جبايات تضرب النوادي والاستراحات ومقاهي الإنترنت في مناطق الميليشيات

أحد المقاهي التي تتيح لعب «البليارد» في صنعاء (الشرق الأوسط)
أحد المقاهي التي تتيح لعب «البليارد» في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

جبايات تضرب النوادي والاستراحات ومقاهي الإنترنت في مناطق الميليشيات

أحد المقاهي التي تتيح لعب «البليارد» في صنعاء (الشرق الأوسط)
أحد المقاهي التي تتيح لعب «البليارد» في صنعاء (الشرق الأوسط)

شنّت الميليشيات الحوثية في اليومين الأخيرين حملة استهداف فرضت من خلالها جبايات مالية طالت المئات من نوادي الألعاب الرياضية والترفيهية ومحال الإنترنت والاستراحات المنتشرة في مديريات ومناطق العاصمة اليمنية صنعاء، بحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط».
وأفادت المصادر بأن الجماعة فرضت عبر حملتها غير القانونية التي بدأتها قبل يومين جبايات مالية ضخمة، وأمرت بإغلاق أزيد من 22 نادياً للألعاب، و38 محل إنترنت، و19 استراحة شعبية و5 استراحات أخرى تتبع فنادق سياحية، بحجة منع التجمعات.
وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يطال فيها الاستهداف الحوثي أندية ومحال ألعاب رياضية وترفيهية بصنعاء، باستثناء الاستراحات والمقاهي ومحال الإنترنت التي طالتها على مدى الأعوام والأشهر الماضية العشرات من حملات البطش والتعسف.
ولفتت المصادر إلى أن عناصر الجماعة وبإيعاز من قادتهم اشترطوا لإعادة فتح النوادي والاستراحات والمحال التجارية دفع إتاوات مالية تحت مسمى «غرامة تأديبية».
في غضون ذلك، دعا عدد من مُلّاك هذه النوادي والمحلات المنظمات المحلية والدولية وكل المعنيين بحقوق الإنسان إلى التدخل لرفع الظلم الحوثي عنهم، وكشفوا لـ«الشرق الأوسط» عن قيام لجان الجماعة المسلحة بفرض إتاوات وصلت إلى 150 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال) على كل محل، مقابل السماح بالاستمرار في العمل.
وكانت الجماعة وجدت في تفشي وباء «كورونا المستجد» مناخاً مناسباً لابتزاز التجار والتضييق على الشركات وقطاع الأعمال، على الرغم من تكتُّم الجماعة على أعداد الضحايا وتهوينهم من حجم الجائحة التي أودت بالمئات، حسب تقديرات محلية خلال الأسابيع الماضية.
وأكد عمال في الأندية الرياضية أن الجماعة وبحجة مجابهة الجائحة تواصل إغلاق العشرات، إن لم تكن المئات من النوادي والاستراحات ومحال الكوافير والإنترنت وغيرها، دون أن توجد حلولاً لمالكيها، أو حتى تتكفل بإعفائهم من الإيجار خلال فترة الإغلاق.
من جانبه، أفاد مالك ثلاث استراحات طالها تعسف الحوثيين، بأن إجراءات الجماعة الأخيرة تهدف إلى تطفيش الملاك، واستهداف العاملين، وهم بالآلاف، لفصلهم عن أعمالهم وإلحاقهم بجبهات القتال.
ونتيجة لقرارات وحملات النهب والتضييق الحوثية يلجأ ملاك نوادي الألعاب الرياضية ومحلات الإنترنت والاستراحات والمتنزهات الخاصة ومحلات الكوافير والحمامات البخارية لفتح محلاتهم خلال الفترة المسائية خلسة لعدة ساعات لتغطية إيجاراتها ومصاريف العاملين.
وفي سياق ذي صلة، اعتبر مراقبون محليون أن إغلاق مسلحي الجماعة للنوادي والاستراحات ومحال الإنترنت وغيرها تأتي بناء على توجيهات من قادتها في صنعاء.
وأرجعوا أسباب استهداف الحوثيين للنوادي التي تضم (الجيم، والبلياردو، وتنس الطاولة، والشطرنج، والبلايستيشن، والدومينو وغيرها) لكثرة مرتاديها في ظل العطلة الصيفية لتضييق الخناق على الأطفال والشبان لإلحاقهم بدورات الاستقطاب الفكري والطائفي تمهيداً لتجنيدهم للقتال.
وبحسب المراقبين، فقد عمدت الميليشيات منذ تفشي «كورونا» بمناطق سيطرتها إلى اتخاذ إجراءات من شأنها ابتزاز أصحاب المحلات التجارية، والمنشآت الخاصة المختلفة وإجبارهم على دفع مبالغ مالية بذريعة مجابهة الجائحة.
وكانت الجماعة وفي سياق تضييقها وتنغيصها لحياة اليمنيين، أغلقت قبل فترة استراحات شهيرة في العاصمة صنعاء دون أي أسباب أو إجراءات قانونية. ورجحت حينها مصادر محلية أن الإغلاق يأتي ضمن الإجراءات التي تقوم بها الجماعة للتضييق على شريحة الصحافيين والأدباء والمثقفين الذين يعتادون بصورة دائمة الذهاب لتلك الاستراحات.
وفي آواخر مايو (أيار) الماضي، أغلقت الجماعة عبر حملة مسعورة عدداً من الكافيهات والاستراحات التي تقع بعضها في أعالي بعض الفنادق السياحية بصنعاء، تحت ذريعة «منع الاختلاط»، وأفادت حينها تقارير محلية بأن قيادة الميليشيات رفضت فتح تلك الكافيهات والاستراحات إلا بعد دفع مالكيها إتاوات غير قانونية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.