رئيس بلدية طهران يحذر من «استياء يطال الجميع» في إيران

اعتبر رئيس بلدية طهران، بيروز حناجي، أن نسبة الامتناع عن التصويت القياسية في الانتخابات التشريعية التي جرت في فبراير (شباط) الماضي تدل على استياء الإيرانيين إزاء الوضع العام في البلاد «ويمكن أن تشكل تهديداً للجميع».
وقال حناجي، رئيس بلدية العاصمة البالغ عدد سكانها نحو ثمانية ملايين نسمة، التي تُعدّ أكبر مركز سياسي وتجاري في البلاد، إن «الإقبال على صناديق الاقتراع هو مؤشر إلى مدى رضى الشعب»، وتابع: «عندما يكون هناك استياء من الحكومة أو من الدولة، فإن ذلك يطال الجميع ولا سيما البلدية».
وترزح إيران من جهة تحت وطأة تداعيات تدهور اقتصادي حاد ناجم عن العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على خلفية برنامج طهران النووي، وتعاني من جهة أخرى من تفشي فيروس «كورونا المستجد» الذي كبّدها أعلى حصيلة للوفيات والإصابات في المنطقة.
وخسر الإصلاحيون المتحالفون مع الرئيس حسن روحاني غالبيتهم البرلمانية في انتخابات فبراير(شباط) التي سجّل فيها المحافظون فوزاً ساحقاً، علماً بأن البلاد ستشهد العام المقبل انتخابات رئاسية.
وتراجعت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق واقتصرت على 43 في المائة، بعدما منع مجلس صيانة الدستور آلاف المرشحين الإصلاحيين من خوض الانتخابات.
وقال رئيس البلدية، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هذا القدر من الاستياء في صفوف الناخبين «يمكن أن يشكل تهديداً للجميع، ليس فقط للإصلاحيين أو المحافظين».
وحناجي مخضرم في الشأن العام، وعمل سابقا في التنمية الحضرية وهو مقرب من المعسكر الإصلاحي الذي سعى للتقارب مع الغرب على أمل تحقيق فوائد اقتصادية لهذا التوجه، لكن آماله تبخّرت بانسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عام 2018 من الاتفاق النووي التاريخي المبرم بين طهران والدول الكبرى، وإعادة فرضه عقوبات قاسية على طهران.
ويتوقع «صندوق النقد الدولي» انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة ستة في المائة هذا العام.
وقال حناجي: «نبذل قصارى جهدنا، لكن وضعنا ليس طبيعياً»، وتابع: «نخضع لعقوبات وفي وضع اقتصادي صعب».
وبحسب الوكالة، علت، خلال المقابلة في مكتبه في البلدية، صرخات سائقي شاحنات النفايات من الشارع منددين بعدم تلقيهم أجورهم أو رواتبهم التقاعدية منذ أشهر.
وقلل رئيس البلدية من أهمية المظاهرة الصغيرة معتبراً أن هذه الاحتجاجات يمكن أن تحدث «في البلديات في كل الدول»، مضيفا أن المحتجين موظفون من قبل متعهدين وليس من قبل المدينة.
وتلقى الاقتصاد الإيراني الضعيف المعزول بشكل متزايد عن التجارة الدولية والمحروم من العائدات النفطية التي تشكل المورد الأساسي لإيران، نكسة جديدة مع تفشي فيروس «كورونا».
وتسببت جائحة «كوفيد - 19» بأكثر من 12 ألف وفاة وأكثر من 248 ألف إصابة، كما ارتفعت الوفيات اليومية مطلع هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى وبلغت مائتي حالة وفاة، وفق الأرقام الرسمية.
وأدى الإغلاق المؤقت للأنشطة الاقتصادية في الأشهر الأخيرة، وكذلك إغلاق الحدود إلى تراجع حاد في الصادرات غير النفطية، التي تشكل شريان حياة رئيسياً لإيران.
وأدى ذلك إلى تسريع تدهور قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار، ما يهدد بمفاقمة نسبة التضخم المرتفعة أصلاً.
وقال حناجي إن بلدية طهران خسرت ألفي مليار ريال (تسعة ملايين دولار) بسبب التراجع الحاد للطلب على النقل العام في الأشهر الأخيرة.
وإذ فضّل الكثير من سكان طهران قيادة سياراتهم لتفادي اكتظاظ قطارات الأنفاق وحافلات النقل المشترك، ازداد التلوث المزمن للهواء في طهران.
ولم تشهد العاصمة الإيرانية إلا 15 يوما من الهواء «النظيف»، منذ رأس السنة الفارسية في 20 مارس (آذار)، وفق البلدية.
ومن المهام الملقاة على عاتق حناجي التصدي للفيروس وتلوث الهواء، علماً بأنه من الصعب الموازنة بين المهمتين نظراً إلى أن قيادة السيارة أكثر أماناً للأفراد لكنه يفاقم الضباب الدخاني الذي يخيم عادة على العاصمة.
وأبدى رئيس البلدية قلقه من عودة الاكتظاظ لقطارات الأنفاق في ساعات الذروة بعدما أعيد فرض قيود على تجول السيارات في مايو (أيار) لتخفيف التلوث.
وقال إن بازار طهران الكبير الذي يعج حاليا بالمتسوقين «يمكن أن يتحول إلى بؤرة للوباء».