القضاء اللبناني يتقصّى ملايين الدولارات جاءت جواً من تركيا

مخاوف من استثمارها بالمجال الأمني في ذروة الأزمة المعيشية

معارضون للحكومة ومناصرون للحزب الشيوعي يشاركون في احتجاج أمام مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت أول من أمس (إ.ب.أ)
معارضون للحكومة ومناصرون للحزب الشيوعي يشاركون في احتجاج أمام مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

القضاء اللبناني يتقصّى ملايين الدولارات جاءت جواً من تركيا

معارضون للحكومة ومناصرون للحزب الشيوعي يشاركون في احتجاج أمام مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت أول من أمس (إ.ب.أ)
معارضون للحكومة ومناصرون للحزب الشيوعي يشاركون في احتجاج أمام مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت أول من أمس (إ.ب.أ)

كثّفت الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية تحقيقاتها غداة ضبط تسعة ملايين دولار أميركي مع أشخاص أتراك وسوريين قادمين إلى لبنان على متن طائرتين خاصتين. وتركّز التحقيقات على مصدر هذه الأموال وكيفية إخراجها من تركيا ووجهة استعمالها في لبنان، في ظلّ تضارب في أقوال الموقوفين الذين زعموا بأن الأموال مخصصة للعمل في مجال الصرافة، وهو ما استدعى التوسّع في الاستجوابات بعد مخاوف من إمكانية استخدام تلك الأموال في مجالات أمنية.
وكان وزير الداخلية اللبنانية محمد فهمي كشف، في تصريح صحافي، «توقيف أربعة أشخاص قادمين من تركيا على متن طائرة خاصة، وهم تركيان وسوريان، كانوا ينقلون مبلغ أربعة ملايين دولار، وصرّحوا بأن لديهم شركة للصرافة». وقال فهمي: «لا ندري هل هذه الأموال للتهريب والتلاعب بالدولار أم لتغذية تحركات عنفية في الشارع اللبناني»، مشيراً إلى وجود «تعليمات تصل من تركيا عبر تطبيق (واتساب) لبعض أطراف الحراك الشعبي». وسأل فهمي: «ماذا أتى بهؤلاء إلى لبنان وهم يحملون هذه الأموال؟».
وفي ظلّ تضارب المعلومات، أعطى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات توجيهاته للأجهزة الأمنية للتوسع بالتحقيق مع الأشخاص الموقوفين، للتثبّت من مصدر الأموال و«وجهة استعمالها في الداخل اللبناني». وكشف مرجع قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن الأشخاص الموقوفين زعموا بأن هذه الأموال استقدمت لصالح شركتين كبيرتين متخصصتين في نقل الأموال بين لبنان والخارج، إحداها عائدة لرجل أعمال معروف، لكن بعد الاستماع إلى إفادات مسؤولي الشركتين تبين أن الأموال ليست لهما، وهذا ما أثار الشكوك حول وجهتها.
ولفت المرجع القضائي إلى أن «ما يثير الانتباه هو استقدام تسعة ملايين على دفعتين وعبر طائرتين خاصتين من تركيا إلى بيروت، حيث زعم ناقلو هذه الأموال أن مصدرها تجارة الذهب في تركيا، علماً بأن السلطات التركية تمنع إخراج الأموال النقدية من أراضيها بأي حال من الأحوال، وهو ما يعزز المخاوف أن تكون لها أهداف أخرى، منها تمويل مجموعات على الأراضي اللبنانية».
وأوقفت الأجهزة الأمنية خلال الأسبوعين الماضيين ما يزيد على عشرين شخصاً ممن اشتركوا في أعمال الشغب حصلت في وسط بيروت، وأدت إلى تحطيم محال تجارية وممتلكات عامة وخاصة. وأفادت مصادر متابعة للتحقيقات بأن عدداً من الموقوفين «اعترفوا بقبض بعض الأموال للقيام بمثل هذه التحركات». وأفادوا بأن مصدر هذه الأموال شخصية لبنانية مقيمة في مدينة إسطنبول التركية.
وتترافق هذه التطورات، مع ضخّ معلومات تحذّر من تداعيات أمنية خطيرة، قد تشهدها مناطق لبنانية عدّة خصوصاً في الشمال. إلا أن مصدراً أمنياً قلل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من صدقية هذه المعلومات، خصوصاً ما يتعلّق منها ببناء معسكرات تدريب لمجموعات يجري تمويلها من تركيا. لكنه قال إن «الأجهزة الأمنية تأخذ كل هذه المعلومات التي تردها على محمل الجدّ وتتعقبها بدقة، خصوصاً أن الساحة اللبنانية تشكل في هذه المرحلة أرضاً خصبة لأي تدخلات خارجية في الشأن اللبناني». وشدد المصدر على أن «الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتفاقم الوضع الاجتماعي والمعيشي، قد يستهوي الكثير من الشباب اللبناني للانخراط في أي مشروع أمني مقابل تلقيه الأموال، خصوصاً إن كانت هذه الأموال بالعملة الصعبة». وطمأن المصدر نفسه إلى أن «الوضع الأمني ممسوك بشكل جيد في شمال لبنان وفي البقاع كما في بقية المناطق اللبنانية».



اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
TT

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الأحد، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة في الشرق الأوسط، عشية الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على إسرائيل.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان: «خلال العام الماضي، شهدت المنطقة دماراً واسع النطاق وتجريداً للأشخاص من صفتهم البشرية»، داعية جميع الأطراف إلى «احترام كرامة كل شخص متضرّر من هذا النزاع... وتحمُّل مسؤولياتهم، بموجب القانون الإنساني الذي يوفّر إطاراً للحد من المعاناة أثناء النزاع».

وأضافت: «أصبح المدنيون مجرّد أعداد، إذ طغت الخطابات المتضاربة بشأن النزاع على طابعهم الفريد، لكنّ وراء هذه الأرقام أفراداً، أطفالاً وآباء وأشقاء وأصدقاء يكافحون الآن من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون، كل يوم، الحزن والخوف وعدم اليقين بشأن مستقبلهم».

وتابعت: «شهد هذا العام قلوباً محطَّمة وأسئلة بلا إجابات»، لافتة إلى أن «شمل العائلات تشتّت، ولا يزال كثير من أحبائها محتجَزين، رغم إرادتهم. وقُتل عشرات الآلاف، ونزح الملايين في جميع أنحاء المنطقة».

ويصادف الاثنين الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، والذي أدى إلى اندلاع حرب بين الحركة والدولة العبرية في قطاع غزة امتدّت إلى لبنان، حيث تشنّ إسرائيل حرباً ضد «حزب الله».

وقالت اللجنة الدولة للصليب الأحمر: «بينما نقترب من مُضي عام على الهجمات، التي وقعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتصعيد واسع النطاق للأعمال العدائية الذي أعقب ذلك، لا يزال الناس في المنطقة يعانون وطأة الألم والمعاناة والخسارة التي لا تُطاق وتتجاوز الحدود».

وكرّرت دعوتها جميع الأطراف إلى «تحمل مسؤولياتهم، بموجب القانون الدولي الإنساني»، مؤكدة أنّه من خلال الالتزام بهذا القانون «يمكن للأطراف المتحاربين أن يخفّفوا المعاناة الإنسانية، ويمهدوا لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً».