جدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجومه على معارضيه وخصوصا من وصفهم باليسار المتطرف، متعهدا بدحرهم، في خطاب ألقاه مساء السبت أمام البيت الأبيض خلال إحياء عيد الاستقلال.
وندد ترمب بما وصفها بالمحاولات لتدمير تاريخ أميركا، في إشارة إلى المحاولات التي جرت أخيرا لإزالة النصب التذكارية لشخصيات ورموز تاريخية يعتبرها البعض بأنها تمجد العنصرية. وشهدت احتفالات هذا العام للمرة الأولى تحليق مقاتلات حربية أميركية متنوعة فوق العاصمة واشنطن وولايتي ميريلاند وفيرجينيا، ضمت طائرة الشبح وطائرة بي 52 الاستراتيجية وطائرات نقل ووقود ورادار وأسراب من المقاتلات الحربية.
وأضاءت الألعاب النارية السماء في واشنطن العاصمة بعد خطاب الرئيس رغم تحذيرات عمدة المدينة موريل بوزر من مخاطر الأجواء الاحتفالية والواسعة والتجمعات الكبيرة على تصاعد أعداد الإصابات بالفيروس. وقد بدا واضحا عدم ارتداء الحاضرين للحفل أقنعة وجه واتباع قواعد التباعد الاجتماعي التي ينصح بها الخبراء.
وخارج البيت الأبيض وفي الشوارع المحيطة تجمع متظاهرون يحتفلون بالعيد ويهتفون لبلادهم، وآخرون يتظاهرون ضد العنصرية من أتباع حركة «حياة السود مهمة» ولم ترد أي تقارير عن أعمال عنف أو صدامات بين المتظاهرين.
وغير بعيد عن مكان الاحتفال تظاهر محتجون سلميون للمطالبة بالمساواة العرقية، وساروا في شوارع أغلقتها الشرطة حول البيت الأبيض وفي الجادة التي غيرت رئيسة بلدية واشنطن اسمها إلى جادة «بلاك لايفز ماتر» وأمام نصب أبراهام لنكولن التذكاري، الرئيس الأميركي الذي قاد حرب تحرير العبيد.
وألقى فيروس «كورونا» بعودة وتيرة انتشاره إلى التصاعد بظلاله على كلمة ترمب، لكنه أعلم من دون أن يقدم دليلا، بأن 99 في المائة من حالات الإصابة بفيروس «كورونا» في الولايات المتحدة «غير ضارة تماما». وسجلت ولايات أميركية عدة رقما قياسيا لحالات الإصابة بمرض «كورونا». وفي ولاية تكساس وحدها أدخل 7890 شخصا إلى المستشفيات بعد نقل 238 حالة جديدة خلال أربع وعشرين، وأعلن المسؤولون الصحيون في مدينة هيوستن أنهم يخشون موجة شبيهة بالتي ضربت مدينة نيويورك في بداية انتشار الوباء.
في المقابل ألقى ترمب مجددا بالمسؤولية على الصين وقال إنه يجب محاسبتها على تقاعسها عن احتواء المرض، فيما الأصوات داخل الولايات المتحدة تتزايد في تحميل إدارته المسؤولية عن قصورها عن مواجهة المرض، وإعلان الديمقراطيين تخوفهم من أن تكون الولايات المتحدة قد خسرت نهائيا المعركة في مواجهة «كورونا».
وقال ترمب أيضا إنه سيكون لدى الولايات المتحدة لقاح أو علاج للفيروس «قبل فترة طويلة» من نهاية 2020. وقال مسؤول أميركي كبير في قطاع الصحة يوم الخميس إنه متفائل بأن برنامج إدارة ترمب لتعجيل اللقاح سيسفر عن لقاح آمن وفعال لـ(كوفيد - 19) بحلول نهاية العام.
من جهة أخرى ندد ترمب بمن يحاولون «تدمير تاريخ أميركا» وقال: «هناك دائما من يسعون للكذب بشأن الماضي من أجل كسب السلطة في الوقت الحالي، الذين يكذبون بشأن تاريخنا، الذين يريدوننا أن نخجل ممن نكون نحن، والهدف هو التدمير»، في تكرار لكلمته في جبل راشمور في ساوث داكوتا مساء الجمعة، حين اتهم من وصفهم بـ«الغوغائيين الغاضبين»، بمحو تاريخ أميركا، مستغلا كلمته لتقديم نفسه على أنه الحصن المنيع في مواجهة التطرف اليساري. ويتظاهر الأميركيون منذ أكثر من شهرين ضد وحشية الشرطة والتفاوت العرقي منذ مقتل جورج فلويد، الرجل الأسود البالغ من العمر 46 عاما والذي توفي بعد أن جثم شرطي أبيض في مينيابوليس على عنقه لما يقرب من تسع دقائق.
وبالإضافة إلى تحقيق إصلاح الشرطة في بعض المدن أزال بعض المحتجين تماثيل لزعماء الكونفدرالية ورموز أخرى لتراث أميركا من العبودية. كما نظم محتجون مسلحون أغلبهم من السود مسيرة في متنزه ستون ماونتن قرب مدينة أتلانتا بولاية جورجيا يوم السبت، مطالبين بإزالة منحوتة الكونفدرالية الضخمة التي توجد في المكان ويعتبرها نشطاء الحقوق المدنية نصبا تذكاريا للعنصرية.
وتحدثت وسائل إعلام أميركية عدة عن خطورة تصاعد المظاهرات المسلحة والمظاهرات المضادة، في الآونة الأخيرة. وحذر العديد من المعلقين والمسؤولين السابقين والحاليين، من خطورة ما يجري على الأرض من تهديد للسلم المدني، محملين الخطاب الذي وصفوه بالتحريضي، مسؤولية الاحتقان المتصاعد، خصوصا في سنة الانتخابات التي ستجري بعد 4 أشهر.
وأظهرت لقطات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي أعدادا كبيرة من المتظاهرين الذين ارتدوا ملابس سوداء شبه عسكرية وغطوا وجوههم وهم يسيرون في هدوء في طريق داخل المتنزه. وحمل جميع المحتجين بنادق وارتدى بعضهم أحزمة ذخيرة على أكتافهم. ومعظم المشاركين في المسيرة كانوا من السود لكن كان هناك محتجون من أعراق مختلفة ونساء ورجال على حد السواء.
وظهر في مقطع فيديو زعيم للمتظاهرين لم تتحدد هويته وهو يصيح عبر مكبر للصوت في تحد لمن يؤمنون بتفوق العرق الأبيض ودأبوا على التظاهر في ستون ماونتن دعما لأفكارهم. وقال: «لا أرى أي ميليشيا بيضاء... نحن هنا فأين أنتم؟».
وتوجد منحوتة متنزه ستون ماونتن على ارتفاع تسعة طوابق ومساحة ملعب كرة قدم وهي عبارة عن نحت غائر في جبل صخري يشرف على ريف جورجيا على بعد نحو 40 كيلومترا إلى الشرق من مدينة أتلانتا وتعد النصب التذكاري الأكبر من نوعه في ولايات الكونفدرالية. وتصور المنحوتة جيفرسون ديفيس رئيس الكونفدرالية التي ضمت 11 ولاية واثنين من جنرالاته هما روبرت إي. لي وتوماس ستونوول جاكسون.
وأشار مصدر بالبيت الأبيض إلى أن الرئيس ترمب يرفض النصائح التي يقدمها بعض المستشارين المتخوفين من تأثير خطابه الانقسامي الذي يتوجه في الأساس لإلهاب حماس مؤيديه وأنصاره. وقد نصح بعض المستشارين الرئيس ترمب بتهدئة نبرة الخطاب والتواصل بشكل أكبر مع الناخبين المستقلين.
ويتخوف بعض الاستراتيجيين من نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى نفور بعض الناخبين واستيائهم من طريقة تعامل ترمب مع جائحة (كوفيد - 19) وموقفه من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية.
وفي أعقاب الاحتجاجات التي اجتاحت الولايات المتحدة كان هناك الكثير من القلق المتزايد داخل حملة ترمب وداخل الحزب الجمهوري حول استطلاعات الرأي التي أشارت إلى تقدم المنافس الديمقراطي جو بايدن وميل بعض الولايات المتأرجحة لصالح بايدن، وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» أن الرئيس ترمب يتجاهل المخاوف والنصائح داخل حزبه ويرفض تغيير نبرة الخطاب الانقسامي ولديه قناعة قوية أن هذا الخطاب سيؤدي إلى إعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وفي مقابل خطاب ترمب أصدر المرشح الديمقراطي جو بادين مقطع فيديو من قبو منزله الخاص في ولاية ديلاوير، ركز فيه على التناقض بين مواقف ترمب ومواقفه في الاستجابة للاحتجاجات في أعقاب مقتل جورج فلويد والتمييز العنصري.
وأشار بادين في مقطع الفيديو إلى أن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة مثل الرئيس توماس جيفرسون وآخرين كانوا يمتلكون العبيد، وأن النساء لم يحصلن على حقوق المواطنة الكاملة حتى عام 1920. وقال: «لدينا فرصة الآن لإعطاء المهمشين والمعذبين والمعزولين والمضطهدين حصة كاملة من الحلم الأميركي، ولدينا فرصة لانتزاع جذور العنصرية وفرصة للارتقاء إلى مستوى الكلمات التي أسست هذه الأمة»، وركز في مقطع الفيديو على المفاهيم التأسيسية الواردة في إعلان الاستقلال الأميركي، والتي تقول إن «جميع الرجال خلقوا متساوين». واقتحم المغني الأميركي كانيي ويست (43 عاما) ساحة الصراع الانتخابي معلنا عبر حسابه على «تويتر» يوم السبت نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، وقال مغني الراب الأكثر شهرة وثراء في الولايات المتحدة: «يجب علينا الآن تحقيق الوعد الأميركي عبر الثقة بالله وتوحيد رؤيتنا وبناء مستقبلنا، ولذا أنا أترشح لرئاسة الولايات المتحدة».
وجاءت تغريدة ويست قبل أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل دون أن يتقدم إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، ودون أن يعلن تدشين حملة انتخابية. وقد تباينت ردود الفعل حول التغريدة ما بين التأييد والرفض والسخرية، وأيدت كيم كاردشيان زوجة المغني نيته للترشح، وقامت بالتغريد برمز تعبيري للعلم الأميركي. وتلقى ويست تغريدات تؤيده وأخرى تسخر منه وتتهمه بمحاولة التفريق، وأنه طالما أيد الرئيس ترمب في السابق، فكيف يتحول الآن إلى منافسته. وحتى صباح الأحد شهدت تغريدة ويست إعادة التغريد لأكثر من نصف مليون إعادة تغريد، وما يقرب من مليون إعجاب.
ترمب يتعهد التصدي لـ«محاولات تدمير تاريخ أميركا»
بادين يدعو لنبذ العنصرية... وتواصل المظاهرات المنددة بالتفرقة... والمغني كانيي ويست يترشح للانتخابات الرئاسية
ترمب يتعهد التصدي لـ«محاولات تدمير تاريخ أميركا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة