مفاوضات السلام السودانية تتخطى عتبة اقتسام السلطة

TT

مفاوضات السلام السودانية تتخطى عتبة اقتسام السلطة

كشفت مصادر عليمة عن تجاوز وفدي الحكومة السودانية والحركات المسلحة في «الجبهة الثورية»، آخر مطبات التفاوض واقتسام السلطة، وتوقعت إبرام اتفاق سلام بالأحرف الأولى خلال أيام. وكان رئيس فريق الوساطة الجنوب سودانية، توت قلواك، أكد أن اتفاق الحكومة السودانية والجبهة الثورية على كل القضايا المختلف حولها، وسط تقارب كبير بين الطرفين على حسم نسبة الأخيرة في المجلس التشريعي الانتقالي، آخر الملفات العالقة على طاولة المفاوضات.
وأعلن قلواك عقب مغادرته الخرطوم، أول من أمس، عائداً إلى جوبا أنه سيبحث مع راعي ملف السلام الرئيس سلفاكير ميارديت دعوة رؤساء دول الجوار لحضور توقيع اتفاق السلام في السودان خلال الأسبوع المقبل. وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى تقارب كبير في المواقف التفاوضية يصل إلى حد الاتفاق النهائي بين الوفدين على مشاركة الحركات المسلحة بعدد 75 مقعداً في المجلس التشريعي. وكانت الحركات المسلحة تطالب بنسبة 35 في المائة في المجلس التشريعي، تؤخذ من نسبة 67 في المائة التي منحتها الوثيقة الدستورية لقوى إعلان الحرية والتغيير، الائتلاف الحاكم في السودان. وفي المقابل، كان مقترح وفد الحكومة مشاركة كل الحركات المسلحة في «كتلة السلام» بعدد 90 مقعداً في المجلس التشريعي، يخصص 50 منها للجبهة الثورية، و40 مقعداً لفصيلي عبد العزيز الحلو وعبد الواحد النور، بعد التحاقهما بالمفاوضات. وقالت المصادر إن الطرفين اتفقا على مشاركة الجبهة الثورية في هياكل السلطة الانتقالية، بمعقدين في مجلس السيادة الانتقالي، و4 وزراء في الجهاز التنفيذي. وأكدت المصادر أن مطلب الجبهة الثورية باستثناء قادة الحركات المسلحة الذين سيشاركون في مؤسسات السلطة الانتقالية، من المشاركة في الانتخابات المقبلة، لا يجد ممانعة من جانب الحكومة أو قوى إعلان الحرية والتغيير.
ومن المتوقع أن يجري تعديل على المادة «20» في الوثيقة الدستورية، التي تمنع أي شخص تقلد منصباً سيادياً أو وزارياً في السلطة الانتقالية من الترشح في الانتخابات التي تعقب الفترة الانتقالية. وينتظر أن يبدأ وفدا التفاوض خلال الأيام المقبلة بند الترتيبات الأمنية لدمج القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ومقاتلي الحركات في جيش وطني واحد. وانطلقت منذ الأسبوع قبل الماضي جولات تفاوض مباشرة بالعاصمة الخرطوم، بين الحكومة و«الثورية» التي تضم 3 حركات مسلحة، هي الحركة الشعبية - شمال، بقيادة مالك عقار، وحركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، لتسريع عملية المفاوضات حول القضايا العالقة.
ونصّت الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية في السودان، ومدتها 3 سنوات، على تقسيم المجلس التشريعي، بنسبة 67 في المائة لقوى «التغيير»، و33 في المائة للقوى غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، على أن يتم اختيارهم بالتشاور بين طرفي الحكم من العسكريين والمدنيين.
وتواجه حكومة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، انتقادات حادة بسبب تأخر استكمال هياكل السلطة الانتقالية بتعيين ولاة الولايات المدنيين والمجلس التشريعي الانتقالي. ووعد حمدوك بصدور قرارات حاسمة في كثير من القضايا العالقة خلال مدة زمنية لا تتجاوز أسبوعين.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».