السطو على المساعدات يضع النازحين في صنعاء تحت وطأة الجوع

TT

السطو على المساعدات يضع النازحين في صنعاء تحت وطأة الجوع

يُبدي صبري منيف، وهو نازح يمني من محافظة الحديدة اتجه صوب صنعاء، قلقه وتخوفه الشديدين من استمرار تخفيض الوكالات الإغاثية معوناتها الإنسانية إلى النصف عقب إعلانها في أبريل (نيسان) الماضي، ويخشى في الوقت ذاته أن يؤدي ذلك إلى انقطاعها بشكل كلي، خصوصا أنه وأسرته يعتمدون بشكل كلي على ما تقدمه تلك المنظمات من مساعدات غذائية. منيف نزح مع عائلته من مديرية حيس في الحديدة قبل عامين عقب اشتداد المعارك وتعرضهم لعدد من المخاطر. ويشكو وهو أب لطفل وسبع بنات، من حرمانه الحصول على نصيبه من سلال الغذاء نتيجة استمرار توقف صرف المساعدات في صنعاء توقفا شبه كلي وادعاء الميليشيات أن الأمم المتحدة هي من أوقفتها.
يقطن اليمني البالغ من العمر 43 عاما وأفراد أسرته بحي شعبي في صنعاء، ويقول إن آخر مرة تسلم فيها حصته من المساعدات كانت أواخر رمضان الماضي وكان ينقصها الزيت والسكر. في إشارة منه إلى سرقتها من قبل الحوثيين الذين يتحكمون بآلية صرف وتوزيع تلك المعونات.
كما يتحدث عن مئات النازحين من الحديدة في صنعاء وهو على اتصال بهم، لا يتسلمون معوناتهم الغذائية منذ أربعة أشهر، حيث يواجهون عراقيل حوثية عدة تحول بينهم وبين الحصول على ما خصص لهم من المساعدات الإغاثية.
وبحسب إحصائيات محلية، يوجد أكثر من 60 ألف أسرة يمنية نزحت خلال سنوات ماضية إلى صنعاء بسبب الحرب الحوثية العبثية، وباتت تعتمد اليوم في معيشتها بشكل أساسي على ما يقدم لها من معونات دولية إغاثية.
وقطع عدد من المانحين الدوليين، من بينهم الولايات المتحدة، المساعدات المقدمة لليمنيين نتيجة شكوكهم بأن تبرعاتهم السابقة كانت تُعرقل ويجري تحويلها إلى مناطق خاضعة للميليشيات التي تحرم المستحقين من الحصول عليها.
وقال مسؤولون إغاثيون إنهم واجهوا في السابق تأخيرات كثيرة في الحصول على الموافقات والتصريحات اللازمة من قبل الميليشيات لتوصيل المساعدات، إلى جانب تعرض موظفيهم للإساءة والاعتقال من قبل مسلحي الجماعة.
فيما يشير أحمد البعوي وهو نازح آخر من محافظة حجة إلى وجود تلاعب وعبث كبيرين من قبل الجماعة في صنعاء فيما يتعلق بالمساعدات الغذائية، مشددا على أن ذلك يستدعي من الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات وقرارات صارمة حيال الميليشيات وليس اللجوء إلى تخفيض أو تعليق عمل توزيع المعونات وحرمان اليمنيين المستحقين منها.
ويؤكد البعوي صعوبة مثل تلك القرارات بالنسبة لشريحة النازحين والسكان المحليين بصنعاء الذين باتوا لا يختلفون كثيرا في الظروف والمعاناة والحرمان عن شريحة النازحين. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن أي تقليص لمساعدات الغذاء والدواء أو إيقافها في هذا الوقت الحرج سيعود بالضرر الكبير على الجميع في اليمن سواء كانوا نازحين أو مواطنين وسكانا محليين أو حتى موظفين.
وأفادت معلومات وأرقام محلية، بأن من بين اليمنيين النازحين البالغ عددهم مليوني شخص، يعيش نحو 90 في المائة منهم بعيداً عن منازلهم منذ أعوام، وقد استُنزفت مواردهم وموارد المجتمعات المحلية التي تستضيفهم مع وصول البلاد بشكل عام إلى حافة المجاعة.
وكشفت إحصائية في صنعاء عن أن إجمالي عدد النازحين الذين وصلوا إلى العاصمة قادمين من 17 محافظة يمنية جراء حروب وجرائم وتعسفات وانتهاكات الميليشيات، بلغ خلال أربعة أعوام ماضية أكثر من 480 ألف نازح ونازحة.
ومع إعلان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قبل أيام، أن أكثر من 20 مليون يمني يعانون من الجوع المزمن، وباتوا عرضة للإصابة بـ«كوفيد - 19» وأمراض وأوبئة أخرى، كان المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي هدّد في وقت سابق، بإيقاف توزيع المواد الغذائية بسبب مخاوف من وقوع «اختلاسات» وعدم إيصال المساعدات لأصحابها.
ويزود برنامج الأغذية الأممي أكثر من 12 مليون يمني بالطعام شهريا؛ في حين يعيش 80 في المائة منهم في مناطق تسيطر عليها الجماعة الانقلابية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.