بوغدانوف: نسعى لعقد مفاوضات بين الحكومة والمعارضة من دون شروط

المعارضة السورية تشترط ألا يكون الأسد جزءا من الحل القادم

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى اجتماعه مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في مقر الحكومة اللبنانية في وسط بيروت (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى اجتماعه مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في مقر الحكومة اللبنانية في وسط بيروت (أ.ف.ب)
TT

بوغدانوف: نسعى لعقد مفاوضات بين الحكومة والمعارضة من دون شروط

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى اجتماعه مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في مقر الحكومة اللبنانية في وسط بيروت (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لدى اجتماعه مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في مقر الحكومة اللبنانية في وسط بيروت (أ.ف.ب)

أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن بلاده تسعى إلى جمع الحكومة والمعارضة السوريتين في مفاوضات جدية ومن دون شروط مسبقة، مؤكدا أن بلاده تنسق مع المعارضة في الداخل والخارج على حدّ سواء. وقال بوغدانوف الذي يقوم بزيارة إلى لبنان بعد لقاء جمعه برئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري «نحن على اتصال مع الحكومة السورية والمعارضة في الداخل والخارج، ومهمتنا هي أن نرتب الاتصالات التشاورية التمهيدية لمفاوضات جدية من دون شروط مسبقة». وأوضح أن هدف الحراك الروسي أن «يجتمع السوريون ويبدأوا الحديث وتتقارب الأفكار حول كافة الأمور المطروحة، لأنه في نهاية المطاف، فإن الشعب السوري المتمثل بالحكومة وبالمعارضة هو صاحب القرار فيما يخص تقرير مصير ومستقبل البلد».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي كشف وقتها عن «أفكار» روسية بشأن حوار سوري – سوري، لافتا إلى أنه لا مشكلة لدى النظام في اجتماع حوار تمهيدي بين السوريين يقود لحوار آخر في دمشق.
والتقى بوغدانوف الشهر الماضي مع ممثلي المعارضة السورية في إسطنبول ومنهم بدر جاموس، فيما استقبلت الخارجية الروسية المعارضين السوريين معاذ الخطيب وقدري جميل وغيرهما في موسكو.
ومن المتوقع أن يزور نائب وزير الخارجية الروسي تركيا بعد بيروت للقاء عدد من المعارضين السوريين، بالإضافة إلى محادثات مع الجانب التركي تتعلق بالملف السوري.
وعلّق رئيس المجلس الوطني السابق وعضو الائتلاف الوطني السوري عبد الباسط سيدا على موقف بوغدانوف الأخير الداعي للجلوس للحوار من دون شروط مسبقة، مشددا على أنّه «لا إمكانية للسير بطرح مماثل بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب السوري وكل الخراب والقتل الذي انتهجه النظام السوري».
وقال سيدا لـ«الشرق الأوسط»: «الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من الحل القادم، وهو ما أبلغناه للروس في تواصلنا المستمر معهم عبر أكثر من قناة»، معتبرا أن المطلوب قبل دعوة موسكو للحوار السوري – السوري: «تحديد موقفها من الأسد الذي نعتبره العقبة الأكبر في وجه الحل السياسي الذي نؤيده ونسعى إليه باعتباره المخرج الوحيد للأزمة التي تتخبط بها البلاد منذ عام 2011». وقال: «طالما لم تحدد موسكو موقفها هذا، وفي حال ظلّت على مواقفها السابقة فالمسافة بيننا وبين الحل ستكون بعيدة».
ودعا سيدا لوضع «خطة طريق واضحة المعالم بسقف زمني محدد، كما تنص صراحة على أن الأسد لن يكون جزءا من أي حل قادم، أما وضع باقي مؤسسات الدولة فتفاصيل تخضع للنقاش».
وكانت مصادر في المعارضة السورية قالت بوقت سابق إن بوغدانوف سيلتقي وفدا من «الائتلاف الوطني السوري» برئاسة هادي البحرة الأحد المقبل. وقال قيادي في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، زار فرنسا الأسبوع الحالي، إن الفرنسيين قالوا له: «لا بد من أن تأخذوا التحرك الذي يقوم به الروسي بجدية مطلقة»، وأضاف أن «محادثات فرنسية – روسية جرت الأسبوع الماضي أعطت الفرنسيين هذا الانطباع»، كما أشار إلى أن «كثيرا من حلفائنا الخليجيين من أصدقاء سوريا باتوا حاليا أقرب إلى موسكو من واشنطن في الموقف من الأزمة السورية»، مشيرا إلى أنه رغم عدم وجود «خطوات عملية» في هذا الشأن، فإنه ثمة ما يتم العمل عليه حاليا بقوة.
وكان بوغدانوف التقى يوم أمس الجمعة كلا من رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان، رئيس الحكومة تمام سلام، قائد الجيش جان قهوجي، وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قبل المشاركة باحتفال لمناسبة مرور 70 عاما على العلاقات اللبنانية – الروسية.
وقال المبعوث الروسي بعد لقائه سليمان إن روسيا «تبدي اهتماما لاستقرار الأوضاع في لبنان وتشجِع لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وتثمن دور الجيش اللبناني والقوى الأمنية في مكافحة الإرهاب»، مجددا تأييد بلاده لـ«إعلان بعبدا الذي يصلح تعميمه على باقي الدول في الشرق الأوسط»، وهو الإعلان الذي ترفض قوى 8 آذار وعلى رأسها «حزب الله» الالتزام به بعد انخراطه بالحرب في سوريا واتهامه أطراف لبنانية أخرى بأنّها دخلت قبله إلى آتون الأزمة هناك.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.