الولايات المتحدة والصين تتبادلان الاتهامات… وموسكو تقترح باب الهوى لـ6 أشهر

فيتو مزدوج روسي - صيني يمنع المساعدات إلى سوريا من باب السلام

طفل يجلس بالقرب من المساعدات الإنسانية بمخيم في بلدة المحمدية بالقرب من بلدة دير البلوط (أ.ف.ب)
طفل يجلس بالقرب من المساعدات الإنسانية بمخيم في بلدة المحمدية بالقرب من بلدة دير البلوط (أ.ف.ب)
TT

الولايات المتحدة والصين تتبادلان الاتهامات… وموسكو تقترح باب الهوى لـ6 أشهر

طفل يجلس بالقرب من المساعدات الإنسانية بمخيم في بلدة المحمدية بالقرب من بلدة دير البلوط (أ.ف.ب)
طفل يجلس بالقرب من المساعدات الإنسانية بمخيم في بلدة المحمدية بالقرب من بلدة دير البلوط (أ.ف.ب)

توقع دبلوماسيون أن تطلب روسيا تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار وزعته على بقية الأعضاء لتمرير المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر نقطة حدودية واحدة لمدة ستة أشهر، بعيد استخدمتها مع الصين حق النقض «الفيتو»، لإجهاض مشروع قدمته ألمانيا وبلجيكا بهدف تمديد عمليات الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر معبرين حدوديين لمدة سنة كاملة.
وفور استخدامها حق النقض في جلسة علنية عقدت عبر الفيديو، وزعت روسيا المشروع الذي يجيز تسليم المساعدات عبر نقطة باب الهوى من تركيا لمدة ستة أشهر. ولم تتضح على الفور توجهات بقية أعضاء مجلس الأمن حيال النص الروسي الذي يتوقع التصويت عليه قبل انتهاء التفويض الحالي بموجب القرار 2504 لإيصال المساعدات عند منتصف ليل الجمعة بتوقيت نيويورك. بيد أن دبلوماسياً أشار إلى أن الأمم المتحدة «أكدت في أكثر من مناسبة أخيراً أن هناك حاجة ماسة لاستمرار تدفق المساعدات من معبر باب السلام مع تركيا أيضاً». وأضاف أن «معبر باب الهوى صار في متناول القوات الحكومية السورية مع أنها لم تسيطر عليه بعد. ولذلك نحتاج إلى معبر باب السلام الذي يقع إلى الشمال بمحاذاة ريف حلب حيث توجد حاجة ماسة إلى المساعدات».
وأجرى المفاوضون الألمان والبلجيكيون مفاوضات صعبة استمرت لأشهر في محاولة لإقناع الجانب الروسي، الذي «أصر على ضرورة تدفق المساعدات من دمشق بالتعاون مع الحكومة السورية، بذريعة بسط سلطتها على كامل الأراضي السورية». وخلال المفاوضات، قدم الدبلوماسيون الغربيون تنازلاً إذ أزالوا مطلبهم بإضافة معبر اليعربية مع العراق، في محاولة لاستمالة روسيا. غير أن هذه المحاولة باءت بالفشل. وخلال فترة المفاوضات أيضاً، قال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا في مايو (أيار) لنظرائه الغربيين: «لا تضيعوا وقتكم في جهود إعادة فتح النقاط المغلقة عبر الحدود»، علماً بأن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك أكد أن المعبرين من تركيا إلى شمال غربي سوريا لا يزالان «شريان حياة لملايين المدنيين الذين لا تستطيع الأمم المتحدة الوصول إليهم بوسائل أخرى».
وعند التصويت، حصل مشروع القرار الألماني - البلجيكي على 13 صوتاً، مقابل اعتراض روسيا والصين. ويحتاج أي قرار إلى تأييد ما لا يقل عن تسعة أصوات وعدم استخدام حق النقض (الفيتو) من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.
ويعيش قرابة ستة ملايين سوري في شمال شرقي سوريا وشمال غربها، ويحتاج أكثر من أربعة ملايين منهم إلى مساعدات إنسانية ملحة. كما أن غالبية تلك المناطق لا تقع تحت سيطرة النظام السوري. وبدأت عمليات نقل المساعدات عبر الحدود مع كل من تركيا والعراق والأردن عام 2014 بموجب القرار 2165 الذي كان يجدد سنوياً حتى مطلع العام الجاري، حين استخدمت روسيا والصين حق النقض «الفيتو». ثم جرى الاتفاق على معبري باب السلام وباب الهوى لمدة ستة أشهر تنتهي في 10 يوليو (تموز) الجاري.
وقال المستشار لدى البعثة الأميركية رودني هانتر: «نشعر بالخجل مما يتعين على هذا المجلس فعله الآن بسبب المحاولات الساخرة لروسيا والصين لوضع السياسة فوق حياة الشعب السوري». ورداً على الاتهامات الصينية، أكد هانتر أن العقوبات الأميركية تتضمن استثناءات إنسانية «ولا تضر بأي شكل من الأشكال بالشعب السوري». ورأى أن «الشيء الوحيد الذي يؤذي الشعب السوري ويمنعه من الحصول على المساعدة التي يحتاجها هو نظام الأسد الذي تساعده الصين وروسيا».
أما المندوب الصيني تشانغ جون فألقى التبعة على العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى «تفاقم الوضع الإنساني في البلاد». وحضهما على رفعها. كما رفض سياسة «إلقاء اللوم» من الولايات المتحدة التي «تظهر مرة أخرى النهج المنافق الذي تبنته بينما تفرض عقوبات أحادية الجانب».
ولن يجيز القرار الذي صاغته روسيا سوى عمليات التسليم عبر الحدود عبر معبر باب الهوى. وطمأن نيبينزيا المجلس بأنه إذا جرى تبني مشروع القرار الروسي، ستستمر عمليات تسليم المساعدات عبر الحدود.
غير أن المندوب البلجيكي مارك بيكستين دو بيتسويرف أفاد بأن الأمر «لم ينته بعد»، موضحاً أن «الساعات والأيام المقبلة ستشهد بذل المزيد من الجهود مع كل الأطراف من أجل التوصل إلى توافق في الآراء».
وأورد التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن العمليات عبر الحدود في شمال غربي البلاد «استمرت بمستويات قياسية استجابة للتدهور الكارثي للوضع الإنساني الذي حدث عندما نزح حوالي مليون مدني بين ديسمبر (كانون الأول) 2019 ومارس 2020». وأوضح أن برنامج الأغذية العالمي سلم مواد غذائية إلى 1.3 مليون شخص في أبريل (نيسان) وأكثر من 1.3 مليون شخص في مايو عبر المعابر الحدودية. بينما قدمت منظمة الصحة العالمية أكثر من 420 ألف وحدة من مستلزمات الطوارئ الصحية والأدوية الأساسية إلى شمال غربي سوريا في مايو.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».