الأردن يطرق بنجاح سوق السندات لتسريع التعافي مع تراجع النمو

انخفاض العجز التجاري وقيمة واردات النفط

نجح الأردن في جمع 1.75 مليار دولار من سوق السندات الدولية الأسبوع الماضي مما يخفف الضغط على الاقتصاد (رويترز)
نجح الأردن في جمع 1.75 مليار دولار من سوق السندات الدولية الأسبوع الماضي مما يخفف الضغط على الاقتصاد (رويترز)
TT

الأردن يطرق بنجاح سوق السندات لتسريع التعافي مع تراجع النمو

نجح الأردن في جمع 1.75 مليار دولار من سوق السندات الدولية الأسبوع الماضي مما يخفف الضغط على الاقتصاد (رويترز)
نجح الأردن في جمع 1.75 مليار دولار من سوق السندات الدولية الأسبوع الماضي مما يخفف الضغط على الاقتصاد (رويترز)

قال وزير المالية الأردني محمد العسعس، إن نجاح الأردن في جمع 1.75 مليار دولار من سوق السندات الدولية الأسبوع الماضي يخفف الضغط على الاقتصاد، ويمهد الطريق لتعافٍ أسرع من تأثير جائحة فيروس كورونا.
وجمعت المملكة الأموال من إصدار سندات دولية على شريحتين بقيمة 500 مليون دولار بعائد 4.95 في المائة لأجل خمس سنوات، و1.25 مليار دولار بعائد 5.85 في المائة لأجل عشر سنوات. وفاقت طلبات الاكتتاب في الإصدار المعروض بواقع 6.25 مرة بعد أن استقطبت عروضاً بقيمة تزيد على 6.25 مليار دولار.
وقال العسعس، إن الإقبال القوي للمستثمرين من ما يزيد على 200 مؤسسة وشركة استثمارية كبرى، 35 في المائة من السوق الأميركية، و25 في المائة من المملكة المتحدة، والباقي من مناطق أخرى ومستثمرين آسيويين، يعكس الثقة في قدرة الاقتصاد الأردني على التعافي.
وقال العسعس، إن اقتراض الدين من الخارج سيساهم في تخفيف الضغوط على السيولة داخل النظام المصرفي المحلي وتحرير المزيد من الأموال لإقراض الشركات والأفراد. مشيراً إلى أن الأردن سيضخ سيولة ولن يزاحم القطاع الخاص، وأن الهدف الأساسي هو رفع النمو.
وأضاف أن هناك مؤشرات على أن الاقتصاد قد ينتعش مجدداً بقوة العام المقبل من انكماش حاد يُقدر عند نحو 3.4 في المائة منذ بداية العام الحالي، مشيراً إلى أن إعادة فتح أنشطة الشركات في الآونة الأخيرة قد تحسن التوقعات.
وقال العسعس، إن سعر الفائدة المنخفض نسبياً الذي تمكن الأردن من تدبيره مقارنة مع بقية جهات الإصدار السيادية في المنطقة وفر للخزانة عشرات الملايين من الدولارات؛ مما يساعد المملكة على إدارة خدمة ديونها على نحو أفضل. وأضاف أن هذا سيدعم الاستقرار المالي والنقدي.
وسيذهب القدر الأكبر من حصيلة البيع لسداد سندات بقيمة 1.25 مليار دولار تُستحق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لكنها تسمح أيضاً للحكومة بسداد ديون متراكمة لمقاولين.
وقال وزير المالية، إن الحكومة تهدف لسداد قرابة مليار دينار (1.4 مليار دولار) من الدين المحلي المُستحق بحلول نهاية العام، و300 مليون دينار أخرى مستحقة للمقاولين والمستشفيات وشركات الطاقة. موضحاً أن الهدف هو تحسين قدرة الاقتصاد الأردني والقطاع الخاص على تجاوز الضربات السلبية التي شكلها «كوفيد – 19».
وأظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة، الخميس، أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للأردن بلغ في الربع الأول من العام الحالي 1.3 في المائة، انخفاضاً من 2.1 في المائة في الربع الذي سبقه. ويتوقع البنك الدولي، أن ينكمش الاقتصاد الأردني في العام الحالي بنحو 3.5 في المائة.
ومن جهة أخرى، انخفضت قيمة واردات الأردن من النفط الخام ومشتقاته بنسبة 30.8 في المائة في أول أربعة أشهر من العام الحالي إلى 531.1 مليون دينار (749 مليون دولار) مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2019، بحسب بيانات الإحصاءات العامة. وكانت فاتورة المملكة من النفط ومشتقاته قد بلغت في نهاية أبريل (نيسان) 2019 نحو 767.1 مليون دينار. ويستورد الأردن أكثر من 95 في المائة من احتياجاته من الطاقة.
كما أعلنت دائرة الإحصاءات العامة انخفاض العجز التجاري في الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 26.3 في المائة على أساس سنوي، ليبلغ 2.045 مليار دينار، مقارنة بـ2.775 مليار دينار في الفترة الموازية. وأشارت دائرة الإحصاءات العامة إلى انخفاض قيمة الصادرات الكلية خلال الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 7.5 في المائة، حيث بلغت 1.633 مليار دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والبالغة 1.765 مليار دينار.
وبحسب التقرير، انخفضت قيمة الصادرات الوطنية خلال الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 3.1 في المائة، أي ما مقداره 1.424 مليار دينار، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والبالغة قيمتها 1.469 مليار دينار، في حين بلغت قيمة المعاد تصديره 208.8 مليون دينار خلال الثلث الأول من العام الحالي، بانخفاض نسبته 29.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ووفق التقرير، انخفضت المستوردات خلال الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 19 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حيث بلغت قيمتها 3.678 مليار دينار.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.