مدينة أميركية تنجح في استبدال بعض رجال الشرطة بأطباء

في تجربة بدأتها منذ 30 عاماً

رجل شرطة أميركي وموظف من البرنامج يتحدثان مع مشرد (سي إن إن)
رجل شرطة أميركي وموظف من البرنامج يتحدثان مع مشرد (سي إن إن)
TT

مدينة أميركية تنجح في استبدال بعض رجال الشرطة بأطباء

رجل شرطة أميركي وموظف من البرنامج يتحدثان مع مشرد (سي إن إن)
رجل شرطة أميركي وموظف من البرنامج يتحدثان مع مشرد (سي إن إن)

قدمت مدينة يوجين في ولاية أوريغون الأميركية منذ 30 عاماً تجربة غير تقليدية لمواجهة مشكلات مثل التشرد والانتحار حيث جعلت الأطباء يقومون بحل تلك الأزمات بدلاً من رجال الشرطة وبالفعل حققت التجربة نجاحاً جعل آخرين يطالبون بتعميمها في إطار منح المدنيين المزيد من السلطات في المجالات التي تتولها الشرطة.
ووفقاً لقناة «سي إن إن» الأميركية، قام مركز الخدمات الاجتماعية «وايت بيرد كلينيك» في يوجين بتأسيس برنامج CAHOOTS، الذي يقوم على التعامل مع المكالمات التي ترد لخدمة النجدة السريعة 911 والتي لا تحتاج بالضرورة إلى تدخل الشرطة مثل البلاغات عن التهديد بالانتحار أو المشردين أو مرضى الأمراض العقلية، أما البلاغات عن قضايا جنائية فتحال للشرطة للتعامل معها.

وقد بدأ البرنامج في عام 1989 بعدد من الأطباء الشباب ومستشارين في الصحة العقلية وكان معهم شاحنة قديمة، حيث قاموا بالتعامل مع مشكلات البلدة التي يبلغ عدد سكانها 172 ألف نسمة، واليوم يعمل بالبرنامج أكثر من ضعف عدد الموظفين و3 شاحنات.
ويتعامل البرنامج مع البلاغات المتعلقة بالمشردين والأشخاص الذين يعانون مشكلات نفسية وعقلية، حيث وجدت الدراسات أن تعامل الشرطة مع تلك البلاغات غالباً ما ينتج عنه حل للمشكلة، فمع المشردين غالباً ما يُقتلون أو يقبض عليهم.
وتقول إحدى الدراسات إن احتمالات القبض على المشردين تتراوح ما بين 62 في المائة إلى 90 في المائة، حيث ينتهي بهم المطاف في السجن، دون توفير علاج أو سكن لهم، وبالتالي يبدأون حياة السجن التي لا تفيد أي من الطرفين، وكذلك قالت دراسة أخرى إن 25 في المائة من قتلى الشرطة كانوا يعانون من أمراض عقلية.
وقد تعامل البرنامج خلال 2019 مع 24 ألف مكالمة كانوا نحو 20 في المائة من المكالمات التي تلقوها وتطلب 150 مكالمة دعماً من الشرطة، وتنقل الحالات إلى المستشفيات أو الملاجئ.
ويقول القائمون على البرنامج إنه يوفر سنوياً للمدينة 8.5 مليون دولار من تكاليف السلامة العامة، بالإضافة إلى 14 مليون دولار أخرى في مجال الإسعاف والطوارئ.

ويقول إبراهيم كوليبالي، وهو متطوع سابق، إن تخصيص المزيد من التمويل للبرنامج من ميزانية الشرطة أو مصدر آخر، سيجعله يستجيب لمزيد من الحالات مع وجود المزيد من الموظفين، وتابع: «نأمل في الحصول على شاحنة أخرى».
وعلى عكس رجال الشرطة، لا يستطيع موظفو البرنامج إجبار أي شخص على قبول مساعدتهم، ولأنهم غير مسلحين لا يستطيعون القبض على الآخرين، وزيهم الرسمي هو تيشيرت وبنطلون، من ثم يشبهون المدنيين، وهذا يجعلهم أقل تهديداً لمن يتعاملون معهم عن الشرطة.
ويذكر ديفيد زيس، أحد المؤسسين للبرنامج، إن أغلب الحالات التي تعاملوا معها كانت لأشخاص يعانون من أمراض عقلية ولم يستجيبوا لعناصر الشرطة بشكل جيد، وقال: «نحن كنا بارعين في ذلك»، وأضاف: «كنا نعلم أن ذلك شيء ذو قيمة للكثيرين».
ومن جانبه، وصف رئيس شرطة يوجين كريس سكينر العلاقة بهذا المشروع بأنها تكاملية وتخدم سكان المدينة، وقال: «يتعاملون بشكل أفضل من ضباط الشرطة فنحن نرتدي زياً، ونحمل مسدسات». وأوضح أن ثلث الحالات التي تعامل معها البرنامج كانت تعاني من أمراض نفسية شديدة وأن تعامل الشرطة معهم يثقل من كاهلها.
ورداً على المطالبات بتكرار التجربة خاصة مع الانتقادات التي وجهت للشرطة جراء حادثة مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد، قال ديفيد زايس إن هذا يثير الشكوك بين عناصر الشرطة بشأن هل نحن حلفاء لهم أو منافسون؟ فيما علق رئيس شرطة يوجين بقوله إن تخصيص أموال من الشرطة ستخنقها، لأنها تعاني بالفعل من نقص.



دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.