تضارب الأنباء حول سيطرة الحوثيين على الكلية الحربية بالعاصمة اليمنية

أسرة صحافي أميركي تناشد «قاعدة اليمن» إطلاق سراحه

تضارب الأنباء حول سيطرة الحوثيين على الكلية الحربية بالعاصمة اليمنية
TT

تضارب الأنباء حول سيطرة الحوثيين على الكلية الحربية بالعاصمة اليمنية

تضارب الأنباء حول سيطرة الحوثيين على الكلية الحربية بالعاصمة اليمنية

سيطر مسلحو جماعة الحوثيين (أنصار الله) أمس على الكلية الحربية في العاصمة صنعاء، والتي تعد من أهم المنشآت التعليمية التابعة للجيش اليمني. وقال أحد الطلاب في الكلية، فضّل عدم ذكر اسمه لوكالة الأنباء الألمانية، إن المسلحين التابعين لجماعة الحوثي دخلوا إلى مقر الكلية ونشروا الدوريات الخاصة بهم دون أي مواجهة من قبل حراسة الكلية، مشيرا إلى أن مسلحي الحوثي تمركزوا في غرف الحراسة بدلا من حراس الكلية.
وأوضح أن الحوثيين أصبحوا يتحكمون في بوابات الكلية وعلى حركة الدخول والخروج منها. وكانت جماعة الحوثي قد طالبت في وقت سابق بضم أفراد اللجان الشعبية التي تعد الجناح العسكري لجماعة الحوثي إلى السلك العسكري، ووردت تصريحات من وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي تشير إلى إمكانية استيعاب مسلحي الحوثي في السلك العسكري. ولكن المحلل السياسي المستقل محمد الحسني قال لوكالة الأنباء الألمانية، إن اقتحام المؤسسات العسكرية يشير إلى أن هناك خلافا بين وزارة الدفاع وجماعة الحوثيين، مضيفا: «في حال تجاوب وزير الدفاع مع الحوثيين وقام بضم مسلحيهم إلى السلك العسكري، لن يكون هناك اقتحام للمنشآت العسكرية، ولكن هذا الاقتحام يأتي في ظل عدم التجاوب».
واعتبر محللون سياسيون مقربون من جماعة أنصار الله، أن هذا الاقتحام يعد دليلا واضحا على عدم سيطرة جماعة الحوثيين على جميع مفاصل الدولة. ويرى الحسني أن هذه الخطوة تعتبر تكملة للسيناريو الذي بدأه مسلحو الجماعة في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي من خلال السيطرة على مختلف المنشآت المدنية والعسكرية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات التي تقع تحت سيطرة الجماعة.
ونفى مصدر رفيع المستوى في وزارة الدفاع صحة الأنباء التي تداولتها بعض الوسائل الإعلامية حول تقديم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي استقالته بعد أن سيطرت الجماعة على الكلية الحربية، مشيرا إلى أن هذا الخبر ليس له أساس من الصحة. وحاولت الوكالة التواصل مع أكثر من مصدر في جماعة أنصار الله لمعرفة تفاصيل الحادثة، ولكنهم رفضوا التعليق، كما أنهم لم يقوموا بالنفي أو التأكيد لعملية السيطرة. في غضون ذلك، ناشدت عائلة المصور الصحافي الأميركي لوك سامرز الذي يحتجزه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب باليمن، محتجزيه، إطلاق سراحه، في حين قالت واشنطن إنها مستمرة في سعيها للإفراج عنه رغم إقرارها بفشل محاولة لتحريره. وقالت عائلة سامرز (33 عاما) في بيان، إن ابنها الذي خطف في سبتمبر 2013 في العاصمة اليمنية صنعاء، غير مسؤول عن أفعال الإدارة الأميركية. وظهر سامرز في شريط فيديو أعد في وقت سابق من هذا الشهر، وبثه أمس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وأمهل التنظيم الولايات المتحدة 3 أيام للاستجابة لمطالب لم يحددها. وقال القيادي في التنظيم ناصر بن علي العنسي، إن واشنطن «تعلم تلك المطالب جيدا»، وهدد بأن الصحافي «سيلاقي مصيره المحتوم». وكان يشير على ما يبدو إلى قتل الرهينة في حال عدم تلبية واشنطن مطالبه، دون أن يوضح هل كان يقصد مبادلة الصحافي بسجناء من «القاعدة»؟ وطلب سامرز في الشريط المصور أي مساعدة تنقذه من وضعه الحالي، وقال إنه واثق من أن حياته في خطر. وكانت وزارة الدفاع اليمنية قد قالت أمس، إن «القاعدة» نقلت رهائن بينهم الصحافي الأميركي لوك سامرز وجنوب أفريقي وبريطاني إلى مكان احتجاز آخر في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن قبل أيام من عملية عسكرية تم خلالها تحرير رهائن أجانب، وقتل عدد ممن كانوا يحتجزونهم.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الأميركية أمس حدوث عملية عسكرية شاركت فيها قوات أميركية ويمنية، استهدفت تحرير رهائن من بينهم الصحافي لوك سامرز، وقالت إنه لم يعثر عليه بين المحتجزين الذين وقع تحريرهم في حضرموت. وأضافت أن واشنطن ملتزمة بسلامة رعاياها، خاصة منهم الذين يرزحون تحت الأسر.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.