على وقع تمكنها من السيطرة على حدود العاصمة الليبية، تتمسك حكومة «الوفاق» الوطني، برئاسة فائز السراج، بكل أذرعها السياسية في غرب البلاد للمضي قدماً نحو استكمال طريق الحرب، بهدف إبعاد «الجيش الوطني» إلى خطوط ما قبل بدء العملية العسكرية على طرابلس.
ومنذ إطلاق «إعلان القاهرة» وجميع الأطراف السياسية، الداعمة لرئيس المجلس الرئاسي، تحثه على مواجهة عسكرية في محور (سرت - الجفرة) بدعوى ضرورة فرض حكومة «الوفاق» سطوتها على كامل التراب الليبي، سعياً لإحراج قوات الجيش، ومحاصرتها في أضيق نقطة.
والمحرضون على عدم التعاطي مع أي مبادرة سياسية كثيرون، بينهم عسكريون وسياسيون، وسط تحشيد عسكري كبير على جبهات القتال، وهو ما يرجعه متابعون لـ«الشرق الأوسط» إلى قوة الدعم التركي، الذي تتلقاه «الوفاق» من «عتاد ومقاتلين أجانب». لكن عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، يرى أن ما يسمى بحكومة (الوفاق) «فقدت ما تبقى لها من إرادة؛ والقرار بات في يد أنقرة والتيار العالمي لتنظيم الإخوان».
وتابع أوحيدة، النائب عن مدينة الكفرة بجنوب البلاد، في حديث إلى «الشرق الأوسط» موضحا: «لو توقفت الحرب دون خط (سرت - الجفرة)، فإن قوات (الوفاق) في هذه الحالة لم تحقق شيئا، كون منابع وموانئ النفط خارج سيطرتها (...) فلا مكاسب سياسية أو اقتصادية باستطاعتهم تحقيقها على طاولة المفاوضات في أي تسوية سياسية، ولا حتى في حال تقسيم الموارد كما يهدفون».
وأضاف أوحيدة: «لذلك هم يضغطون بالتلويح بالحرب والمساومة بهدف تحييد روسيا وفرنسا، وربما حتى مصر. لكن ذلك يبدو صعب المنال حتى الآن»، مشيرا إلى أن «تركيا وحلفاءها وذيولهم في ليبيا أصبحوا بين خيارين أحلاهما مر: إمّا خوض مغامرة حرب غير مضمونة النتائج، وإما الركون لمفاوضات دون أوراق لعب حقيقية، مع احتمال ثالث وهو أنهم يحاولون السيطرة على الجنوب الغربي والشرقي بأكثر من وسيلة أهمها الاعتماد على ميليشيات تشادية، وأخرى قبائلية توجد بالجنوب لا تدين بالولاء للجيش الليبي، بقيادة المشير حفتر، معتقدين أن تركيز الجيش وحلفائه مُنصب فقط على منطقة (سرت والجفرة) لتحقيق مكاسب جغرافية، ووصولهم إلى مناطق أكثر قربا من منابع النفط والغاز».
وتأكيدا على هذا التوجه، تمسك عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، بضرورة استكمال المسار العسكري، وشدد خلال لقاء في منزله بالسفير الإيطالي لدى ليبيا، جوزيبي بوتشينو، على أن بسط سلطة الدولة على كامل البلاد «حق شرعي لا تفاوض عليه، وسيادة ليبيا وتضحيات أبنائها أمر لا تفريط فيه». مضيفا «لن نقبل باستغلال ثروات الليبيين (النفط) كورقة لابتزازنا من دول العدوان».
وسار على درب السويحلي في توجهه كثيرون من جبهة السراج، من بينهم الرئيس الحالي لمجلس الدولة خالد المشري، الذي سبق أن صرح بأنه «ضد الحرب من حيث المبدأ»، لكنه عاد ليؤكد بأنه «لا بد من فرض سيطرة حكومة (الوفاق) على كامل التراب الليبي، ثم الذهاب إلى الاستفتاء على الدستور، يليها الانتخابات، وهذا هو الحل الذي يجب أن يساعدنا به العالم».
من جهته، أرجع الناشط السياسي يعرب البركي إصرار حكومة «الوفاق» وعدم تعاطيها مع الحل السلمي لأسباب محلية، وأخرى دولية. الأولى تتمثل في «عجزها عن الوقوف أمام بارونات الفساد الذي لم يمكنها من تحسين الأوضاع المعيشية، التي تزداد سوءا كل يوم، ولذا فإن الميليشيات المحلية ترفض أي حل».
أما الأسباب الدولية فتتمحور حسب البركي في أن كل الحلول المطروحة ضمن قرارات مجلس الأمن الدولي، أو (إعلان القاهرة) «تحض على تفكيك الميليشيات وإخراج (المرتزقة) من البلاد، وتسليم السلاح وتوحيد المؤسسات، وهذا يعني خسارة التحالف (التركي - القطري) لكل أدواته في ليبيا»، لافتا إلى أن كل ما تسيطر عليه «الوفاق» وحليفتها تركيا الآن «ليست إلا أراضي شاسعة لا يوجد بها نفط، لذا فإن البقاء عند هذه النقطة يمثل خسارة مضاعفة، في ظل الإحراج الدولي الذي تعيشه تركيا بدعمها الميليشيات وجلبها للمرتزقة، ومع مرور الوقت سترهق اقتصاديا في ظل وقف ضخ إمدادات النفط، وتحويل أموالها لصالح مجاميع الوفاق».
وانتهى البركي قائلاً: «لذا لم يعد هناك أمام حكومة (الوفاق) وحليفتها أنقرة إلا خيار المغامرة والدخول في معركة».
في سياق موازٍ، بحث عماد السايح، رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مع السفير الإيطالي لدى ليبيا غوزيبي بوتشيني، أمس، جاهزية المفوضية لتنفيذ العمليات الانتخابية المستقبلية التي قد يتضمنها أي اتفاق سياسي، ومستوى استعداداتها لترجمة اتفاق الأطراف السياسية على إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال عملية انتخابية.
جبهة السراج تنفخ في نار الحرب... وعينها على الانتخابات
أوحيدة: {الوفاق} فقدت ما تبقى لها من إرادة... والقرار بات في أيدي أنقرة و«الإخوان»
جبهة السراج تنفخ في نار الحرب... وعينها على الانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة