفاء أماكن دفنهم». وذكر من بينهم رجل الدين العربي تبسي، والمجاهد الكبير جيلالي بونعامة، والمناضل الشيوعي الفرنسي الشهير موريس أودان، الذي كان من بين الأوروبيين الذين ساندوا ثورة الاستقلال، والذين كانوا يعيشون في الجزائر.
وأفاد زيتوني بأن الجزائر «تتمسك بالملفات الخمسة المطروحة على الجانب الفرنسي، وتتعلق بالمفقودين واسترجاع رفات شهداء المقاومة الشعبية، والأرشيف الوطني الخاص بالثورة التحريرية المتواجد بفرنسا، إلى جانب ملف تعويض ضحايا التجارب النووية»، التي أجرتها فرنسا في صحراء الجزائر ما بين 1962 و1967. مشيراً إلى أن إحصاء مفقودي ثورة التحرير «لا يزال مستمراً وذلك بجمع معلومات من عائلاتهم».
وبخصوص استرجاع أرشيف الثورة التحريرية، شدد الوزير على «ضرورة الحصول عليه لأنه جزء مهم من ذاكرة الأمة»، وقال إن وفدين من الحكومتين الجزائرية والفرنسية «سيلتقيان قريباً لإيجاد حل نهائي لهذا المشكلة»، دون الكشف عن مكان انعقاد الاجتماع. يشار إلى أن الفرنسيين سلموا الجزائر كمية كبيرة من أرشيف الثورة في السنوات الماضية، لكنهم أظهروا في المقابل تحفظاً على بعض المستندات والأحداث المصورة، بحجة أنها من «أسرار الدولة».
وأضاف زيتوني بأن بلاده «تولي أهمية كبيرة لمواصلة عمل بدأته منذ مدة، يتعلق بملف تعويض ضحايا التجارب النووية؛ إذ قدمنا اقتراحات ستعود بالمنفعة على الجانب الجزائري»، لكن زيتوني لم يذكر توضيحات أكثر بهذا الخصوص. وكتب وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي في مقال نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، مطلع عام 2018، أن «ملف الذاكرة يبقى حاضراً باستمرار (في العلاقات الجزائرية - الفرنسية)، مع تسجيل تطوّر نوعي في معالجة بعض القضايا ذات الصلة، بينها موافقة الرئيس الفرنسي على استعادة جماجم المقاومين الجزائريين المحفوظة في متحف الإنسان بفرنسا، بعد استيفاء بعض الإجراءات القانونية، وهي خطوة ذات دلالات مرتبطة بملف استعادة أرشيف ثورة التحرير بكل أبعاده».
ونظمت الجزائر الأسبوع الماضي جنازة رئاسية لرفات 24 من زعماء المقاومة، في ذكرى الاستقلال (5 يوليو/تموز)، بعد أن تم نقلهم من باريس.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.