الليرة التركية تتلقى ضربة جديدة وتسجل أدنى مستوى منذ منتصف مايو

لا تزال تركيا تواجه مخاطر تمويل خارجية وسط قفزة في التضخم بأكثر من المتوقع (رويترز)
لا تزال تركيا تواجه مخاطر تمويل خارجية وسط قفزة في التضخم بأكثر من المتوقع (رويترز)
TT

الليرة التركية تتلقى ضربة جديدة وتسجل أدنى مستوى منذ منتصف مايو

لا تزال تركيا تواجه مخاطر تمويل خارجية وسط قفزة في التضخم بأكثر من المتوقع (رويترز)
لا تزال تركيا تواجه مخاطر تمويل خارجية وسط قفزة في التضخم بأكثر من المتوقع (رويترز)

تلقت الليرة التركية ضربة جديدة، وتراجعت إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار منذ منتصف شهر مايو (أيار) الماضي، وإلى 6.88 ليرة للدولار في التعاملات المتأخرة الليلة قبل الماضية، وواصلت عند مستوى 6.86 ليرة للدولار في تعاملات أمس (السبت)، على خلفية تحذير وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني من مخاطر تمويل خارجية لا تزال تواجه تركيا.
وذكرت «فيتش»، في تقرير مساء أول من أمس، أن تركيا لا تزال تواجه مخاطر تمويل خارجية، وأن دورة تيسيرها النقدي اقتربت من النهاية، بعد أن قفز التضخم بأكثر من المتوقع.
وحققت الليرة التركية مستوى قياسياً منخفضاً في السابع من مايو (أيار) الماضي، عندما لامست حدود 7.25 ليرة للدولار، ما أعاد أجواء التدهور الذي عانت منه في أغسطس (آب) 2018. والأسبوع الماضي، علق البنك المركزي التركي، على غير المتوقع، دورة تيسير مدتها عام تقريباً، في مواجهة انخفاض 13 في المائة لليرة العام الحالي، وهو ما استنزف احتياطيات النقد الأجنبي، في ظل الالتزامات الخارجية المرتفعة للبلاد.
وقالت «فيتش» إن هناك «احتمالات خفض كبيرة» لتوقعاتها بأن ميزان مدفوعات تركيا سيستقر في النصف الثاني من العام، مشيرة إلى أن الضغوط الخارجية لا تزال تمثل نقطة الضعف الائتمانية الرئيسية لتركيا.
وقفز إجمالي الدين الخارجي لتركيا إلى 431 مليار دولار في نهاية مارس (آذار) الماضي، وبلغ صافي الدين الخارجي للبلاد 256.5 مليار دولار، بما نسبته 33.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات أعلنتها وزارة الخزانة والمالية الأربعاء الماضي.
وتحتاج تركيا إلى تمويل يبلغ 164.6 مليار دولار لسداد ديون قصيرة الأجل تستحق خلال 12 شهراً. وبلغ العجز في الحساب الجاري لتركيا خلال الربع الأول من العام 12.9 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 30 مليار دولار بنهاية العام، وهو ما يعني -وفق تقديرات الخبراء- أن احتياج تركيا من التمويل الخارجي سيصل إلى 195 مليار دولار.
وكان إجمالي ديون تركيا الخارجية قد بلغ 1.4 تريليون ليرة تركية (225.8 مليار دولار) حتى نهاية فبراير (شباط) الماضي، وتلجأ الحكومة التركية إلى الاستدانة من الداخل عبر طرح سندات حكومية لدعم الليرة التركية المتراجعة بقوة أمام العملات الأجنبية.
وجاء تقرير فيتش في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الائتماني أن الاقتصاد التركي سيتعرض لانكماش حاد خلال العام الحالي بسبب أزمة وباء فيروس كورونا، بعدما سبق أن أعلنت، مطلع الشهر الماضي، أنه سينكمش بنسبة 5 في المائة، في تناقض مع تصريحات المسؤولين الأتراك، وفي مقدمتهم وزير الخزانة والمالية برات البيراق الذي أعلن أن «الاقتصاد سيحقق نمواً كبيراً بحلول نهاية العام، يزيد على 5 في المائة».
وذكرت «موديز» أن التضخم في تركيا يواصل الارتفاع، فرغم أن الأسواق المالية حققت استقراراً مؤقتاً خلال عام 2019، فإن مخاوف جديدة ظهرت فيما يتعلق بالشفافية والسياسات أفسدت هذا الاستقرار، وأدت إلى تراجع احتياطات النقد الأجنبي، وزيادة شراء المواطنين للعملات الأجنبية، ما ينذر بهبوط كبير جديد لليرة التركية.
وحذرت الوكالة الدولية من أن تركيا قد تتعرض لأزمة ضخمة في سعر صرف العملة شبيهة بالأزمة التي شهدتها عام 2018، وقد يؤدي الأمر إلى حدوث ظروف مالية صعبة للغاية.
وكانت الليرة التركية قد سجلت خلال عام 2018 أدنى مستوى لها أمام الدولار منذ عام 2001، حيث فقدت 40 في المائة من قيمتها، وبلغ سعر صرف الدولار نحو 7.24 ليرة، بسبب قلق المستثمرين من سياسات الرئيس رجب طيب إردوغان، وضغوطه على البنك المركزي لعدم رفع أسعار الفائدة من أجل الاستمرار في تغذية النمو الاقتصادي، والاعتقاد أن البنك غير مستقل، فضلاً عن توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
وتسببت أزمات العملة والاستثمار في تراجع الثقة بالاقتصاد التركي الذي يواجه اليوم واحدة من أعقد أزماته الاقتصادية والمالية والنقدية، ناجمة عن تراجع الليرة، إضافة إلى هبوط حاد في التجارة الخارجية، ما فاقم أزمة وفرة النقد الأجنبي.
وتراجع مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي خلال يونيو (حزيران) الماضي نتيجة التبعات السلبية لتفشي وباء كورونا في البلاد، وعجز الحكومة عن إدارتها والسيطرة على مناطق الوباء، بنسبة 15.5 في المائة على أساس سنوي، إلى 73.5 نقطة، نزولاً من 87.2 نقطة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وارتفع معدل التضخم إلى 12.62 في المائة خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة بـ11.39 في المائة في شهر مايو (أيار) السابق عليه.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»