ما هو الطاعون الدبلي وهل يتحول لجائحة جديدة؟

أودى بحياة 584 شخصاً بين عامي 2010 و2015

بكتيريا الطاعون الدبلي (أرشيفية - أ.ف.ب)
بكتيريا الطاعون الدبلي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ما هو الطاعون الدبلي وهل يتحول لجائحة جديدة؟

بكتيريا الطاعون الدبلي (أرشيفية - أ.ف.ب)
بكتيريا الطاعون الدبلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

أصدرت السلطات في مدينة بيان نور بمنطقة منغوليا الداخلية الصينية تحذيراً يوم (الأحد)، وذلك بعد يوم واحد من إبلاغ مستشفى بحالة يشتبه بأن تكون طاعوناً دبلياً.
ومن غير المعروف كيف انتقلت العدوى بالطاعون، لكن البلاد في حالة تأهب لمزيد من الحالات، حسبما أفاد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

ما هو الطاعون الدبلي؟
الطاعون الدبلي اشتهر في العصور الوسطى بـ«الموت الأسود»، ويسمى بهذا الاسم نتيجة موت أجزاء من الجسم مثل أصابع اليد وأصابع القدم مع تطور حدة المرض، وهو مرض شديد العدوى وغالباً ما يكون مميتاً، وينتشر في الغالب عن طريق القوارض.
وحسب «بي بي سي»، فإن الطاعون الدبلي أحد أكثر الأمراض فتكاً في تاريخ البشرية، ويصاب الأشخاص بالطاعون الدبلي نتيجة بكتيريا «رسينيا بيستس» تعيش في بعض الحيوانات - خاصة القوارض والبراغيث.
وحالات الطاعون مألوفة في الصين ولكن تفشي هذا المرض أصبح نادراً بشكل متزايد، وسجلت الصين 26 حالة إصابة و11 حالة وفاة خلال الفترة من 2009 إلى 2018، حسبما أوردت وكالة «رويترز» للأنباء.
ومن عام 2010 إلى عام 2015، تم الإبلاغ عن 3248 حالة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 584 حالة وفاة، حسب «بي بي سي».
وأبلغت الصين عن أربع حالات إصابة بالطاعون في منغوليا الداخلية في نوفمبر (تشرين الثاني) من بينها حالتا إصابة بالطاعون الرئوي وهو سلالة قاتلة من الطاعون.
 

ما أعراضه؟

تظهر أعراض مرض الطاعون الدبلي على الشخص عادة بعد يومين إلى ستة أيام من العدوى. وأبرز أعراضه آلام في العقد اللمفاوية، وتورم في الفخذ أو الإبط.
وإلى جانب الغدد الليمفاوية المتضخمة، والتي يمكن أن تكون كبيرة مثل بيضة الدجاج، تشمل الأعراض الأخرى الحمى والقشعريرة والصداع وآلام العضلات والتعب.
ويمكن أن يؤثر الطاعون أيضاً على الرئتين، مما يسبب السعال وألم الصدر وصعوبة التنفس.
ويمكن لبكتيريا الطاعون الدبلي أيضاً أن تدخل مجرى الدم وتسبب حالة تسمم الدم، والتي يمكن أن تؤدي إلى تلف الأنسجة وفشل الأعضاء والموت.

كيف يمكن الإصابة بالمرض؟
يمكن للأشخاص التقاط العدوى بالطاعون الدبلي من: لدغات البراغيث المصابة أو لمس الحيوانات المصابة مثل الجرذان والفئران، أو استنشاق قطرات الجهاز التنفسي الصادرة من مصابين آخرين، وتلك القطرات تنتشر عن طريق الأشخاص أو الحيوانات المصابة.
ويمكن أن تصاب القطط والكلاب المنزلية بالطاعون الدبلي من لدغات البراغيث أو من أكل القوارض المصابة.
ويمكن أن تدخل العدوى أيضاً الجسم من خلال قطع في جلد الجسم أو جرح فيه، إذا كان الشخص على اتصال وثيق بدم الحيوانات المصابة.
ويمكن لجسد شخص مات بعد إصابته بالطاعون أن يصيب الأشخاص الذين هم على اتصال وثيق، مثل أولئك الذين يعدون الجثة للدفن.
وتحظر الصين حالياً صيد الحيوانات وتناولها التي يمكن أن تحمل الطاعون. وأصدرت لجنة الصحة في المدينة تحذيراً من المستوى الثالث، وهو ثاني أقل تحذير في نظام يتضمن أربعة مستويات.
ويحظر هذا التحذير صيد أو أكل الحيوانات التي قد تحمل الطاعون ويطلب من الناس الإبلاغ عن أي حالات يشتبه بأنها طاعون أو ارتفاع في درجات الحرارة دون أسباب واضحة.

العلاج
يمكن العلاج من الطاعون الدبلي بسهولة حالياً بواسطة المضادات الحيوية.
والتشخيص المبكر يمكن أن ينقذ المزيد من الأرواح من الطاعون الدبلي، باستخدام الاختبارات المعملية للدم وعينات أخرى من الجسم. وغالباً ما يكون المرض قاتلاً إذا تم تركه وإهماله.

هل يتسبب في جائحة جديدة؟
لا يزال الطاعون موجوداً في أجزاء كثيرة من العالم. في السنوات الأخيرة، كانت هناك فاشيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومدغشقر. ورغم أن الطاعون كان سبب تفشي الأمراض على نطاق واسع في العصور الوسطى، فإن أي تفشٍ اليوم صغير، لحسن الحظ.
ويقول الدكتور ماثيو درايدن، استشاري الميكروبيولوجي بجامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة: «من الجيد أن هذه الحالات في الصين تم معرفتها والإبلاغ عنها في مرحلة مبكرة لأنه يمكن عزلها ومعالجتها ومنع انتشار الطاعون». وتابع: «يُسبب الطاعون الدبلي بكتيريا، وبالتالي، بخلاف (كوفيد - 19). يتم علاجه بسهولة بالمضادات الحيوية. قد يبدو هذا الأمر مقلقاً، فهو مرض معدٍ آخر رئيسي ينشأ من الشرق (في إشارة إلى الصين)، ويبدو أنه حالات قليلة يمكن أن يتم التعامل معها بسهولة».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
TT

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

واحد من الأعمال الفنية التي يُفترض ألا تُفوّت، هو «نشيد الحب» ويُعرض في «جناح نهاد السعيد» الذي افتتح حديثاً، ملحقاً بـ«المتحف الوطني اللبناني».

تجهيز شرقي، وهذا نادراً ما نراه، بارتفاع 6 أمتار، يملأ ما يوازي غرفة كبيرة، مركّب من تحف وأثريات حرفية، من الخشب والنحاس، والزجاج والحديد والقماش، ومواد أخرى كثيرة، يعود عمر بعضها إلى 200 سنة وأكثر.

ركّب الفنان ما يشبه الثريا المتدلّية من السّقف (خاص الشرق الأوسط)

فلا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني الذي تستدعي زيارته الدخول إليه، والتجول في أنحائه، تفحّصه قطعة بعد أخرى، التّمعن في أبيات شعر محفورة هنا، وأشكالٍ هندسية هناك. ولا بدّ أيضاً أن تزور التّجهيز بالالتفاف حوله لاكتشاف مختلف جوانبه. لا بل قد يحلو لك أن تعود تكراراً إلى هذه التحفة الإبداعية، لتستمتع بتفاصيلها الصغيرة الكثيرة، التي تميزت بها حرفياتنا الشرقية.

ألفريد هو سليل عائلة اشتغلت لأجيال في بيع التّذكارات والقطع الحرفية، وفي تنفيذ الحَفريات على النحاس والخشب والزجاج، وإليها يعود الفضل في تزيين أجمل القصور في دمشق وحلب وطرابلس وبيروت، ومدن أخرى في المنطقة. ورِث ألفريد عن عائلته تركة ثمينة، بعضها من أعمالهم وبعضها الآخر اقتنوه بمرور الوقت ليعيدوا بيعه. وجد الفنان نفسه أمام ثروة، لا متحف مخصصاً لعرضها، أو وسيلة ناجعة للاستفادة منها، فكانت سلسلة تجهيزات كلّ واحد منها تحفة يتوقف عندها الزمن. وقد شغلته في السنوات السابقة بشكل خاص تيمة الحرب، لكنه هذه المرة، يغوص في الذاكرة بطريقة أخرى.

والدة ألفريد عالمة الآثار التي تتوسط التجهيز (جناح نهاد السعيد)

التجهيز البديع الموجود في المتحف ضمن معرض «بوابات وممرات، سفر عبر الواقع والخيال»، نظّمه بمهارة «متحف بيروت للفن»، هو وليد قريحة ألفريد، الذي أراد أن يستخدم موروثه، بتنوعه، ليحكي قصة أهله، وتاريخ المنطقة، وقيمة العمل اليدوي، ومعنى التراث، من خلال تركته العائلية.

في وسط التجهيز رأس امرأة تعتمر قبعة، ينتصب داخل قطعة موبيليا شرقية ترتفع بأعمدة يعلوها سقف، ومفرغة من جوانبها، يتدلّى منها فوق الرأس، مجموعة من الصور الفوتوغرافية الصغيرة، تُخلّد ذكرى أصدقاء العائلة الذين قضوا في الحرب. والرأس هو منحوتة لوالدة ألفريد، السيدة ريناتا أورتالي التي تدور حولها كل المعاني المعروضة. كانت المرأة عالمة آثار، عملت لخمسين سنة مع الأمير موريس شهاب في المتحف الوطني، وساهمت في حملات البحث عن الآثار في وسط بيروت، بعد توقف الحرب الأهلية. وعن قطعة الموبيليا التي تحمل الرأس، أقام ما يشبه السور الخشبي المزخرف الذي يسيج الأم.

كرسي والد الفنان جورج (خاص الشرق الأوسط)

وفي مقابل الوالدة، زوجها جورج حاضر من خلال كرسيه الخشبي المنجد بالأصفر الذي اعتاد الجلوس عليه، وقد رفع على قاعدة خشبية. واصطفت حول المقعد أعمدة وألواح وبقايا محفورات، كأنها تَصنع بتعدّد مشغولاتها عرشاً لهذا الوالد الغائب/ الحاضر.

أنت أمام تجهيزٍ مليء بالتّفاصيل ولكلٍّ منها قصتها، ومعناها وأهميتها. ثمّة ألواح أخشاب على كلٍّ منها حفريات مختلفة، نُسّقت، لتبدو ذات مهابة وحضور، تُخرجها من معناها الفردي، وفي مكان آخر مجموعة من الأواني النّحاسية مع أغطيتها كانت تُستخدم لوضع احتياجات الحمام من صابون وليفٍ، بعضها شغل تركي ومنها شامي ولبناني وبيروتي. تعدّد المصادر يزيدها غنى. هناك الحلل على أنواعها، والفوانيس ومجموعة عصافير معدنية، ورؤوس حجرية متدلية. وفي إحدى الزوايا قطعة موبيليا، هي مقرنصة، يعلوها حفر لبيت شعر غزلي، وتحتها من المفترض أن توجد بركة الماء.

اعتمد ألفريد بشكل خاص على عرض مجموعات متشابهة إلى جانب بعضها البعض، وأن يجعل من أطر الأبواب الخشبية، بأقواسها وزخرفها نوعاً من الحواجز الوهمية بين المعروضات، وثمة قطع أثاث، وصمديات، وقناديل وإكسسوارات.

ابتكر لكل منها دوراً في هذا التركيب، وأتت على مستويات بحيث بدت وكأنها طبقات متداخلة حتى تصل إلى السّقف، حيث صنع ما يشبه الثريا، من مجموعة قطع معدنية صغيرة محفّرة، لكلٍ منها شكلها وهويتها، علّقها إلى جانب بعضها البعض، لتبدو كنجوم متلألئة تظلّل التجهيز.

توارثت عائلة طرزي، مهنة الحفر، أجيالاً متعاقبة، عرفت بمهارتها الفنية في صناعة خشبيات القصور، من أبواب ونوافذ وجدران وسقوفيات، وغيرها. في الأصل كانت العائلة تبيع الأثريات والأنتيكا، تَوّزع عملها بين القدس ودمشق وبيروت. الابن ألفريد البالغ من العمر اليوم 40 سنة، ومتخصص في الفن الغرافيكي، وجد نفسه أمام ثروة أثرية حرفية تركها له والده، لا يعرف أين يمكن أن تُعرض. نحتفي غالباً بالقديم والحديث، وهذا الإرث المشرقي الذي يعود للقرن الـ19 وبداية القرن العشرين، غالباً ما نجده متناثراً ومهملاً عند بائعي الأنتيكا، ولم تُخصّص له متاحف تُنصفه، وهو ما يُشغل بال الفنان.

«نشيد السعادة» هو ربط إبداعي بين هذه القطع الكثيرة، ذات الاستخدامات المختلفة، تمزج بينها تلك القناطر الجميلة بزخرفها اليدوي البديع، والبوابات الخشبية المليئة بالمحفورات.

مجموعة النحاسيات التي كانت تُستخدم لوضع الليف والصابون (خاص الشرق الأوسط)

ومما لا يعرفه زوار هذا التجهيز، أن ألفريد سرسق، ابن العائلة الأرستقراطية، نهاية الحكم العثماني، قرّر أن يستأجر حرش بيروت، من بلدية المدينة لمدة 80 سنة، وبنى في المكان كازينو أطلق عليه اسم «عزمي». كانت عائلة طرزي قد كُلّفت باشتغال أبواب ونوافذ وسقوفيات الكازينو الذي لم يكن من مثيل له، في تلك الفترة. واستغلّت الأرض حوله في تنظيم سباق الخيل. عندما خسِر العثمانيون الحرب ودخل الفرنسيون البلاد، حوّلوا الكازينو إلى مستشفى، لعلاج المرضى، ومن ثَمّ اتفقوا مع بلدية بيروت وصاحب المبنى سرسق، على شراء هذه الملكية وتحويلها إلى منزل للسفير الفرنسي، ولا يزال كذلك. واللطيف أنك من الواجهات الزجاجية لمكان العرض يمكنك أن تطلّ على ميدان سباق الخيل والمبنى الذي صار اسمه «قصر الصنوبر».

ومن ضمن الأبواب التي ركّب منها تجهيز «نشيد السعادة» هو المجسم الأصلي لبوابة «قصر الصنوبر»، وضعه طرازيّ على الزاوية الأمامية من المجسم، ويقول عنه «إنه الباب الصغير للبنان الكبير»، لأنه أمام هذه البوابة، تحديداً، أعلن الجنرال غورو ولادة لبنان بشكله الحالي.