عرض إسرائيلي لتبادل أسرى لا يلبي شروط «حماس»

الحركة متمسكة بمطالبها وتتطلع إلى «إنجاز كبير»

سامح قعدان والد أسير من غزة يحدد على تقويم يدوي الأيام المتبقية للإفراج عن ابنه في نوفمبر المقبل (إ.ب.أ)
سامح قعدان والد أسير من غزة يحدد على تقويم يدوي الأيام المتبقية للإفراج عن ابنه في نوفمبر المقبل (إ.ب.أ)
TT

عرض إسرائيلي لتبادل أسرى لا يلبي شروط «حماس»

سامح قعدان والد أسير من غزة يحدد على تقويم يدوي الأيام المتبقية للإفراج عن ابنه في نوفمبر المقبل (إ.ب.أ)
سامح قعدان والد أسير من غزة يحدد على تقويم يدوي الأيام المتبقية للإفراج عن ابنه في نوفمبر المقبل (إ.ب.أ)

قال مصدر في «حركة حماس» إن الحركة لن تتنازل عن شرط إطلاق إسرائيل سراح جميع الأسرى المحررين، ضمن صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط) الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم خلال السنوات الماضية.
وكان المصدر يعقب على تقرير إسرائيلي حول تقديم تل أبيب عرضاً جديداً بشأن مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع «حركة حماس». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا هو الثمن المطلوب للدخول في مفاوضات حول صفقة شاملة. وأضاف أنها تلقت عروضاً عبر وسطاء، من أجل إتمام صفقة تبادل جديدة، «لكنها عروض لا تلبي شروط الحركة»، لافتاً إلى أنه بشكل اعتيادي تتم دراسة أي عرض والرد عليه.
ورفض المصدر الإفصاح عن التفاصيل كافة، لكنه لمح إلى أن إسرائيل تدور في نفس الدائرة، وتريد تسليم جثامين شهداء فلسطينيين لديها، وتقترح إطلاق سراح مرضى وكبار سن مقابل الحصول على أسراها.
وقال المصدر إن مطالب الحركة واضحة، وهي «إطلاق سراح الأسرى المعاد اعتقالهم. وأي معلومات حول الأسرى في غزة ستكون مقابل ثمن، والحديث عن صفقة تبادل ستكون كبيرة وشاملة، لكن ليس بهذه الطريقة».
ونقلت هيئة البث الإسرائيلي عن مصدر إسرائيلي رفيع، أن إسرائيل أرسلت عبر الوسطاء مقترحاً جديداً للطرف الآخر، لكنها لم تتلق جواباً حتى اللحظة. وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الاقتراح نقله طرف ثالث، بدون أي تفاصيل تذكر. والاقتراح الجديد جاء ضمن سلسلة اقتراحات وردود متبادلة بين إسرائيل و«حماس» منذ شهور.
وعاد الملف إلى الواجهة بداية أبريل (نيسان) الماضي، بعد مبادرة طرحها رئيس «حركة حماس» في غزة، يحيى السنوار، وصفها بـ«الإنسانية»، ويجب أن تشمل إفراج إسرائيل عن أسرى مرضى وكبار سن وأطفال ونساء، «مقابل تقديم شيء»، لم يحدده. ويعتقد أن «حماس» عرضت تقديم معلومات حول وضع الأسرى لديها، بما في ذلك إمكانية الإفراج عن بعضهم، مقابل إفراج إسرائيل عن فئات محددة من الأسرى، بانتظار صفقة نهائية وكبيرة، لكن إسرائيل تسعى إلى صفقة شاملة مرة واحدة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد قال الخميس الماضي، خلال مراسيم إحياء الذكرى السادسة لحرب غزة، صيف 2014، والمعروفة إسرائيلياً بعملية «الجرف الصامد»، إنه يواصل العمل من أجل استعادة رفات الجنود في قطاع غزة، وكذلك الأحياء. وأضاف: «من جهتنا نرى أن هناك نافذة، نحن مستعدون لإعطائها فرصة». وتبع ذلك قرار وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، بتسريع عملية البحث عن جثامين «شهداء فلسطينيين» محتجزة في إسرائيل.
ويدور الحديث عن عشرات جثامين مدفونة في مقابر الأرقام منذ سنوات طويلة. لكن «حماس» التي لم ترد فوراً على التقارير الإسرائيلية، تؤكد أن أي صفقة تبادل أسرى لن تم، من دون أن يتصدرها كبار قادة الأسرى. وقال الناطق باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة: «إن هذا الثمن سيدفعه الاحتلال برضاه أو رغماً عن أنفه». وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق إذا استطاعت قبل نهاية هذا العام، لكنه يجب أن يكون إنجازاً كبيراً. وكان صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حركة حماس»، أكد أن حركته وضعت تحرير الأسرى على سلم أولوياتها، و«تأمل ألا تنتهي هذه السنة إلا وقد تحرر أسرانا من هذا القيد».
ويوجد لدى «حماس» 4 إسرائيليين؛ الجنديان شاؤول آرون، وهادار جولدن، اللذان أسرتهما «حماس» في الحرب التي اندلعت في صيف 2014، (وتقول إسرائيل إنهما جثتان، لكن «حماس» ألمحت إلى أنهما قد يكونان حيّين، متهمة الحكومة الإسرائيلية بممارسة الكذب على شعبها)، وأباراهام منغستو، وهاشم بدوي السيد، وهما يحملان الجنسية الإسرائيلية، الأول إثيوبي، والثاني عربي، دخلا إلى غزة بمحض إرادتيهما بعد حرب غزة في وقتين مختلفين.
في المقابل، يقبع في السجون الإسرائيلية اليوم 5 آلاف أسير، بينهم 41 أسيرة يقبعن في سجن «الدامون» و180 طفلاً وقاصراً، موزعون على سجون «عوفر، ومجدو، والدامون». وبحسب المؤسسات المعنية، فإن الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاق أوسلو، عددهم «26» أسيراً، أما عدد الأسرى الذين تجاوز اعتقالهم «20» عاماً، فهم «51» أسيراً، وهم عمداء الأسرى، ومن بينهم «14» أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من «30» عاماً على التوالي. أما عدد أسرى المؤبدات فقد وصل إلى «541» أسيراً.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.