«داعش» يحاصر مطار دير الزور العسكري ويستعد لاقتحامه

هجوم واسع للمعارضة للسيطرة على آخر معاقل النظام في الشيخ مسكين في ريف درعا

مطار دير الزور العسكري
مطار دير الزور العسكري
TT

«داعش» يحاصر مطار دير الزور العسكري ويستعد لاقتحامه

مطار دير الزور العسكري
مطار دير الزور العسكري

واصل تنظيم داعش أمس تقدمه في اتجاه مطار دير الزور العسكري في شرق سوريا عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام أسفرت عن سقوط أكثر من 60 قتيلا في صفوف الطرفين، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في وقت بدأت فيه كتائب المعارضة المسلحة هجوما واسعا للسيطرة على آخر معاقل النظام في مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا جنوب البلاد.
وقال المرصد إن «(داعش) سيطر على قرية الجفرة الاستراتيجية الواقعة بين حويجة صكر ومطار دير الزور العسكري، وتمكن من الوصول إلى أسوار مطار دير الزور العسكري عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام وقوات الدفاع الوطني الموالية لها». وأشار إلى أن المطار بات «محاصرا بشكل شبه كامل، مع وجود خط إمداد لقوات النظام يصل الجهة الغربية منه بمقر اللواء 137».
وأسفرت المعارك المحتدمة منذ يومين عن مقتل أكثر من 27 عنصرا من «داعش» أكثر من نصفهم من السوريين، فيما قتل ما لا يقل عن 30 عنصرا من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني، بينهم عنصران على الأقل أعدمهما التنظيم، بحسب المرصد.
وفي حال سيطر التنظيم على المطار، فإنه سيحيده عن الصراع الدائر في شرق سوريا، ليبقى مطار واحد بعهدة النظام، هو مطار T4 الذي يقع إلى الغرب من دير الزور في منطقة شرق حمص في صحراء تدمر. أما إذا تمكن من السيطرة على مدينة دير الزور وطرد النظام منها، فإن مناطق نفوذه في سوريا ستمتد من الأراضي العراقية (شرق البلاد) إلى ريف حلب الشمالي، وتتجاوز مساحتها 40 في المائة من مساحة سوريا. ولم تقتصر الاشتباكات يوم أمس على محيط المطار، بل طالت حي الصناعة بمدينة دير الزور، ومنطقة حويجة صكر عند أطراف المدينة، بالتزامن مع قصف لقوات النظام على تلك المناطق.
من جهة أخرى، استهدفت طائرات التحالف الدولي رتلا لـ«داعش» ليل أول من أمس الخميس في ريف مدينة البوكمال الحدودية مع العراق ما أدّى لمقتل ما لا يقل عن 15 عنصرا التنظيم. وقال ناشطون إن غارات طائرات التحالف استهدفت أيضا منطقة نفطية تحت سيطرة «داعش» في بادية جديدة عكيدات في محافظة دير الزور.
وقال «مكتب أخبار سوريا» إن الطيران الحربي التابع للتحالف استهدف رتلا تابعا للتنظيم في منطقة الصناعة جنوب مدينة البوكمال، مؤلفا من 6 سيارات محملة بالعناصر قادمة من العراق، ما أدّى لتدميره بشكل كامل.
وأوضح المكتب أن الطيران قصف المنطقة مرة أخرى عندما حاول عناصر التنظيم سحب جثث القتلى من المكان، مشيرا إلى أن شائعات انتشرت في المدينة عن مقتل قيادي «كبير» في «داعش» خلال الهجوم الأول يحمل الجنسية العراقية لم يُعرف اسمه حتى الساعة.
وفي درعا، أفاد ناشطون بأن كتائب المعارضة المسلحة بدأت هجوما واسعا للسيطرة على آخر معاقل قوات النظام السوري في مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا جنوب البلاد. ويهدف الهجوم الذي سمته المعارضة «المرحلة الثانية» من العمليات إلى السيطرة على قيادة اللواء 82 والحي الشرقي ومساكن الضباط في مدينة الشيخ مسكين. وبمسعى للتصدي للهجوم، أرسل الجيش السوري تعزيزات كبيرة إلى المدينة، مدعومة بقوات من الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله»، بحسب ناشطين.
وقال «مكتب أخبار سوريا» إن المواجهات بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة احتدمت في بلدة الشيخ مسكين، في محاولة من الأخيرة للسيطرة على موقع المساكن العسكرية على التخوم الشمالية للبلدة.
وأشار إلى أن فصائل المعارضة استهدفت حقل تدريب ومخازن أسلحة في اللواء 82 العسكري التابع للقوات النظامية شمال غربي الشيخ مسكين، بمدافع محلية الصنع وقذائف الهاون، ما أدى إلى اشتعال النيران في أجزاء منها. وتم ذلك بعد يوم واحد من سيطرة المعارضة على أبنية كانت تتمركز فيها قناصة تابعة للجيش السوري النظامي، في الحي الشمالي من بلدة الشيخ مسكين، بعد اشتباكاتٍ بين الطرفين قُتل خلالها أحد القادة العسكريين في لواء جيدور حوران، التابع للجيش السوري الحر.
وفي ريف دمشق، تحدث المكتب عن تجدد الاشتباكات بين القوات السورية النظامية وفصائل المعارضة في مدينة داريا، في وقت بث فيه ناشطون معارضون تسجيلات مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي قالوا إنها تظهر عناصر تابعة للمعارضة تقوم بتمشيط نقاط كانت تتمركز فيها القوات النظامية، على خط الجبهة الشرقية في منطقة الكورنيش القديم في داريا.



إسرائيل تدرس خياراتها في الرد على الحوثيين وتبدأ برسم «صورة استخباراتية»

شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)
شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدرس خياراتها في الرد على الحوثيين وتبدأ برسم «صورة استخباراتية»

شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)
شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)

تدرس إسرائيل خياراتها للرد على الهجمات الحوثية المتكررة ضدها في الأيام القليلة الماضية، وآخرها صاروخ سقط وأدى إلى أضرار وإصابات فجر السبت.

البداية وفق قراءة لخبراء ومحررين عسكريين في الإعلام الإسرائيلي تتمثل في رسم صورة استخباراتية، ومع ذلك فإنها تواجه عدة مشكلات، بعدّ الجبهة أولا، وثانيا أنها لم تكن ضمن اهتمامات إسرائيل الاستخباراتية، لكنها (أي الضربات الحوثية) شجعت المطالب في إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية.

أطلق الحوثيون فجر السبت وتحديداً في الساعة 3:44 فجراً بالتوقيت المحلي صاروخاً باليستياً سقط في تل أبيب، وذلك بعد يومين من إطلاقهم صاروخاً آخر.

وقال مسعفون إن 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج، بينما أصيب 14 شخصاً بكدمات في أثناء هرعهم إلى الملاجئ. وهذه هي المرة الثانية خلال يومين التي يتسبب فيها صاروخ أطلقه الحوثيون في انطلاق صفارات الإنذار وسط إسرائيل في منتصف الليل، وبجبر ملايين على الاختباء.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن صاروخاً أطلق من اليمن سقط في تل أبيب، قائلاً إن «محاولات اعتراضه باءت بالفشل». وأضاف أنه يجري التحقيق في تفاصيل الحادث.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن التحقيق الأولي لسلاح الجو يظهر أنه تم إطلاق صاروخ اعتراضي من منظومة «حيتس» بداية، لكنه فشل في اعتراض الصاروخ الباليستي خارج الحدود، ثم تم تفعيل القبة الحديدية وفشلت كذلك.

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

وأكد خبراء عسكريون في إسرائيل أن الرشقات الأخيرة لصواريخ الحوثي كشفت عن ثغرات أمنية خطيرة في أنظمة الدفاع الجوية الإسرائيلية.

احتمالات فشل الاعتراض

كتب المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، متسائلاً: «لماذا لم تتمكن أي من طبقات الدفاع الجوي من اعتراض التهديد، خاصة أن الخطر قد يتفاقم إذا امتلكت إيران رؤوساً حربية نووية».

وأكد بن يشاي أنه ثمة «ثغرة خطيرة ومهددة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، سواء في الجبهة المدنية أو العسكرية»، وأرجع الفشل لسببين محتملين، الأول: أن الصاروخ أُطلق في مسار باليستي «منخفض» وربما من جهة غير متوقعة، ومن ثمّ لم تتمكن محطات التحذير من اكتشافه، والسبب الثاني، الذي يبدو أكثر احتمالاً، هو أن الإيرانيين تمكنوا من تطوير رأس حربي قادر على المناورة، ينفصل عن الصاروخ في الثلث الأخير من مساره ويقوم بمناورة (أي بتغيير المسار) حتى يصيب الهدف الذي تم تحديده. وأضاف: «يبدو أن الإيرانيين طوروا مع الحوثيين طريقة لإطلاق هذه الصواريخ في مسار باليستي منخفض، مما يجعل من الصعب اعتراضها».

وبينما تجري إسرائيل تحقيقات حول الفشل في الاعتراض، فإنها تدرس طبيعة الرد وحجمه ومكانه.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حذر الحوثيين في الهجوم الذي سبق هجوم السبت بيومين بأنه سيفهمهم بالطريقة الصعبة.

لكن المراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، آفي أشكنازي، قال إنه يجب أن ننظر إلى الواقع بعيون مفتوحة وأن نقول بصوت عالٍ إن إسرائيل لا تستطيع التعامل مع تهديد الحوثيين من اليمن، وقد فشلت أمامهم.

وعدّ أشكنازي أن إسرائيل استيقظت متأخرة جداً أمام التهديد من الشرق، وتعاني من صعوبة في مواجهة تهديد الحوثيين، في الدفاع وفي الهجوم. وأكد أشكنازي أن إسرائيل لم تكن جاهزة استخباراتياً ودبلوماسياً لمواجهة تهديد الحوثيين من اليمن، وقد استفاق الجيش الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات، متأخراً أمام هذا التهديد، ومؤخراً فقط بدأ جهاز الموساد في محاولة جمع المصادر، وبناء صورة استخباراتية عن الحوثيين، وهذا هو السبب في أن الضربات الثلاث التي شنها سلاح الجو ضد الحوثيين كانت مجرد جولات من العلاقات العامة والقليل من الألعاب النارية، وأقل بكثير من نشاط حقيقي يؤدي إلى أضرار عسكرية حقيقية تخلق توازناً للرعب، أو نوعاً من الردع ضد الحوثيين.

إيران و«الاستثمار» في الحوثيين

كانت 14 طائرة مقاتلة إلى جانب طائرات التزود بالوقود وطائرات التجسس حلقت مسافة نحو 2000 كيلومتر يوم الخميس، وألقت أكثر من 60 ذخيرة على أهداف عسكرية للحوثيين هدفت إلى شل حركة المواني الثلاثة التي تستخدمها الجماعة المدعومة من إيران. وشملت الأهداف مستودعات الوقود والنفط ومحطتين لتوليد الطاقة وثماني قواطر بحرية تستخدم في المواني التي يسيطر عليها الحوثيون.

لكن مع تعقيد الرد في اليمن، نبهت «معاريف» إلى أن الحوثيين يحصلون على دعم ومساندة من الإيرانيين، الذين استثمروا في الأسابيع الأخيرة بعد انهيار المحور الشيعي، بشكل أكبر في الحوثيين، وجعلوا منهم المنظمة الرائدة في المحور.

وقالت الصحيفة إن الصواريخ والطائرات المسيّرة التي يتم إطلاقها من اليمن هي من إنتاج إيران، وكذلك التحسينات على الصواريخ الباليستية التي تتمكن من التغلب على صواريخ «حيتس» التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية، وعدّ أشكنازي أن قصف خزان وقود أو بعض القاطرات القديمة في ميناء صغير باليمن هو بالضبط مثل قصف كثيب رملي في غزة، أو مركز كرتوني لـ«حماس» أمام ناحل عوز، مؤكداً: «إسرائيل يجب أن تتخذ قراراً حقيقياً بالتحرك بحسم. ليس فقط في اليمن، بل أيضاً ضد من يقفون وراء الأنشطة الحوثية، الذين وفقاً للمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، لا يوجدون في صنعاء بل في طهران... فهل تضرب إسرائيل طهران؟».

أشخاص يتركون منازلهم بعد الإنذار بالصاروخ في تل أبيب السبت (أ.ف.ب)

بدورها، حذرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» من أن خطر الرؤوس الحربية المناورة للصواريخ الإيرانية الثقيلة والطويلة المدى سيصبح أكبر بكثير ويمثل خطراً وجودياً بالنسبة لإسرائيل، إذا تمكنت إيران من تطوير رأس حربي نووي لهذه الصواريخ.

وقالت القناة «12» إنه في الأشهر الأخيرة، تغير الشرق الأوسط إلى حد لا يمكن التعرف عليه، وتم فتح نافذة من الفرص في سماء المنطقة. وأكدت القناة في تقرير مطول أنه بينما تعمل إسرائيل على إعادة ترسيخ قوتها في المنطقة وتحديث خططها العملياتية للهجوم على إيران، أصبحت طهران مكشوفة بعد أن تعرض نظام دفاعها الجوي لأضرار بالغة، ولكنها تستمر في تخصيب اليورانيوم وربما تكون جاهزة لصنع قنبلة ذرية. وتساءلت القناة: «هل تقترب إسرائيل من شن هجوم وقائي على المنشآت النووية الإيرانية»، مجيبة بأنه على خلفية الاضطرابات في الشرق الأوسط والضعف المتزايد الذي تعاني منه إيران، تتعالى الأصوات في إسرائيل التي تتحدث عن «نافذة فرصة» تاريخية لتدمير البرنامج النووي.

وقال التقرير إن المحور الشيعي، المصمم لخنق إسرائيل، ينهار، لكن أجهزة الطرد المركزي في طهران تستمر في الدوران بوتيرة مذهلة، إلى ما هو أبعد بكثير من الخط الأحمر الذي رسمه نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2012.

وأضاف التقرير: «للمرة الأولى منذ الهجوم الذي لم يتم في عام 2012، احتمال وقوع هجوم على المنشآت النووية عاد إلى الطاولة»، وبحسب القناة «12» فإنه «حتى في الجيش الإسرائيلي يتحدثون علناً عن الاستعداد لما قد تكون المهمة التالية».

حطام أثاث داخل غرفة بمنزل في أعقاب سقوط الصاروخ على تل أبيب السبت (رويترز)

وقال راز زيمت، الخبير في شؤون إيران في معهد دراسات الأمن القومي للقناة «12»: «في أي هجوم إسرائيلي على إيران، يجب أخذ ثلاثة عناصر رئيسية في الاعتبار، الأول هو الموقف الأميركي، لأنه حتى لو قمنا بخطوة مشتركة مع الأميركيين، أو لم نفعل ذلك، فلا يمكن أن يتم ذلك من دون التنسيق مع الأميركيين أو على الأقل الحصول على ضوء أخضر منهم. والعنصر الثاني هو القدرات العملياتية لإسرائيل، والثالث، نتيجة الهجوم وما سيحدث بعده». وتدرك القوات الجوية أنهم قد يعودون إلى الأراضي الإيرانية قريباً جداً، وهذه المرة للقيام بمهمة تدربوا عليها منذ عقود. لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، تم فتح ممر جوي إلى أراضي الجمهورية الإسلامية في سماء الشرق الأوسط، خالياً تقريباً من التهديدات، وهو ممر تحرص القوات الجوية على «صيانة دورية» له من خلال هجمات شبه يومية على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان.

وقالت القناة «12» إن الجيش الإسرائيلي يقدّر أن الواقع الجوي الجديد سيساعد في هجوم مستقبلي على المنشآت النووية في إيران.

وتابع التقرير: «من وجهة نظر إسرائيل، فإن سقوط نظام الأسد وانهيار حلقة النار الإيرانية يغيران ميزان القوى في الشرق الأوسط».