فنانون مصريون يشاركون في مهرجان هندي عابر للحدود

حقائب بلمسات تشكيلية تحمل رسائل لونية وإنسانية

 الفنان عبد الوهاب عبد المحسن والحقيبة التي يشارك بها في المهرجان
الفنان عبد الوهاب عبد المحسن والحقيبة التي يشارك بها في المهرجان
TT

فنانون مصريون يشاركون في مهرجان هندي عابر للحدود

 الفنان عبد الوهاب عبد المحسن والحقيبة التي يشارك بها في المهرجان
الفنان عبد الوهاب عبد المحسن والحقيبة التي يشارك بها في المهرجان

لم تعُق حركة السفر المتأثرة بفيروس «كورونا» فناني العالم من التواصل، لعل أحدثها حالة التفاعل التي خلقها مهرجان «رانج مالهار» الهندي، الذي يشارك به عدد من الفنانين التشكيليين في مصر.
فعالية هذا العام هي الخاصة بالدورة الحادية عشرة للحدث الفني الهندي، والذي ينعقد كل عام في مدينة جايبور الهندية، ويعتمد على استضافة عدد من الفنانين من خارج الهند لخلق حالة تواصل مع فنانيهم، إلا أن القائمين عليه أعلنوا قيام فعاليات هذا العام عن بعد بسبب الظروف العالمية المتعلقة بفيروس «كورونا»، حيث تضمن المعرض التفاعلي نشر الفنانين المشاركين لصورهم افتراضياً برفقة أعمالهم الفنية مدعومة بهاشتاغ الملتقى الفني الهندي، وهاشتاغ «كوفيد - 19» الذي يلقي بظلاله على تلك الفعالية الفنية وغيرها في العالم.
اللافت هو أن المشاركة التي جمعت فناني هذه الدورة، لم تكن عبر تقديم لوحات فنية بصورتها التقليدية، ولكنها اعتمدت على تقديم الرؤى التشكيلية على سطح حقائب، الأمر الذي جعل مشاركات هذا العام تتمتع بحس لافت وطريف، مع تفنن المشاركين في توظيف ألوانهم وخطوطهم وظلالهم على حيز مكاني مُبتكر وهو الحقيبة.
الفنان المصري عبد الوهاب عبد المحسن أحد المشاركين في الفعالية، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الفعالية تعتمد كل عام على دعوة عدد من فناني العالم للرسم على وسائط مختلفة ما بين فوانيس وأقنعة ومظلات وغيرها، وتم اختيار الحقائب كمساحة للتعبير الفني في دورة هذا العام، ويضيف: «اختيار الحقيبة للرسم عليها، يمنح العمل الفني التشكيلي القدرة على القرب والتواصل من الجمهور بشكل أكبر، ويطرح تصاميم فنية يمكن تنفيذها وطرحها بشكل عملي بالاتفاق مع الفنانين».
وتتنوع المشاركات التشكيلية على سطح الحقائب ما بين اختيارات لونية غنية، وتفاصيل محلية، ولمسات غرافيكية، وانعكاسات من فيض الطبيعة، كاختيارات الورود، والأشجار، وظلال النور، وجماليات الخيول، علاوة على مشاركات أخرى مستوحاة من آثار «كورونا»، كالاستخدام الدائم للمطهرات والكحول، وارتداء الكمامات.
وتتواصل الفعاليات الفنية ذات الطابع العالمي في مقاومة القيود على السفر والتنقل التي فرضها فيروس كورونا منذ مطلع العام، في مقابل تحرر طفيف في العروض داخل الغاليريهات بعد قرارات الفتح الجزئي المتفاوتة من بلد لآخر، مما يجعل صيغة العروض عن بعد الأكثر فاعلية إلى الآن لمواصلة الحركة الفنية في ظل الجائحة.
ويعتبر عبد الوهاب عبد المحسن، مؤسس «ملتقى البرلس الدولي للرسم على المراكب والجدران» في مصر، أن مهرجان «رانج مالهار» هو شكل من أشكال الحوار الفني العالمي، الذي يسعى للتواصل الإنساني والفني والتحرر من أسر «كورونا» بمختلف الصور، ويتحدث في هذا السياق عن تفاعل ملتقى البرلس الدولي هذا العام مع الظروف الراهنة: «نقوم في ملتقى البرلس كل عام باستضافة عدد من الفنانين من الهند وغيرها من دول العالم للمشاركة في فعاليات الملتقى الذي يقام سنوياً بمحافظة كفر الشيخ، (شمال دلتا مصر)، للرسم على مراكب وجدران تلك المدينة الساحلية، ولكن هذا العام سنقوم بإرسال مواصفات المراكب للمشاركين من الخارج، ليقوموا بتصميمها حتى يتسنى لهم المشاركة في الملتقى افتراضياً للتغلب على قيود السفر، على أن يقوموا بإرسال صور مشاركاتهم، لنقوم بضمها لنتاج الملتقى النهائي، الذي تحل موعد دورته في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.