تصدع آخر في تكتل اليمين في إسرائيل

اتهموه بجرهم إلى انتخابات وسط أزمة صحية واقتصادية

نتنياهو يتحدث إلى عضو كنيست من حزب الليكود في جلسة إعلان الحكومة أكتوبر الماضي (رويترز)
نتنياهو يتحدث إلى عضو كنيست من حزب الليكود في جلسة إعلان الحكومة أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

تصدع آخر في تكتل اليمين في إسرائيل

نتنياهو يتحدث إلى عضو كنيست من حزب الليكود في جلسة إعلان الحكومة أكتوبر الماضي (رويترز)
نتنياهو يتحدث إلى عضو كنيست من حزب الليكود في جلسة إعلان الحكومة أكتوبر الماضي (رويترز)

بعد أن اختلف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع تحالف أحزاب اليمين برئاسة نفتالي بنيت، واستبعده عن ائتلافه الحاكم، دخل في الأيام الأخيرة في خلاف حاد مع الأحزاب الدينية اليهودية، على خلفية معركته ضد الجهاز القضائي.
وذكرت مصادر موثوقة، أن وزير الداخلية رئيس حزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين، أريه درعي، تكلم بغضب شديد مع نتنياهو وأغلق الهاتف في وجهه. ويعود الخلاف بينهما بسبب قرار نتنياهو تأييد مشروع قانون جديد طرحه عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، من تحالف أحزاب اليمين المتطرف (يمينا)، والذي يقضي بتشكيل لجنة تحقيق مع عدد من قضاة محكمة العدل العليا، بحجة أنهم نظروا في قضايا تتعلق بمقربين منهم. وكان سموترتش قد طرح مشروع هذا القانون، بعد نشر تحقيق صحافي يكشف أن عدداً من القضاة قبلوا إدارة محاكمات تتعلق بأشخاص يعرفونهم، مع العلم بأن القانون يفضل أن ينسحب القاضي من أي قضية يوجد فيها أشخاص مقربون، حتى لا تتضارب المصالح.
وبدا واضحاً أن حزب يمينا أقدم على طرح هذا القانون، ليس دفاعاً عن العدالة والنزاهة، بل ليوقع بين نتنياهو وحلفائه من «كحول لفان»، المعروفين برفضهم هذا القانون. وقد اعتبره وزير القضاء من هذا الحزب، آفي نيسانكورين، بمثابة قانون كيدي. في حين اعتبرته النائبة من «كحول لفان»، محاولة استفزازية هدفها فك الائتلاف الحكومي ودفع البلاد إلى انتخابات جديدة.
وروى مقربون من الوزير درعي، أنه رفض القانون بشدة حتى لا يقود إلى تفكيك الائتلاف. وتوجه إلى نتنياهو وهو يستشيط غضباً، ووجه له اتهاماً مباشراً بأنه يسعى إلى إجراء انتخابات جديدة. وأصر نتنياهو على التصويت لصالح القانون وطلب من درعي أن تصوت الأحزاب الدينية أيضاً («شاس» و«يهدوت هتوراة»)، كذلك. فقال درعي لنتنياهو «نحن في وضع نعاني فيه أشد أزمة صحية واقتصادية تشهدها إسرائيل في تاريخها، لدينا أكثر من مليون عاطل عن العمل، وأنت تجرنا إلى الانتخابات». وأضاف «أنت تمس بنا وبمصداقيتنا. فنحن وعدنا بيني غانتس بأن نحافظ على الائتلاف مع حزبه، وأنت تجعلنا نظهر مخادعين. لا يجوز لك ذلك. ولن نسمح لك بذلك».
وعلى الأثر، تغيب نتنياهو عن جلسة التصويت على القانون وتغيب معه 13 نائباً آخر من حزب الليكود. وهكذا سقط القانون بأكثرية 54 نائباً مقابل 43 نائباً. وصوتت المعارضة بكل أحزابها ضد هذا القانون، وصوت ضده أيضاً حزب غانتس. وهاجم رئيس المعارضة، يائير لبيد، مقترح القانون، وقال إن «هذا مس شديد بالمحكمة وبسلطة القضاء. مرة أخرى نتنياهو يدوس على المحكمة بقدم همجية، لكي يبث فيها الرعب وتتوقف عن محاكمته بتهم الفساد».
ورأى المراقبون أن هذا الصدام كشف عن تصدع آخر في تكتل اليمين، يمكنه أن يؤدي إلى تفكيكه تماماً، بعد أن كان قد صمد لثلاث معارك انتخابية. فقد نجح نتنياهو في حينه بتشكيل كتلة تضم حزبي الليكود والبيت اليهودي سوية مع الأحزاب الدينية، في حلف واحد ثابت وراسخ. وكان نواب وقادة هذه الأحزاب يرفضون التفاوض مع غانتس على تشكيل حكومته معه، ويقولون له «نتنياهو يفاوض باسمنا». ولكن بعيد الانتخابات الأخيرة، تنازل نتنياهو عن حزب اليمين المتطرف وضم غانتس وحزب العمل إلى ائتلافه. فأعلن رئيس اليمين المتطرف، بنيت، إنه لن يعود في المستقبل على إعادة تجربة كتلة اليمين. وفي يوم أمس سئل أريه درعي عن رأيه في كتلة اليمين، فأجاب «لم يعد هناك شيء كهذا». واعتبرت هذه الجملة بمثابة موقف جديد ينبغي أن يزعج نتنياهو للمستقبل. وإذا لم يكن يعني أنه تفكيك للكتلة، فإنه على الأقل يعتبر تصدعاً جدياً.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.