{كورونا} يهدد حكومة نتنياهو

استقالة مسؤولة في الصحة وصراع بين الأطباء والاقتصاديين

عمال صحة إسرائيليون يتحدثون مع رجل يريد فحص نفسه من {كورونا} في مركز بتل أبيب (أ.ب)
عمال صحة إسرائيليون يتحدثون مع رجل يريد فحص نفسه من {كورونا} في مركز بتل أبيب (أ.ب)
TT

{كورونا} يهدد حكومة نتنياهو

عمال صحة إسرائيليون يتحدثون مع رجل يريد فحص نفسه من {كورونا} في مركز بتل أبيب (أ.ب)
عمال صحة إسرائيليون يتحدثون مع رجل يريد فحص نفسه من {كورونا} في مركز بتل أبيب (أ.ب)

بعد شهر واحد من تباهي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإنجازات حكومته في إخضاع فيروس كورونا، يبدو أن الفيروس بات يهدد حكومته برمتها. فقد تضاعف عدد الإصابات فجأة أكثر من عشر مرات، وقررت إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي للدول المتطورة (OECD)، وضع إسرائيل في المرتبة الثانية بين الدول المتطورة التي يرتفع فيها انتشار الفيروس بنسب عالية.
لذا، وبعد أن أشارت استطلاعات الرأي إلى إمكانية زيادة قوة الليكود من 35 مقعداً إلى 41 مقعداً في حال إجراء الانتخابات اليوم، انخفض العدد إلى 38 في استطلاع جديد. وصرح عدد من كبار الخبراء الطبيين بأن أكبر إخفاق للحكومة كان في عدم استغلالها الأسابيع الهادئة نسبياً، خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، اللذين كان انتشار الفيروس بطيئاً فيهما، من أجل إدخال أدوات تكنولوجية متنوعة، بإمكانها إنجاح عملية التحقيقات الوبائية، ولو بقليل، وتخفيف العبء على الممرضات وإثراء خبرة واستنتاجات وزارة الصحة حول المرض، وهو ما كان يمكن أن يترجم إلى قرارات سياسية مصيرية.
وقال خبير الأوبئة ورئيس رابطة أطباء الصحة العامة في إسرائيل، البروفسور حجاي ليفين، إنه «تم إهمال هذه المنظومات بشكل إجرامي طوال سنين، وهذا يكلفنا غالياً». وقال المحاضر في كلية الرياضيات وعلوم الحاسوب في معهد وايزمان، البروفسور عيران سيغال، إن «هذا مثير للجنون. كان ينبغي فعلاً فرض إغلاق في المرة الأولى. وقد كانت إسرائيل في مكان رائع في بداية أبريل (نيسان). والآن نحن في منتصف يوليو (تموز)، أي بعدها بثلاثة أشهر، وما زلنا في المكان نفسه».
وفي أمس الثلاثاء، أعلنت رئيس خدمات الصحة العامة في وزارة الصحة الإسرائيلية، البروفسور سيغال ساديتسكي، عن استقالتها من منصبها، وأحدثت بذلك دويا صاخبا، خصوصا أنها كتبت في منشور على صفحتها في «فيسبوك»، إن إسرائيل تتجه نحو مكان خطير في الأسابيع الأخيرة. والمعطيات وخريطة انتشار «فيروس كورونا» والتوقعات للمستقبل القريب، تدل على ذلك. واتهمت ساديتسكي الحكومة بارتكاب خطأ فادح عندما رضخت للضغوط وأسرعت في فك الإغلاق قبل الأوان. وأضافت ساديتسكي: «للأسف، بوصلة مواجهة الوباء فقدت الاتجاه منذ عدة أسابيع. ورغم تحذيرات منهجية ومنتظمة في الأجهزة المختلفة، وفي مداولات الهيئات المختلفة، فإننا ننظر بإحباط إلى الفرص الآخذة بالزوال. وعلى هذه الخلفية توصلت إلى الاستنتاج أنه في الظروف الجديدة الناشئة، وبينها عدم قبول رأيي الشخصي، فإنه ليس بمقدوري المساعدة أكثر في مواجهة فعالة من أجل لجم انتشار الفيروس».
ويدور الصراع في إسرائيل حالياً ما بين تيار الصحة، الذي يطالب بعودة الإغلاق التام للمرافق الاقتصادية، وبين تيار الاقتصاد، الذي يطالب بتغيير التكتيك جوهريا وفتح كل شيء من خلال الالتزام بتعليمات الكمامة والبعد مترين. وحول هذا الخلاف تلتف القوى السياسية أيضا وتتمزق. فداخل الحزب الواحد ينشقون. وفي حزب الليكود الحاكم، خرج رئيس الكنيست (البرلمان)، ياريف ليفين، أمس، يهاجم الحكومة. وفي المعارضة يعتبرون الحكومة «مجموعة مبتدئين سذج، سقطوا في أول امتحان جدي يواجهونه».
وخرج آلاف العاملين الاجتماعيين إلى المظاهرات في الشوارع في المدن الرئيسية، أول من أمس الاثنين، كذلك أصحاب المصالح التجارية الخاصة في مظاهرات شبيهة في تل أبيب، أمس الثلاثاء، ورفعوا شعارات غاضبة ضد الحكومة وأعلن بعضهم أنهم كانوا مؤيدين لليكود ونتنياهو ولكنهم في الانتخابات القادمة سيعاقبونه.
وكانت وزارة الصحة الإسرائيلية قد أعلنت، صباح أمس، المعطيات الجديدة التي تتعلق بانتشار فيروس كورونا في إسرائيل، وجاءت هذه المعطيات مثيرة للقلق أكثر من ذي قبل، إذ أكدت أنه تم رصد 1057 إصابة جديدة خلال الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، مما يرفع مجمل الإصابات في إسرائيل منذ بداية انتشار الوباء ولغاية الآن إلى 31186 إصابة. وقالت إن عدد الأشخاص الذين تعافوا من الإصابة منذ بداية انتشار الوباء، قد بلغ حتى الآن 18131 مصاباً، مما يعني أن في إسرائيل حالياً 12717 مصاباً لا يزالون يعانون من كورونا على اختلاف درجات الإصابة. وهناك 85 حالة صعبة، بينها 35 حالة تم فيها وصل المرضى بأجهزة التنفس الاصطناعية. وأما عدد الوفيات جراء الإصابات بالفيروس الفتاك، فقد بلغ 338 وفاة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».