الجزائر تفرج عن 3 نشطاء سياسيين

إحالة كاتب مشهور إلى المحاكمة بسبب انتقاده مصحات حكومية

TT

الجزائر تفرج عن 3 نشطاء سياسيين

بينما استعاد ثلاثة نشطاء سياسيين بالجزائر حريتهم، أمس، بعد أسابيع قضوها في السجن على خلفية مشاركتهم في مظاهرات ضد السلطة، أطلق مثقفون لائحة تندد بمتابعة كاتب وباحث، ومترجم معروف بسبب نشره فيديو يستنكر من خلاله «حالة إهمال كبيرة»، توجد عليها مصحات حكومية بمنطقة بالصحراء، بسبب ضغط الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد.
وأعلنت «لجنة الدفاع عن معتقلي الحراك» بحساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي أن محكمة بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، برأت النشطاء مرزوق تواتي، وأنيس علجية، وعمار بري من تهم «تهديد الوحدة الوطنية»، و«تنظيم مظاهرة دون ترخيص»، «وتعريض حياة مواطنين للخطر أثناء فترة الحجر الصحي»، لكن أدانتهم بغرامة مالية على أساس تهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية».
وتم اعتقال النشطاء في 13 من الشهر الماضي، خلال مظاهرة ببجاية، رفعت فيها شعارات معادية للرئيس عبد المجيد تبون، كما استنكر المتظاهرون «عجز الحكومة عن التكفل بالمصابين بـ(كورونا)». وأكد المتظاهرون يومها عزمهم استئناف الاحتجاجات الأسبوعية في إطار الحراك الشعبي، الذي توقف منذ أربعة أشهر بسبب استفحال الأزمة الصحية.
وخلال محاكمتهم في الأول من الشهر الجاري، طالبت النيابة بإنزال عقوبة ثلاث سنوات سجنا بحق كل واحد منهم، ووضع القاضي الملف في المداولة وأجل النطق بالحكم إلى تاريخ أمس.
إلى ذلك، تمت إحالة الكاتب والمترجم المعروف شرف الدين شكري على المحاكمة إلى 12 من الشهر الجاري، بتهمة «التحريض على التظاهر بغرض نشر الفوضى»، وأطلق سراحه بعد يومين من احتجازه بمقر الدرك ببسكرة (450 كلم جنوب)، بسبب بث فيديو على حسابه بفيسبوك، انتقد فيه العاملين في السلطات المحلية ووزارة الصحة لـ«تقاعسهم عن علاج المرضى المصابين بـ(كورونا)». وبدا الكاتب المتخصص في علم الاجتماع السياسي، في الفيديو يصرخ ويبكي، تزامنا مع إظهاره صورا عن مستشفى بسكرة في حالة متردية، كما قال إن الأطباء هجروا قسم العلاج المخصص لـ«كوفيد - 19»، بحجة عدم توفر وسائل الوقاية. مؤكدا أن ثلاثة أطباء توفوا بسبب «كورونا».
وأطلق مثقفون من الصحراء لائحة تطالب بإسقاط التهمة عنه، جاء فيها أن الكاتب «دعا بما يملي عليه ضميره إلى مجابهة وباء فيروس (كورونا)، المتفشي بشكل تصاعدي مخيف خلال المدة الأخيرة بولاية بسكرة، على غرار ولايات أخرى من الوطن. وقد فعل ذلك لشعوره بالواجب نحو مجتمعه، وباعتباره مواطنا إيجابيا يسعى للمساعدة في حماية مواطني مدينته من هذه الفاجعة القاتلة، وقد بلغته معلومات من بعض المنتسبين لقطاع الصحة تفيد بأن الوضع خطير. فهل في هذا ما يخل بالقانون؟».
في سياق ذي صلة، أفاد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، بأن النيابة أحالت ملف الصحافي خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، على محكمة الجنح تمهيدا لمحاكمته. وأودع قاضي التحقيق بمحكمة بالعاصمة الصحافي في الحبس الاحتياطي منذ مائة يوم، بناء على لائحة اتهامات تتضمن نشاطه في نقل أخبار المظاهرات المعارضة للسلطة، وقد اعتقل رفقة عدة نشطاء في مارس (آذار) الماضي بالعاصمة وسط متظاهرين.
وتقول «لجنة الإفراج عن المعتقلين» إن أكثر من 70 ناشطا يوجدون في السجون بسبب انخراطهم في الحراك، وإن العديد منهم أدانهم القضاء بأحكام بالسجن تتراوح بين عام وثلاث سنوات. وأفرجت السلطات الأسبوع الماضي عن المناضل السياسي البارز كريم طابو، والناشطين سمير بلعربي وسليمان حميطوش.
وعدت الخطوة «مبادرة تهدئة» من جانب الرئيس تبون. غير أن الاعتقالات لم تتوقف طيلة أيام الأسبوع، كما تتهاطل استدعاءات الشرطة والدرك على الناشطين، ما أوحى بأن الجهاز الأمني يحتفظ برؤية مغايرة للسلطة السياسية في موضوع التعامل مع الاحتجاجات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.